صاحب الفضيلة الشيخ/قاضي الدائرة ………. بالمحكمة العامة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
الموضوع: التماس إعادة نظر.
الإشارة: الحكم رقم ………. وتاريخ ………. الصادر في الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة من/ ………. (المدعية) ضد/ ………. (المدعى عليه).
منطوق الحكم:
فقد قررت الدائرة رفض طلب المدعية العارض بالإخلاء، وبموجبه حكمت الدائرة ………. إلى آخره.
أسباب الحكم:
ولأن طلب المدعية الأصلي قد فصل فيه بموجب الصك النهائي المشار إليه، وطلبها العارض يخالف طلبها الأصلي، مما يحتم رده، استنادًا للمادة 83/2 من لائحة نظام المرافعات، لا سيما وأن منطوق الحكم المذكور كان بإلزام المدعى عليه بدفع الأجرة إلى نهاية مدة العقد.
أسباب التماس إعادة النظر:
أولًا: قبول الالتماس شكلًا:
حيث تنص الفقرة (ج) من المادة المائتين من نظام المرافعات الشرعية على أنه: “يحق لأي من الخصوم أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية في الأحوال الآتية: إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه“. وحيث إن الحكم الصادر في الدعوى قد قضى بما لم يطلبه أي من الخصوم، فإنه يعد مقبولًا من الناحية الشكلية.
ثانيًا: أن الطلب العارض الذي تقدمت به لم يكن مخالفًا للطلب الأصلي، بل إنه مرتبط به ومترتب عليه:
إن الحكم محل الالتماس قد قضى برفض طلبي بالإخلاء، مستندًا إلى ما نصت عليه المادة 83/2 من لائحة نظام المرافعات الشرعية، التي تنص على أنه: “إذا خالف الطلب العارض ما جاء في الطلب الأصلي مخالفة ظاهرة تعين رفضه”. في حين أن الطلب العارض الذي قدمته لم يكن مخالفًا للطلب الأصلي، أو معارضًا له، بل على النقيض من ذلك فهو من الطلبات العارضة التي لي الحق في تقديمها وفقًا لما تنص عليه الفقرة “ب” من المادة الثالثة والثمانون من نظام المرافعات الشرعية التي ورد فيها أنه: “للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يلي: “ما يكون مكملًا للطلب الأصلي، أو متصلًا به اتصالًا لا يقبل التجزئة”. والطلب العارض الذي قدمته هو بالفعل متصلًا بالطلب الأصلي اتصالًا لا يقبل التجزئة، فطلبي الأصلي في الدعوى هو إلزام المدعى عليه دفع الأجرة الحالة، وأجرة الأشهر اللاحقة، وإذ استمر المدعى عليه في الامتناع عن دفع الأجرة؛ لذا فقد طالبت بإلزامه بالإخلاء، فطلب الإخلاء مترتب على طلب إلزامه دفع الأجرة، ولم يكن مخالفًا أو معارضًا له، فما وجه المخالفة في المطالبة بالإخلاء بعد تأخر المدعى عليه في دفع الأجرة، بل إن ما يؤكد عدم معارضة طلبي العارض للطلب الأصلي ما ورد في اللائحة رقم (8) من المادة (83) من نظام المرافعات الشرعية، حيث نصت على أنه: “إذا طالب المشتري بتسليم العين، وتأخر الحكم في ذلك؛ فله تعديل دعواه إلى طلب الفسخ لفوات الغرض بالتأخير” فقد منح النظام الحق للمدعي تعديل الدعوى بعد تأخر المدعى عليه في تسليم العين، وجعل له الحق في المطالبة بالفسخ في ذات الدعوى، وهو ما يتفق مع الدعوى الماثلة، فالمدعى عليه قد استمر في الامتناع عن تسليمي الأجرة، فلي الحق في تقديم طلب عارض لمطالبته بالإخلاء، لعدم تنفيذه التزاماته التعاقدية.
ثالثًا: أن الحكم السابق الصادر في الدعوى لم يكن إلا حكمًا تقريريًا بالأجرة، و لا يعد سابقة فصل في الدعوى:
لما كان الثابت أن الحكم السابق الصادر في الدعوى قد صدر بإلزام المدعى عليه بالأجرة، وهو حكم تقريري لم يغير من الواقع في شيء، ولم يضف أي جديد، فإن كان قد ألزم المدعى عليه بالأجرة، فالمدعى عليه ملزم بها أصلًا بموجب عقد الإيجار، في حين أن هذه الدعوى بعد تقديم الطلب العارض، أصبحت للمطالبة بإخلاء العين المؤجرة، وذلك بسبب أن المدعى عليه لم يلتزم بدفع الأجرة حتى بعد صدور الحكم بإلزامه بها، وبقى الوضع كما هو عليه، وهو ما تسبب في ضرر بالغ لي، يحق لي معه المطالبة بالإخلاء، فالمدعى عليه لم يحضر أيًا من جلسات الدعوى الصادر فيها الحكم السابق، رغم تبلغه، وقد صدر الحكم ضده، ولم ينفذ الحكم، ثم في هذه الدعوى الصادر فيها الحكم محل الالتماس؛ لم يحضر كذلك، على الرغم من ثبوت تبلغه، بل إنه أغلق العين المؤجرة ابتداءً من عام ………. وحتى تاريخه، ومنذ إغلاق المُدعى عليه للمحطة لم أتسلم الأجرة، ولم أستطع الانتفاع بالمحطة بتأجيرها، ولأن ترك المحطة مغلقة طيلة هذه المدة، وتغيب المدعى عليه، وعدم دفعه الأجرة فيه ضرر لي، يجب إزالته، وذلك استنادًا إلى ما تقرره قواعد الشريعة الإسلامية المستمدة من قوله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر، ولا ضرار”، والقاعدة الفقهية التي تقرر أن: “الضرر يزال“، علاوةً على أن بقاء العين تحت يد المدعى عليه دون دفع الأجرة أمر محرم شرعًا، وهو ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسي منه” ولقوله صلى الله عليه وسلم: “إن دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام“، وإذ ثبت تغيب المدعى عليه، وامتناعه عن دفع الأجرة، ولأن: “للحاكم ولاية على مال الغائب، ويجوز الحكم عليه، وعلى المستتر، والممتنع، ولو كان في البلد“، (ينظر الفروع 11/268، الإنصاف 11/249، كشاف القناع 4/25) وبناءً على الفقرة الثانية من المادة الخامسة والخمسين من نظام المرافعات الشرعية التي ورد فيها: “إذا تبلغ المدعى عليه لشخصه أو وكيله في الدعوى نفسها، بموعد الجلسة، أو أودع هو أو وكيله مذكرة بدفاعه لدى المحكمة قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى، ولم يحضر، أو حضر المدعى عليه في أي جلسة ثم غاب؛ فتحكم المحكمة في الدعوى، ويعد حكمها في حق المدعى عليه حضوريًا“، كما أن الغائب تسمع عليه البينة ويقضى بها، وحيث إني قدمت البينة المتمثلة في عقد الإيجار، فإنه من المتعين الحكم بإخلاء العين الحكم بإخلاء العين محل الدعوى، لا سيما وأن لديّ شهودًا على صحة ما ذكرته من كون المدعي قد أغلق المحطة ابتداءً من عام ………. وحتى تاريخه، وأنا مستعدة بإحضارهم، لإثبات هذا الأمر، مع احتفاظي بالحق في الأجرة المتفق عليها إلى تاريخ نهاية العقد، والتعويض عما تعرضت له من أضرار نتيجة إخلال المدعى عليه بالعقد المبرم معي.
رابعا: أن إغلاق المُدعى عليه للمحطة وتخلفه عن سداد الأجرة يُعد فسخا صريحا منه للعقد استنادا لما تم النص عليه في عقد الإيجار:-
حيث أن المادة رقم (6) من عقد الإيجار قد نصت على أن (لا يحق للطرف الأول إخراج الطرف الثاني قبل نهاية مُدة العقد ما دام يلتزم بما تقرره الشريعة الإسلامية ونظم وقوانين الدولة) إ.هـ كما نصت المادة رقم (9) على ما يلي (يلتزم الطرف الثاني بدفع القيمة الإيجارية كاملة في حالة تركه العقار قبل المُدة المُحددة فيه إلا إذا تسامح الطرف الأول في ذلك)إ.هـ، وبتأمل ما ورد في نصوص المواد آنفة الذكر، فإنه يتضح لنا أن العقد قد ربط بين بقاء المُدعى عليه في العين المؤجرة وبين التزامه بسداد الأجرة، إذ اقترن وجوب إخراجه من العين بتخلفه عن سدادها وهو ما عبرت عنه المادة رقم (6) بعبارة “ما دام يلتزم بما تقرره الشريعة الإسلامية” إ.هـ، ومن ناحية ثانية، فإن المادة رقم (9) قد ألزمته بسداد الأجرة كاملة – حتى تاريخ نهاية العقد – حال تركه للعقار قبل نهاية المُدة المُحددة للإيجار، وهو ما يؤكد أحقيتي في المطالبة بالإخلاء – نظرا لتقاعس المُدعى عليه عن الوفاء بالتزاماته – حتى وإن حُكم لي باستيفاء الأجرة كاملة، لأن استيفاء الأجرة كاملة حتى تاريخ نهاية العقد هو حق أصيل لي حال ترك المُدعى عليه للعين المؤجرة قبل تاريخ نهاية العقد، ولا يُقبل للرد على ذلك، القول بأن المُدعى عليه لم يترك العين، لأن ذلك الطرح مردود عليه، بأن المُدعى عليه قد ترك العين بالفعل، فما تفسير إغلاقه لها منذ عامين – ويوجد شهود يشهدون على ذلك – وما تفسير تخلفه عن سداد الأجرة منذ ذلك التاريخ وبالرغم من صدور حكم يُلزمه بها، بل إنه لم يُكلف نفسه عناء الحضور أمام المحكمة رغم تبلغه بشخصه، فكل ذلك يؤكد تركه للعين مما يوجب تحمله لسداد الأجرة حتى نهاية العقد – وفقا لنص المادة التاسعة من العقد – ويوجب أيضا مُطالبته بإخلاء العقار – وفقا لنص المادة السادسة من العقد – ، كما تجدر الإشارة إلى أمر هام: وهو أن القول بأن طلب الإخلاء يتناقض مع طلب إلزام المُدعى عليه بسداد الأجرة حتى تاريخ نهاية العقد، هو قول يحمل بين جنباته مُغلطة منطقية جسيمة، وذلك لان كلا الطلبين لا يتناقضان مع بعضهما البعض، ولو أنهما يتناقضان فيما بينهما، لقام كل مستأجر لا يرغب في استكمال العقد، بإغلاق العقار للهروب من التزامه بسداد الأجرة حتى تاريخ نهاية العقد، مُستندا على أن المؤجر لن يتمكن من اللجوء للقضاء للمُطالبة بالإخلاء والحصول على الأجرة معا، لأن القاضي سيعتبرهم طلبين متناقضين، وبالتالي فإذا طلب المُؤجر الحكم له بالإخلاء فهذا يعني إسقاط الالتزام بسداد الأجرة حتى نهاية العقد من على عاتق المُستأجر، ولأصبح ذلك السلوك “إغلاق العين المؤجرة” بابا خلفيا للفكاك من لزوم عقد الإيجار بين طرفيه شرعا، وهو ما يجب تلافيه من خلال القضاء بالإخلاء كأثر لعدم الالتزام بالعقد والقضاء أيضا بالأجرة حتى نهاية العقد مُعاقبة للمُستأجر عن عدم التزامه بالعقد وتركه للعين المؤجرة قبل تاريخ نهاية العقد، وهو ما يؤكد الارتباط الوثيق اللصيق بين طلبي الأجرة والإخلاء وفقا لما تم تناوله في البند “ثانيا” أعلاه.
المطلوب:-
ألتمس من فضيلتكم التكرم بالاطلاع وقبول الالتماس، وإعادة نظر الدعوى، والحكم بإخلاء العين المؤجرة محل الدعوى، وإلزام المدعى عليه دفع الأجرة إلى نهاية مدة العقد، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بي نتيجة امتناعه عن دفع الأجرة المستحقة طيلة الفترة السابقة من العقد.
والعمل بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ ” .
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدعية/ ……….