اعتراض علي حكم تهريب مخدرات

أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء محكمة الاستئناف بـ……………               سلمهم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الموضوع: لائحة اعتراضية على الصك الصادر من …………………………………….. برقم (……………….) وتاريخ (……………….)، والمتضمن الحكم على موكلي المتهم (………………………..) في القضية المقامة من ……………………..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,,

 

الوقائع:

تخلص وقائع هذه الدعوى فيما أسندته النيابة العامة بمحافظة …………. بصفتها المُدعية بالحق العام ضد مُوكلي (………………………) بارتكاب ما نُسب إليه من اتهامات تتمثل في جلب المواد المخدرة وحيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي وحيازة ذخيرة حية وذلك اعتقاداً منه بوجود أدلة وقرائن أشار إليها في لائحة الدعوى العامة في صفحة رقم (35) من صك الحكم وانتهت في ختامها إلى توجيه الاتهام إلى موكلي مطالباً بتطبيق النصوص الواردة بنظام مكافحة المخدرات، وأننا نحيل في شأن طلبات المدعي العام إلى ما ورد بلائحته حرصاً على وقت فضيلتكم .

 

منطوق الحكم المعترض عليه فيما يتعلق بمُوكلي …………:

“سادسا: ثبت لدينا إدانة المُدعى عليه …………………. بجلب ذات الكمية المهربة من الحشيش المخدر بقصد الترويج وبحيازته ما وزنه (70.5) سبعون جرام وخمسة أعشار الجرام من مسحوق “الميثامفيتامين” المؤثر عقليا والمحظور بقصد التعاطي وتعاطيه لها ولم يثبت لدينا سوى ذلك مما نُسب إليه في الدعوى ورددنا طلب المُدعي العام في ذلك وقررنا رد طلب المُدعي العام بقتله تعزيرا لما تم ذكره في أسباب الحكم وتعزيره لقاء ما ثبتت إدانته به وذلك بسجنه لمدة ثلاثين سنة تحتسب منها مدة إيقافه على ذمة هذه القضية وتغريمه مبلغا ماليا وقدره مائة ألف (………..) ريال يودع في  الخزينة العامة للدولة ومنعه من السفر مدة مماثلة لمدة سجنه بعد انتهاء فترة سجنه. استنادا لما ورد في المادة 37 من نظام مكافحة المخدرات وعقوبته لقاء حيازته لذخيرة حية بدون ترخيص بتغريمه مبلغا ماليا وقدره …………….. استنادا للمادة رقم (40) من نظام الأسلحة والذخائر و مصادرة الأخيرة المضبوطة، وفقا للمادة رقم (50) من  ذات النظام.

 

الأسباب التي بٌني عليها اعتراض مُوكلي:

يخلص ردنا ودفاعنا على ما ذكرته النيابة العامة بلائحة دعواها العامة من قرائن أشارت إليها واتهامات أسندتها لموكلي غير صحيحة جملة وتفصيلاً ، ومن ثم يتمسك موكلي بإنكاره لكافة ما جاء بلائحة الادعاء والتحقيقات، وكافة الاتهامات الموجهة إليه والتي لا تستند إلى دليل يقيني قاطع، وأننا نلتمس من فضيلتكم الحكم بنقض الحكم وصرف النظر عن دعوى النيابة العامة لعدم ثبوت إدانة موكلي في هذه الدعوى للأسباب التالية:-

أولاً: في الشكل:-

صدر الحكم برقم (…………) وتاريخ (…………………..)، وبما أن المدة النظامية للاعتراض على الحكم ثلاثون يوما من تاريخ الحكم فإن الاعتراض يكون مقبولٌ شكلاً لتقديمه في المواعيد النظامية المقررة بنظام الإجراءات الجزائية (م 194).

 

ثانياً: في الموضوع:-

بادئ ذي بدأ فإنه حريا بنا أن نوضح أن الاتهامات المُوجهة إلى مُوكلي تنحصر فيما يلي:-

  • الاتهام بجلب المواد المُخدرة.
  • الاتهام بتعاطي المواد المُخدرة.
  • الاتهام بحيازة ذخيرة دون ترخيص.

 

وحيث أن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى مُوكلي لا سيّما وأنه قد بُني على أسباب غير صالحة جملة وتفصيلا للتعويل عليها في إصدار الحكم بالإدانة, ونظرا لتعدد الاتهامات المُوجهة لمُوكلي, فإن مُوكلي يعترض على هذا الحكم بناء على ما يلي من أسباب, نوجزها فيما يلي:-

أولا) بالنسبة لاتهام مُوكلي بجلب المواد المُخدرة:-

  • بطلان تسبيب الحكم الصادر ضد مُوكلي بثبوت إدانته بذلك الاتهام:-

من خلال الاطلاع على صك الحكم, يتضح لنا أن الدائرة قد ساقت – في سبيل سعيها لتبرير حكمها بثبوت إدانة مُوكلي بهذا الاتهام – جُملة من الأسباب, التي يمكن بيانها على النحو التالي:-

  • ما جاء في شهادة الشهود المدون نصها سابقا.
  • اعتراف مُوكلي تحقيقا بعائدية الرقم (……………….) له.
  • حضور مُوكلي لمسرح الجريمة لأخذ الكمية المهربة من المتلقي محمد السالم مما يدل على جلبه لها.
  • ما قرره أهل العلم من أن الأخذ بالقرائن أمر معتبر شرعا وفقا لقرار المحكمة العليا ذي الرقم (۳۸/م) و تاریخ ………………. المتضمن “لا تقيد سلطة المحكمة في إثبات الإدانة بوسائل إثبات محددة و إنما تثبت الإدانة بكل الوسائل التي توجه لدى المحكمة الاقتناع بارتكاب المتهم للجريمة وفقا للأدلة المقدمة إليها “.

وفي ضوء ما سبق, وحيث أن هذه الأسباب لا تصلح للاستناد عليها ولا تكفي لإثبات إدانة مُوكلي أبدا, فإننا سنتناولها بالنقد لبيان وجه النقص فيها, وذلك على النحو التالي:-

 

  • التسبيب الأول للحكم: ما جاء في شهادة الشهود المدون نصها سابقا:-
  • المنـــــــــــــــــاقشة:-

حيث أن الدائرة مُصدرة الحكم, قد استندت – أول ما استندت – على شهادة من وصفتهم بأنهم “شهود” فضلا عن أنها قد جمعتهم في بوتقة واحدة, إذ لم تُفرق بين شهادة “أعضاء الفرقة القابضة” وشهادة المتهم “…………..”, وبالنظر إلى أن كل هذه الشهادات – بافتراض صحة هذا الوصف عليها – لا تصلح للاستناد إليها, فإنه حريا بنا تفصيل الرد عليها, وذلك على النحو التالي:-

  • بالنسبة لشهادة أعضاء الفرقة القابضة:-

إن أعضاء الفرقة القابضة الذين حضروا للشهادة, هم ثلاثة أفراد وهم كلا من المدعو (………………) و المدعو (………………………) والمدعو (………………………) وسنتناول شهادة كل واحد فيهم لبيان عدم جواز الاستناد عليها, على النحو التالي:-

  • بالنسبة لشهادة السيد (…………………………):-

حيث أن ثمة أوجه عديدة تؤكد وجوب نقض هذه الشهادة وعدم الالتفات إليها واعتبارها كأن لم يكن, وسنوضح ذلك على النحو التالي:-

 

  • أن شهادة الشاهد لم تكن شفهية, وهو ما يمثل مخالفة لما نصت عليه المادة رقم (124) من نظام المرافعات الشرعية, والتي نصت على أن (تؤدى الشهادة شفهيا ولا يجوز الاستعانة بمذكرات مكتوبة إلا بإذن القاضي وبشرط أن تسوغ ذلك طبيعة الدعوى…) إ.هـ, إلا أن شهادة الشاهد المذكور, لم تكن شفهية كما أنه لم يثبت في الصك أن الدائرة الموقرة قد أذنت في قبولها مكتوبة, ويتضح كون هذه الشهادة لم تكن شفهية, من خلال دقة البيانات والمعلومات التي أدلى بها الشاهد والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بمجرد الاستدعاء من الذاكرة, فالشاهد المذكور قد أدلى بأرقام جميع الهواتف على وجه الدقة, وكذلك الأمر بالنسبة للمبالغ والتواريخ وأرقام لوحات السيارات, فكل هذه الأمور أدلى بها الشاهد على نحو دقيق, متفقا مع ما ورد في محضر التحقيق, الأمر الذي يؤكد أن هذه الشهادة ليست الا نسخة مطبوعة من محضر التحقيق حتى يضمن الشاهد عدم وجود أي تعارض بين شهادته وبين ما ضُبط تحقيقا, مما يُفقد هذه الشهادة حجيتها في الإثبات لأن الشهادة تؤدى شفهية كما لم يتوافر فيما نحن بصدده شروط أدائها مكتوبة.

 

  • ذكر الشاهد في مضمون شهادته المضبوطة نصا في صك الحكم, وتحديد في السطر رقم (18) من الصفحة رقم (30) ما يلي (فطلب المُدعى عليه ……………… من المُدعى عليه ……………….. أن يحضر له مقابل مجمع العثيم بالمبرز لكي يستلم الكمية المهربة منه ويعطيه أجرة المهرب) إ.هـ, فمن المفترض – وفقا لما ورد في مضمون الشاهد – أن مُوكلي كان ذاهبا لاستلام البضاعة ودفع أجرة المهرب والتي تفوق في حد ذاتها عن مبلغ (………………) ريال, إلا أن الثابت ومن واقع شهادة الشاهد ذاته, أن مُوكلي لم يُعثر معه على أية أموال عند القبض عليه, ويتضح ذلك جليا من خلال ما ذكره الشاهد بنفسه في شهادته, وتحديدا في السطر رقم (24) من الصفحة رقم (30) إذ جاء فيها (وبتفتيشه عُثر معه على جوال نوع (آيفون) يحمل الشريحة رقم “……………….”) إ.هـ, الأمر الذي يطعن في صحة شهادة هذا الشاهد ويؤكد أنها مجرد أقوال مُرسلة مُتفقة مع ما ورد في محضر الضبط والذي كان هو بنفسه أحد القائمين على إعداده, إذ أن من المفترض أن هذه المكالمة الهاتفية المزعومة التي جرت بين مُوكلي وبين المدعو “………………..” قد تمت بناء على طلبه وتحت سمعه وبصره, في حين أنه هو نفسه من جاء بما يخالف ما ذكره, وإذ قيل أن مُوكلي كان ينوي سداد المبلغ بموجب شيك مثلا فهذا مردود عليه بأنه لم يُعثر مع مُوكلي على أية شيكات, فضلا عن أن “الأحكام الجزائية تُبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين” إ.هـ, كما أن “الشك يُفسر لصالح المُتهم“إ.هـ, مما يتضح معه مدى هشاشة مضمون تلك الشهادة وعدم حجيتها.
  • ذكر الشاهد أيضا في مضمون شهادته, وتحديدا ما ورد في السطر رقم (18) من الصفحة رقم (30) ما يلي (وأثناء عملية المراقبة شوهد شخص مترجلا يمسح الموقع ويلتفت يمنة ويسرة ويتضح من خلال تحركاته الحذر الشديد) إ.هـ, حيث أثبت الشاهد في مضمون شهادته أن مُوكلي قد ذهب للمدعو “…………….” مُترجلا, في حين أنه من المفترض أنه ذاهب لاستلام المواد المُخدرة – بموجب ما ورد في شهادة الشاهد – والسؤال الذي يثور تلقائيا الآن: كيف يُمكن لمُوكلي أن يذهب لاستلام البضاعة مُترجلا؟! وكيف سيتسنى له حمل هذه الكمية من المواد المُخدرة والسير بها مُترجلا؟! مما يؤكد أن هذه الشهادة فاقدة لحجيتها تماما بحق مُوكلي, ولا يجوز التعويل عليها لإثبات إدانته, لعدم تصور حدوث ذلك عقلا.

وجود مصلحة للشاهد في إثبات الجريمة لكونه من بين الذين قاموا على إعداد المحضر وعدم ثبوت الجريمة يعرضهم جميعا للمسائلة الجنائية وكذا الحق الخاص فضلاً عن الامتيازات من الثناء عليهم من جهة عملهم ومكافأتهم على ذلك وفضلاً عن كونهم هم أصحاب الأدعاء, ومن المستقر عليه في القواعد الشرعية أنه لا يجوز لأحد اصطناع بينة لمصلحته ليحتج بها على غيره, لذا فمثار الشك والريبة يحوم حولهم ومن ثم كان يتعين على المحكمة طرح شهادتهم عملاً بقول الله تعالى (ذلكم اقسط عند الله وأقوم للشهادة وادني إلا ترتابوا..) ، والريبة تأتي مع التهمة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه) كما ورد في كتاب (المغني) لابن قدامة “كتاب الشهادات مسألة (8375)” ما يلي (ولا تقبل شهادة خصم، ولا جار إلى نفسه، ولا دافع عنها) أما الخصم ، فهو نوعان ; أحدهما ، كل من خاصم في حق لا تقبل شهادته فيه كالوكيل لا تقبل شهادته فيما هو وكيل فيه ، والثاني ، العدو ، فشهادته غير مقبولة على عدوه ، في قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن ربيعة ، والثوري ، وإسحاق ، ومالك ، والشافعي . ويريد بالعداوة هاهنا العداوة الدنيوية ولأن العداوة تورث التهمة . فتمنع الشهادة ،، وشهادة العدو على عدوه يقصد بها نفع نفسه، بالتشفي من عدوه)إ.هـ ، فالشاهد لا بد أن يكون محايدا ليس له علاقة تميل كفتها لأحد أطراف النزاع لمصلحة له ظاهرة مما يدفعه للانحياز، فالشاهد لا يصدق عليه وصف الحياد لا سيّما وأنه تابع للجهة القابضة, علما بأنها – على فرض الأخذ بما ورد في مضمونها – فإنها مليئة بالقرائن القوية التي تؤكد عدم مصداقية ما ورد فيها, فضلا عن أنها لا ينطبق عليه لفظة شهادة بمعناها المعروف شرعا ونظاما، وإنما كانت عبارة عن ترديد لكلام مكتوب، مما يتوجب معه عدم الأخذ بها أو الالتفات إليها.

  • بالنسبة لشهادة السيد (………………………………..):-
  • التضارب بين ما ورد في مضمون شهادة الشاهد وما ورد في مضمون شهادة (………………………):-

حيث ذكر الشاهد (……………………) في مضمون شهادته المضبوطة في صك الحكم نصا, وتحديدا ما ورد منها في السطر رقم (22) من الصفحة رقم (32) ما يلي (تم مشاهدة ……………… وهو مُترجلا ومتوجه إلى السيارة الخاصة ……………… وعند اقترابه منها ولمسه لفتحة الباب الخلفي الأيمن شك بالوضع لمشاهدته رجل الأمن الذي بالسيارة) إ.هـ إذ ذكر الشاهد المذكور أن رجل الامن كان مُرافقا للمدعو (………………..) بالسيارة, وهو ما يخالف ما ورد في مضمون شهادة السيد (…………………..) والذي أكد أن سبب ارتياب مُوكلي المزعوم وتردده في ركوب السيارة, هو مرور رجل بالقرب منه, ويتضح ذلك جليا من خلال ما ورد في مضمون شهادته وتحديدا ما ورد منها في السطر رقم (22) من الصفحة رقم (30) إذ ورد فيها (وعندما حاول الركوب شاهد شخص مترجلا بالقرب منه فشك في الوضع وقام بالابتعاد عن المركبة) إ.هـ, ولا شك أن التضارب الواضح بين الشهادتين يطعن بشكل صريح في حجيتها ويُوجب عدم الالتفات إليها لما تقرر شرعًا من أنه (لا حجة مع التناقض) إ.هـ

  • وجود مصلحة للشاهد أيضا على النحو الذي أوردناه تفصيلا أعلاه في معرض ردنا على شهادة الشاهد (………………) ونحيل إليه منعا للتكرار.
  • بالنسبة لشهادة السيد (…………………….):-

إن شهادة الشاهد المذكور قد خلت تماما وكليا من أي ذكر لمُوكلي على نحو ما ورد في مضمونها المضبوط في صك الحكم وتحديدا بداية من السطر رقم (2) إلى السطر رقم (16) في الصفحة رقم (33), ولا نعلم الوجه الذي استند إليه أصحاب الفضيلة لعدّهم لهذه الشهادة كأحد أدلة الإدانة الثابتة بحق مُوكلي رغم أنها لم تأت على ذكره من قريب أو بعيد.

  • بالنسبة لشهادة المُتهم (……………….):-

 

  • عدم جواز قبول شهادة المُتهم ………….نظاما لكونها غير قضائية للإدلاء بها أمام جهة القبض“:-

حيث أنه بمطالعة أوراق الدعوى وصك الحكم كاملا, يتضح لنا أن المُتهم (……………….) لم يُقر بعلاقة مُوكلي بهذه الدعوى من قريب أو بعيد, سوى من خلال ما ورد في محضر القبض المُعد بمعرفة “شعبة مكافحة المخدرات” في حين أنه لم يُدل بأي أقوال يثبت من خلالها علاقة مُوكلي بهذه الدعوى من قريب أو بعيد لدى جهة التحقيق “النيابة العامة” وبغض النظر عن الوصف الصحيح لهذه الأقوال, وهل هي بمثابة “إقرارا” أم “شهادة” فإنه لا يوجد ثمة فارق بين الوصفين, إذ تظل حجيتها معدومة في الحالتين, فلو افترضنا أنها “إقرار” فهي لا يجوز الأخذ بها, لأن الإقرار ينبغي – لكي يؤخذ به – أن يكون قضائيا, وهو ما أكدته الفقرة رقم (1) من المادة رقم (108) من نظام المرافعات الشرعية, وعاد ليؤكده مرة أخرى مجلس القضاء الأعلى في التعميم الصادر عنه بتاريخ ………………,  والذي جاء فيه ما يلي ما يلي (فإذا لم يكن الإقرار حاصلًا أمام القضاء فلا يعد إقرارًا قضائيًا وتجري عليه أحكام الإثبات الشرعي، وفقًا لما نصت عليه المادة (108/3) من اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، ويكون ضمن أدلة الدعوى المنصوص على كيفية التعامل معها في المادة (162) من نظام الإجراءات الجزائية) إ.هـ, فضلا عن كون (الإقرار حجة على المقر لا يتعداه إلى غيره) إ.هـ, فالإقرار أمام “جهة التحقيق” لا يُقبل ومن باب أولى ألا يُقبل إذا كان الإدلاء به قد تم أمام “جهة القبض”, كما أننا إذا افترضنا أن هذه الأقوال – التي جرت أمام جهة القبض وليست جهة التحقيق – بمثابة “شهادة”, فإنها تظل غير مقبولة أيضا, فمن الناحية النظامية, فقد نصت المادة رقم (168) من نظام الإجراءات الجزائية على أن (تُؤَدَّى الشهادة في مجلس القضاء، وتُسمع شهادة كل شاهد على حدة …) إ.هـ, ومن الناحية الشرعية, فإننا لو اعتبرناها شهادة فإنها تظل غير مقبولة أيضا إعمالا لما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين) إ.هـ, والظنين هو المتهم, وهو ما يدحض حجية هذه الشهادة بحق مُوكلي, لكون الأخذ بها مُخالفا للشرع الحنيف, وقد نص النظام الأساسي للحكم في مادته الأولى على وجوب مراعاة أحكام الشرع الحنيف, إذ جاء فيها (المملكة العربية السعودية، دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم…) إ.هـ.

  • أن المُتهم (………………….) قد أثبت براءة مُوكلي وعدم صلته بهذه الدعوى, بموجب إقراره الذي أدلى به أمام الدائرة التي أصدرت الحكم:-

 

حيث يتضح ذلك جليا من خلال ما ورد في شهادة المُتهم (………..) المضبوطة في صك الحكم وتحديدا في السطر رقم (11) من الصفحة رقم (31) من صك الحكم والتي جاء فيها (ثم اتصل بي فارس الزين وكنت قد اتفقت معه قبل القبض عليّ على الذهاب إلى دبي لشراء ماكينة سيارة وكان أعضاء المكافحة يقولون لي أحضر لنا ………….. وطلبوا مني إحضاره لدى سوق العثيم ولما وصلت إلى السوق رأيت …………. يمشي على قدميه ووصل إلى سيارتي وقبض عليه وضربوه وذهبوا بنا إلى المكافحة وطلب من الشاهد هذا الحاضر أن أقول إن البضاعة …….. حتى نخرجك) إ.هـ, وهو ما يؤكد براءة ذمة مُوكلي من هذا الاتهام بموجب إقرار قضائي صحيح ومُعتبر من المتهم (……………….) أدلى به أمام الدائرة الموقرة, ولا ينال من ذلك أنه قد أقر بعكس ذلك أمام “شعبة مكافحة المخدرات” لكون إقراره لديها ليس إقرارا قضائيا, فإذا كانت الإقرارات أمام النيابة العامة تُرد ولا تُعتبر قضائية إلا غذا تم تصديقها, فمن باب أولى ألا يُلتفت لهذه الأقوال التي يتم الغدلاء بها أمام جهة القبض, وهذا من ناحية, ومن ناحية أخرى فإن المبدأ القضائي رقم (2290) قد نص على  أن (الإقرار إذا كان لحق خاص لا يقبل الرجوع فيه، وإذا كان في حق الله قبل الرجوع فيه) إ.هـ, وهو ما يؤكد براءة ذمة مُوكلي من هذه الدعوى بشتى الأحوال.

  • التسبيب الثاني للحكم: اعتراف مُوكلي تحقيقا بعائدية الرقم (………………) له:-
  • المنـــــــــــــــــــاقشة:-

 

في حقيقة الامر, فإننا لم ننجح في بيان مدلول ذلك الاعتراف – من وجهة نظر الدائرة – للاستناد إليه في الحكم على مُوكلي بثبوت إدانته بما نُسب إليه, إذ لم يُقدم المُدعي بالحق العام أية تسجيلات صادرة من وإلى هذا الرقم الذي أقر مُوكلي بملكيته, ليتضح من خلالها الاتفاق على جلب أو ترويج المواد المُخدرة, مما يُفقد إقرار مُوكلي بملكيته للرقم المذكور, لأية حجية في مواجهته يثبت من خلالها إدانته.

  • التسبيب الثالث للحكم: أن حضور مُوكلي لمسرح الجريمة لأخذ الكمية المهربة من المتلقي ……….. دليل على جلبه لها:-
  • المنـــــــــــــــــــاقشة:-

 

يتضح من خلال هذا التسبيب, أن الدائرة الموقرة – التي أصدرت الحكم محل الاعتراض عليه – قد تبنت الرواية التي ساقتها “شعبة مكافة المخدرات” ومن بعدها “النيابة العامة” لأحداث ووقائع تلك الدعوى, دون فحص وتدقيق, وهو ما يمثل تخليا من المحكمة عن دورها في الرقابة على صحة الإجراءات التي صاحبت مرحلة الاستدلال والتحقيق, وذلك لأن القول بأن (حضور مُوكلي لمسرح الجريمة كان بغرض أخذ الكمية المهربة) إ.هـ والذي لم يقل به سوى أعضاء الفرقة القابضة, يتنافى عقلا ومنطقا مع حضور مُوكلي مُترجلا ولا يحمل أية أموال لسداد أجرة المهرب حسب ما زعم أعضاء الفرقة القابضة, وهو ما تم إيضاحه بجلاء أعلاه في معرض الرد على شهادة أعضاء الفرقة القابضة, وعلى الجانب الآخر فإن أقوال المدعو (………………..) بشأن أسباب حضور مُوكلي إليه, تبدوا أكثر اتساقا ومنطقية مع العقل والمنطق, بالنظر إلى أن مُوكلي قد حضر مُترجلا, حيث ذكر المُدعى عليه (………………) في أقواله المضبوطة في صك الحكم وتحديدا في السطر رقم (11) من الصفحة رقم (31) من صك الحكم ما يلي (ثم اتصل بي ……………… وكنت قد اتفقت معه قبل القبض عليّ على الذهاب إلى دبي لشراء ماكينة سيارة وكان أعضاء المكافحة يقولون لي أحضر لنا ……………… وطلبوا مني إحضاره لدى سوق العثيم ولما وصلت إلى السوق رأيت …………. يمشي على قدميه ووصل إلى سيارتي وقبض عليه وضربوه وذهبوا بنا إلى المكافحة وطلب من الشاهد هذا الحاضر أن أقول إن البضاعة ل…………. حتى نخرجك) إ.هـ, وبالنظر إلى أن مُوكلي قد حضر مُترجلا فإن ذلك يُرجح من كفة أقوال المدعى عليه “…………….” بشان سبب حضوره, إذ كان يظن مُوكلي أنه سيسافر برفقته إلى دبي لشراء ماكينة سيارة لصالحه – أي ……………….. – بالنظر إلى أن مُوكلي ذو خبرة واسعة لكونه يعمل بالميكانيكا, وهو ما يؤكد أن استنتاج “الفرقة القابضة” للسبب من وراء حضور مُوكلي انما هو محض خيال لا يتسق مع الواقع, وقد ثبت خلافه – بالنظر إلى الصورة التي حضر عليها مُوكلي – وقد نصت المادة رقم (157) من نظام المرافعات الشرعية على أن (لكل من الخصوم أن يثبت ما يخالف القرينة التي استنتجها القاضي, وحينئذ تفقد القرينة قيمتها في الاثبات) إ.هـ.

  • التسبيب الرابع للحكم: عدم إثبات المدعى عليهم مشروعية مصدر الأموال التي بحوزتهم وأن ثبوت إدانتهم بتلقي وجلب وتهريب المواد المخدرة يدل على عدم مشروعيتها مما يلزم مصادرتها.
  • المنــــــــــــــــــــــــــاقشة:-

 

إن تناول هذا التسبيب بالتحليل مُجردا في حد ذاته, يؤكد عدم صلاحه للاستناد عليه في اثبات إدانة مُوكلي مما نُسب إليه إذ ليس من المعقول أو المقبول أن يُنظر لكل من حاز أموالا على أنه قد حازها بشكل غير مشروع, وإلا لأُهدرت كل قيم العدالة ولأُدرج غالب الناس تحت مظلة الإتهام بداعي حصولهم على هذا المال من طريق غير مشروع, إلا أن الدائرة الموقرة قد أعزت ذلك التسبيب إلى تسبيب آخر لإضفاء مشروعية زائفة عليه, ويتمثل هذا التسبيب الآخر فيما قررته الدائرة بأنه قد ثبت لديها إدانة مُوكلي بما نُسب إليه من جلب وترويج للمخدرات, وبالتالي فإن ثبوت إدانته يقيم القرينة على أن هذا المال نتاج عمليات الجلب والترويج المزعومة, وهو أمر غير صحيح على الإطلاق, إذ أن ثبوت إدانة مُوكلي لدى الدائرة هو في الأساس أمرا محل نظر, لا سيّما وأن الدائرة قد ثبت لديها إدانة مُوكلي بناء على قرائن قد بلغ منها الوهن والضعف ما بلغ – بموجب ما تم تناوله أعلاه – وبالتالي فلا يجوز افتراض عدم شرعية الأموال بناء على ثبوت الإدانة لأن الأصل – وهو ثبوت الإدانة – غير ثابت بل إن نفي الإدانة أولى من اثباتها على هذه القرائن الضعيفة والواهية, ومن المعلوم أن (ما بُني على باطل فهو باطل) إ.هـ مما يتضح معه بطلان الاستناد على هذا التسبيب لبطلان الأصل الذي استند عليه.

  • التسبيب الخامس للحكم:- ما قرره أهل العلم من أن الأخذ بالقرائن أمر معتبر شرعا وفقا لقرار المحكمة العليا ذي الرقم (۳۸/م) و تاریخ ……………………..:-
  • المنــــــــــــــــــــــــــاقشة:-

 

  • أنه على فرض جواز التعزير مع الشبهة، فإن ضابط (ثبوت التعزير مع الشبهة أو التهمة) موقوف على الشبهات والقرائن القوية المؤكدة لا القرائن أو الأمارات المحتملة:-

نظرا للأهمية القصوى والبالغة لهذا الدفع, فإنني أود أن أتناوله لفضيلتكم بمزيد من التوضيح وفقا لما يلي:-

  • أن القرائن القوية وحدها هي التي يجوز ثبوت التعزير بموجبها:-

فكما هو معلوم لدى فضيلتكم فإن القرائن لا يخلو حالها أو وصفها من ثلاثة أمور، فإما أن تكون قرائن قوية أو أن تكون قرائن ضعيفة أو بين هذه وتلك، فإن كانت القرائن قوية فعندئذ فإنها تكون مُوجبة للأخذ بها والُحكم بمقتضاها بموجِب التعزير، أما إن كانت تلك القرائن ضعيفة فهي ولا شك أجدر بأن يُلتفت عنها، أما إن كانت القرائن متوسطة الحال بين القوية والضعيفة، فقد رسم الفقهاء طريقا للتعامل مع تلك القرائن وهو الاستظهار فإن لم يؤد هذا الاستظهار إلى شيء، فعندئذ يتم اعتبار القرينة المتوسطة هي والعدم سواء.

وتقسيم القرائن لهذه الأنواع الثلاثة قال به كثيرا من الفقهاء، ومن ذلك ما ورد في كتاب (الطرق الحُكمية 178) لابن القيم رحمه الله حيث ورد فيه قوله (والمعول في ذلك على القرائن، فإن قُويت حُكم بموجبها وإن ضَعُفت لم يُلتفت إليها، وإن توسطت: طلب الاستظهار، وسلك طريق الاحتياط) إ.هـ وطريق الاحتياط يُقصد به اعتبار البينة المُتوسطة كالمعدومة وذلك مصداقا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) فقد استدل ابن السُبكي بهذه الآية الكريمة على الاحتياط وذلك في كتابه (الأشباه والنظائر 1/110) حيث قال فيه (فلا يُخفى أنه أمر أي الله تعالى في هذه الآية الكريمة باجتناب بعض ما ليس بإثم خشية من الوقوع فيما هو إثم، وذلك هو الاحتياط)إ.هـ.

وهذا المبدأ المذكور أعلاه – أن التعزير بالشبهة موقوف على القرائن المؤكدة التي ترقى حد اليقين دون غيرها – قد أقرته أيضا مجلة الأحكام العدلية في مادتها رقم (1740) حيث عدت فيها القرينة القاطعة أحد أسباب الحكم، ثم عرفت مفهوم (القرينة القاطعة) في المادة رقم (1741) حيث جاء تعريفها كما يلي (هي الأمارة البالغة حد اليقين) إ.هـ.

  • أن القرائن الضعيفة أو الأمارات المحتملة لا يثبت بموجبها التعزير بالشبهة:-

 

فلا يخفى على علم فضيلتكم أن الأمارة المحتملة لا تعدوا أن تكون مُجرد قرائن ضعيفة، لا يُبنى على مثلها حُكم وإلا لكان الأصل في الناس الاتهام وليس البراءة، ولذهب المعروف بين الناس تحرزا من عواقب بذله، ولقطّع المرء صلاته حذرا من أن تكون الصلة سبب بلاء، ولا شك أن هذا ليس أبدا هو مقصود الشارع، فالاسترسال مع القرائن الضعيفة يُوقع حتما في الظلم وتجريم البريء، يقول ابن القيم في كتابه (الطرق الحُكمية) عن القرائن ما يلي (إن توسع فيها وجعل معوله عليها، دون الأوضاع الشرعية، وقع في أنواع من الظلم والفساد) إ.هـ

وقال أيضا في موضع آخر ما يلي: (الحبس عقوبة، والعقوبة إنما تسوغ بعد تحقق سببها، وهي من جنس الحدود، فلا يجوز إيقاعها بالشبهة، بل يتثبت الحاكم) إ.هـ

كما ورد أيضا عن العز بن عبد السلام رحمه الله في كتابه (قواعد الأحكام 2/32) ما يلي (الأصل براءة ذمته أي المُسلم من الحقوق، وبراءة جسده من القصاص والحدود والتعزيرات) إ.هـ

وهو ما يتفق مع ما قرره مجلس القضاء الأعلى بهيئته الدائمة في المبدأ ذي الرقم (6/259) وتاريخ ……………….. والذي جاء فيه ما نصه (أن الأصل البراءة ولا يسوغ ترك هذا الأصل إلأا بدليل أقوى منه)إ.هـ وكذلك ما ورد في المبدأ ذي الرقم (4/230) وتاريخ ……………….. والذي جاء فيه ما نصه (إذا لم تؤدي البينات إلى يقين وغلى غلبة ظن فلا يمكن أن يُبنى الحكم عليها, لأن الأصل البراءة حتى يثبت ما يزيلها) إ.هـ, فإن كان هذا – براءة الإنسان – هو الأصل فلا شك أن هذا الأصل لا يُنتقل عنه بقرائن ضعيفة أو واهية ولا يُقدم ظاهر متوهم أو ضعيف عليه، فاليقين لا يزول بالشك.

فقد يقول قائل إذا: أليس هناك تعارض بين الأمرين، فتارة يثبت العلماء التعزير بالشبهة وتارة أخرى ينفون التعزيز بالشبهة؟ وفي الحقيقة فإنه لا يوجد أي تعارض بين الأمرين، فالنصوص التي تنفي ثبوت العقوبة بالشبهة محمولة على الشبهة التي هي في مرتبة الشك أو الأمارات الضعيفة مقابل أصل البراءة المُفترض في الإنسان، فلا يجوز حينئذ العمل بالشبهة ولا تقوى على دفع أصل البراءة.

أما النصوص التي تثبتها محمولة على الشبهة التي هي في مرتبة الشك مُقابل ظن غالب في قيام مُوجب التعزير، فيجوز حينئذ عدم الالتفات للشبهة ويُعمل بالظن الغالب المُوجب للتعزير.

  • أن القرائن التي استندت عليها الدائرة الموقرة في توقيع العقوبة على مُوكلي، قرائن ضعيفة ولا تعدوا كونها أمارات محتملة يتوجب الالتفات عنها وعدم الأخذ بها لإثبات التعزير وفقا لما ذكره الفقهاء وما تم توضيحه أعلاه:-

 

وفقا لما هو ثابت في صك الحكم، فإنه يتضح لنا أن الدائرة الموقرة، قد اعتمدت على قرائن أربعة, تتمثل في (شهادة الشهود) و (حضور مُوكلي إلى المتهم “………..” باعتبار ذلك قرينة على جلبه للمخدرات) فضلا عن (إقرار مُوكلي بعائدية رقم الجوال المذكور له) ختاما بـ (وجود بعض الأموال لدى مُوكلي بمنزله) ولا شك أن هذه القرائن ضعيفة حد العدم – بموجب ما تم تناوله في مناقشتها أعلاه – الأمر الذي كان يتوجب معه الالتفات عنها وعدم الأخذ بمقتضاها في الحكم على مُوكلي وذلك استنادا لما ورد في الآراء الشرعية التي تم إيرادها أعلاه.

فبالنسبة للقرينة الأولى (لشهادة الشهود): فقد تناولناها بما يُثبت ضعفها, فأوضحنا مدى التضارب الفج فيما بينها تارة, كما أوضحنا عدم جواز الارتكان عليها شرعا ونظاما تارة أخرى, إضافة إلى ما أوضحناه من عدم معقولية ما ورد فيها منطقا أو عقلا تارة ثالثة, نظرا لكون مُوكلي قد حضر مُرتجلا فضلا عن أنه لم يكن بحوزته أية أموال بالرغم مما ذُكر في مضمون تلك الشهادات بأنه قد اتفق مع المدعو “…………….” على الحضور إليه لاستلام المواد المخدرة وتسليمه أجرة المُهرب.

 

أما بالنسبة للقرينة الثانية (حضور مُوكلي إلى المدعو ………………“): فإن ما استنتجه الشهود – أعضاء الفرقة القابضة – وحذت فيه الدائرة حذوهم, بأن مُوكلي قد حضر لاستلام المواد المخدرة وسداد أجرة المُهرب, فإننا قد أوضحنا أن ذلك الاستنتاج إنما هو محض خيال لا يتسق عقلا أو منطقا, فكيف لمُوكلي أن يحضر لاستلام المواد المخدرة مُرتجلا بلا سيارة لنقلها, وكيف سيسدد أموال المهرب – حسبما ورد في شهادة الشهود – بالرغم من أنه لم يُعثر معه على أية أموال إبّان قيام الفرقة القابضة بتفتيشه, مما يؤكد أن هذه القرينة ضعيفة يجوز إثبات عكسها, وهم ما حدث بالفعل بموجب ما ورد في إقرار المدعو “محمد السالم” أمام الدائرة الموقرة والتي أوضح فيها السبب الحقيقي لحضور مُوكلي إليه.

أما القرينة الثالثة (إقرار مُوكلي بعائدية رقم الجوال له): فقد أوضحنا أعلاه عدم اشتمالها على ثمة ما يُمكن أن يُستدل منه على أي دليل إدانة لإثبات إدانة مُوكلي بما نُسب إليه, لا سيّما وأنه لم يتم تقديم أي تسجيلات للمكالمات المزعومة سواء كانت صادرة من هذا الرقم أو واردة إليه.

أما القرينة الرابعة (وجود بعض الأموال بمنزل مُوكلي): فقد أوضحنا أنها في حد ذاتها لا تُعد قرينة, وإلا لأُ÷درت كل قيم العدالة وأصل البراءة المُفترض في الإنسان, كما أن خروج الدائرة من ذلك المأزق بإسنادها إلى ثبوت إدانة مُوكلي بالترويج, محل نظر لأن ثبوت الإدانة ذاته فيه نظر لا سيّما وأنها ثبتت بموجب قرائن واهية وضعيفة ولا يمكن الاستناد عليها – شرعا – لإثبات الإدانة.

لـــــــــــــــــــــــــــــــــذا

ومن كل ما سبق أعلاه، فإنه يتضح لفضيلتكم أن إباحة الفقهاء للحكم بثبوت الشبهة مُقيد بكون هذه الشبهة قوية بما يكفي إلى أن ترقي لحد اليقين، وقد أوردت لفضيلتكم بعضا من النصوص الشرعية التي دلت على هذا الأمر، أما الشبهة الضعيفة، فهي لا ينبغي أن يُلقى لها بالا ولا يُعاقب إنسان بالاستناد عليها لا سيّما وأن الأصل براءة الذمة، وفي الأخذ بالشبهة الضعيفة أثر في ذهاب المعروف بين الناس تحرزا من عواقب بذله، وحسا للمرء على قطع صلاته حذرا من أن تكون الصلة سبب بلاء، فلن يقف صاحب سيارة لمن يلوح له بيديه أبدا خوفا من أن يكون هذا الرجل مُتهم بشيء فيتورط معه في ذات التهمة بشبهة ضعيفة، ولرفض المرء أن يُبقي الأمانة لديه خوفا من أن تكون مسروقة فيُتهم بسرقتها أو إخفاء المسروقات، وعلى ذلك نقيس آلاف الأمثلة، التي تتعارض مع مبدأ الأصل براءة الذمة التي أرسته شريعتنا السمحاء والتي لا يُتنازل عنه إلا ببينة أو تهمة قوية ترقى إلى حد اليقين، وليس بمجرد شبهة ضعيفة حد العدم، وقد أوردت لفضيلتكم بعضا من النصوص الشرعية التي دلت على وجوب الالتفات عن مثل تلك التهمة الضعيفة لكونها معدومة، كما تناولت بالتوضيح أوجه ضعف تلك الشبهة التي استندت إليها الدائرة الموقرة في إصدار هذا الحكم محل الاعتراض عليه، وهو ما يتوجب معه – بإذن الله – الالتفات عنها ووجوب نقض هذا الحكم وإعادة نظر الدعوى والحكم ببراءة مُوكلي مما نُسب إليه زورا.

  • بطلان إجراءات القبض والتفتيش لحدوثهما في غير حالات التلبس وبدون إذن من النيابة العامة بالمخالفة لنصوص المواد (35- 42) من نظام الإجراءات الجزائية:-

حيث أن المادة رقم (35) من ذلك نظام الإجراءات الجزائية قد نصت على انه (في غير حالات التلبس بالجريمة، لا يجوز القبض على أي إنسان أو توقيفه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك) إ.هـ, وقد حددت المادة رقم (30) تلك الحالات – أي حالات التلبس – التي يجوز فيها القبض دون إذن, دون أن تشمل مُوكلي أيا من تلك الحالات, حيث نصت تلك المادة على أنه (تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها، أو عقب ارتكابها بوقت قريب, وتعد الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه شخصاً، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى ، يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك) إ.هـ

بالإضافة إلى أن هذا القبض قد تم دون الحصول على إذن من النيابة العامة بالمخالفة للمادة (42) من نظام الإجراءات الجزائية والتي نصت على أنه (لا يجوز لرجل الضبط الجنائي الدخول إلى أي مكان مسكون أو تفتيشه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، وبأمر مسبب من هيئة التحقيق والادعاء العام، وما عدا المساكن فيكتفي في تفتيشها بإذن مسبب من المحقق) إ.هـ. وبإنزال أحكام النظام على ما نحن بصدده, نجد أن مُوكلي قد قُبض عليه وتم تفتيش منزله بالمخالفة للأحكام والإجراءات النظامية الواجب إتباعها, فلا هو قُبض عليه بعدما توافرت بحقه أحد حالات التلبس, ولا هو قد قُبض عليه بعد الحصول على إذن من النيابة العامة بذلك, وذات الأمر بالنسبة لتفتيش المنزل, الأمر الذي يؤكد بطلان هذه الإجراءات بطلانا مُطلقا لحدوثها بالمخالفة للنظام, وقد يقول قائل أن مُوكلي قد قُبض عليه مُتلبسا – باعتبار أنه قد ذهب لمقابلة المدعو “……………” – وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق, لسبب بسيط وهو: أن المدعو “……………………” قد أعطى تفسيرا منطقيا لسبب ذهاب مُوكلي لمقابلته, كما أن جهة القبض لم تذكر أن مُوكلي قد استلم البضاعة بل ونظرا لعلمها بأنه لم يكن يدري عن هذه المواد المخدرة بالأساس, فقد تحايلت على ذلك بالقول أن مُوكلي قد ارتاب في الأمر وهم بالهروب من المكان, مما يؤكد أن مُوكلي لا يتوافر بحقه أي حالة من حالات التلبس نظاما.

  • بطلان كافة الإجراءات اللاحقة للقبض والتفتيش استنادا للمواد (187-189-190-191) من نظام الإجراءات الجزائية ونوضح ذلك على التفصيل التالي:

 

حيث أن المادة رقم (187) من نظام الإجراءات الجزائية قد نصت على أنه “كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، أو الأنظمة المستمدة منها، يكون باطلا” إ.هـ كما نصت المادة رقم (189) على أنه “في غير ما نص عليه في المادة  )188( من هذا النظام، إذا كان البطلان راجعاً إلى عيب في الإجراء يمكن تصحيحه، فعلى المحكمة أن تصححه, وإن كان راجعاً إلى عيب لا يمكن تصحيحه، فتحكم ببطلانه” إ.هـ, كما نصت المادة رقم (190) من ذات النظام على أنه “لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه ولا الإجراءات اللاحقة له إذا لم تكن مبنية عليه” إ.هـ

كما نصت المادة (191) على أنه “إذا وجدت المحكمة أن في الدعوى عيباً جوهرياً لا يمكن تصحيحه، فعليها أن تصدر حكماً بعدم سماع هذه الدعوى, ولا يمنع هذا الحكم من إعادة رفعها إذا توافرت الشروط النظامية” إ.هـ

ولما كانت كافة تلك الإجراءات التي تم اتخاذها في الدعوى قد جاءت مخالفة للنظام وهي من الإجراءات التي لا يمكن تصحيحها وبالتالي يكون قد ثبت بطلانها مما يترتب عليه عدم الاعتداد بالإجراءات اللاحقة عليها ولو فرضنا صحة الواقعة – وهو ما لم نسلم به – إلا أن إجراءاتها قد جاءت باطلة ولا يعول عليها في أي نتيجة مبنية عليها ومن ثم لا يمكن أن يعول على أي قرينة قامت بتقديمها جهة مكافحة المخدرات ومن بعدها النيابة العامة, هذا بافتراض صحة الواقعة وهو ما نرفض التسليم به من الأساس, وكان يتعين على النيابة العامة ومن بعدها الدائرة التي أصدرت الحكم مراعاة تلك الإجراءات الباطلة لو فرضنا صحتها وحيث أن المحكمة لم تراعِ ذلك بعين الاعتبار وتُقرر البطلان ومن ثم صرف النظر عن الدعوى, فإنه يكون قد  جانبها الصواب في تطبيق النظام مما يتعين معه نقض الحكم وتبرئة ساحة مُوكلي من الاتهام المنسوب إليه وإخلاء سبيله.

  • أن جريمة الجلب والترويج لا تثبت إلا بإقرار أو بينة:-

إذ أن الدائرة الموقرة لم يثبت لديها ثبوت إدانة مُوكلي بما نُسب إليه من جلب وترويج المواد المُخدرة, إلا بناء على قرائن فحسب, وبغض النظر عن كون هذه القرائن لا يجوز الأخذ بها, لكونها قرائن في غاية الوهن والضعف إلى حد العدم, فإن هذه النوع من الجرائم لا يثبت إلا بإقرار أو بينة مُوصلة لارتكابه, ويتضح ذلك جليا من خلال ما نص عليه المبدأ القضائي رقم (1/2/28) وتاريخ …………………. والذي ورد فيه ما نصه (لا يثبت قصد الترويج إلا بإقرار أو بينة موصلة ولا يكفي في ذلك ما يستنتجه القاضي) إ.هـ

  • أن وجود سوابق لدى مُوكلي لا يُبرر إثبات إدانته بناء عليها:-

إذ يتضح لنا من بين سطور الحكم أن الدائرة الموقرة قد استندت – من بين ما استندت – لإثبات إدانة مُوكلي, على وجود سوابق لديه وإن لم تذكر ذلك صراحة, وهو أمر غير جائز شرعا أو نظاما, وإلا لما تقرر أن تكون التوبة مسقطة للعقوبة, كما أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر في كتابه الحكم (ولا تزرُ وازرةُ وزر أُخرى) إ.هـ فليس معنى وجود سوابق لدى مُوكلي أنه قد أضحى متهما لبقية حياته لمنافاة ذلك لشريعتنا السمحاء التي أقرت التوبة مهما بلغ حجم الذنب, كما أن سوابق مُوكلي لا تعدوا كونها أشياء من الماضي السحيق, وقد تاب الله سبحانه وتعالى عليه منها, بدليل أنه لم يُضبط بمنزل مُوكلي سوى كمية ضئيلة جدا لا تتعدى جرامات معدودة من المواد المخدرة, وهو ما جعل الدائرة تُثبت إدانته – بناء عليها – بجريمة التعاطي, فلو أن مُوكلي كان لا يزال يعمل بالترويج لوُجدت لديه كميات كبيرة من المواد المخدرة وهو ما لم يتم.

ثانيا) بالنسبة لثبوت إدانة مُوكلي بحيازة ما وزنه سبعون جراما وخمسة أعشار الجرام من مسحوق الميثامفيتامين لقصد التعاطي:-

مما لا يخفى على مقام الدائرة المُوقرة, بأن التوبة من أسباب انقضاء الدعوى العامة بالنظام السعودي, وهي مزية تفرد بها النظام السعودي عن الأنظمة والقوانين الأخرى، بإقراره للتوبة كأحد أسباب انقضاء الدعوى الجزائية العامة، إذ جاء في المادة (22) من نظام الإجراءات الجزائية: (تنقضي الدعوى الجزائية العامة في إحدى الحالات الآتية: 1- … 2- …. 3-  ما تكون التوبة فيه بضوابطها الشرعية مسقطة للعقوبة.4- ….., ولا يمنع ذلك من الاستمرار في دعوى الحق الخاص) إ.هـ ، أي أن التوبة هي أحد أسباب انقضاء الدعوى العامة في الجرائم التي تكون فيها التوبة مسقطة للعقوبة وفق الضوابط الشرعية المعتبرة، وقد أبدى مُوكلي ندمه الشديد على ذلك وتاب بالفعل – لا سيّما بعد تورّطه في هذا المأزق – ويأمل من الدائرة الموقرة إسقاط العقوبة عنه أو على الأقل تخفيضها رأفة بحالة ولصدق توبته بإذن الله تعالى.

ثالثا) بالنسبة لثبوت إدانة مُوكلي بحيازة ذخيرة نارية دون ترخيص:-

حيث أن ما وُجد بمنزل مُوكلي ليست سوى طلقة واحدة فقط, كما أن مُوكلي لم يكن يعلم أن ذلك قد يُعرضه للمسئولية, كما أن الدلالة على حسن نيته يمكن استنباطها من عدد الذخيرة التي ضُبطت والتي لا تزيد عن طلقة واحدة, فضلا عن عدم وجود سلاح ناري, مما يتضح من خلاله سلامة نية مُوكلي إذ لم يدر بخُلده أن ذلك قد يعرضه للمسئولية, لذا فإنني ألتمس الرأفة مع مُوكلي بالنظر إلى سلامة نيته ولكون هذه هي المرة الأولى التي يثبت فيها ارتكابه لهذا الفعل.

“الطلبات”

بناءً على ما سبق ولما يراه فضيلتكم من أسباب أخرى فإنني التمس الحكم بما يلي:

أولا: قبول الاعتراض شكلاً لتقديمه خلال المدة النظامية.

ثانياً: إثبات براءة مُوكلي مما نُسب إليه باتهامه بجريمة الجلب والترويج.

ثالثا: تخفيف الحكم على مُوكلي فيما يتعلق بتعاطي المواد المخدرة نظرا لتوبته الصادقة مع الله.

رابعا: تخفيف الحكم الصادر على مُوكلي فيما يتعلق بحيازة الذخيرة, بالنظر إلى سلامة نيته فضلا عن أنها المرة الأولى له بارتكاب ذلك الفعل.

والله يحفظكم ويرعاكم،،، 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *