صاحب الفضيلة الشيخ/ قاضي الدائرة ………. بالمحكمة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على صك الحكم رقم (……….) بتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم (……….) بتاريخ ………. هـ، المقامة من قبل مُوكلي ………. ضد المدعى عليها ……….
منطوق الحكم:
فقد فسخت نكاح المدعى عليها من المدعي على عوض مقداره ………. ريال، ألزمت المدعى عليها أن تردها للمدعي، وبموجب ذلك حكمت، وعرفت المدعي أن المدعى عليها قد بانت منه بينونة صغرى، فلا تحل له إلا بنكاح جديد، وأن عليها ثلاث حيضات، إذ ذكرت أنها من ذوات الحيض، كما عرفتها أن لا تنكح أحدًا حتى تنقضي عدتها، ويكتسب الحكم القطعية، على أن يهمش على وثيقة النكاح بما آلت إليه الدعوى حينئذ.. إلى آخره.
أسباب الحكم:
1- قيام الشقاق بين الزوجين، وتعذر الإصلاح بينهما، بحسب ما ورد في قرار الحكمان.
2- ما ارتآه الحكمان من التفريق بينهما على نصف المهر.
3- إقرار المدعى عليها بأن صداقها ………. ريال.
4- أن ما يريانه الحكمان من طلاق أو خلع يمضي على الزوجين رضياه أم أبياه.
5- امتناع المدعي من الطلاق، مما يمنح هذه السلطة للحاكم.
أسباب الاعتراض على الحكم:
أولا) أن الحكم المعترض عليه قد صدر دون إتباع الإجراءات المقررة في شأن قضايا النشوز:
حيث إن قرار هيئة كبار العلماء رقم (……….) بتاريخ ………. هو المرجع القضائي في دعاوى النشوز، وقد أورد هذا القرار إجراءات من الواجب إتباعها، إذ ورد فيه أن: “يبدأ القاضي بنصح الزوجة، وترغيبها في الانقياد لزوجها، وطاعته، وتخويفها من إثم النشوز، وعقوبته، وأنها إن أصرت فلا نفقة لها ولا كسوة، ولا سكنى، ونحو ذلك من الأمور التي يرى أنها تكون دافعة للزوجة للعودة إلى زوجها، ورادعة لها من الاستمرار في نشوزها، فإن استمرت على نفرتها، وعدم الاستجابة عرض عليهما الصلح، فإن لم يقبلا ذلك نصح الزوج بمفارقتها، وبين له أن عودتها إليه أمر بعيد، ولعل الخير في غيرها، ونحو ذلك مما يدفع الزوج إلى مفارقتها، فإن أصر على إمساكها وامتنع من مفارقتها، واستمر الشقاق بينهما بعث القاضي حكمين عدلين ممن يعرف حالة الزوجين من أهلهما حيث أمكن ذلك، فإن لم يتيسر فمن غير أهلهما، ممن يصلح لهذا الشأن، فإن تيسر الصلح بين الزوجين على أيديهما فبها، وإلا أفهم القاضي الزوج أنه يجب عليه مخالعتها، على أن تسلمه الزوجة ما أصدقها، فإن أبى أن يطلق حكم القاضي بما رآه الحكمان من التفريق بعوض أو بغير عوض ………. ” فكان من المتعين إتباع هذه الإجراءات، لكن الحكم صدر بما رآه الحكمان دون اتخاذ الإجراء السابق عليه المتمثل في المخالعة مع رد الصداق، وذلك على الرغم من موافقة موكلي على ذلك الأمر؛ مما يؤكد بطلان الحكم المعترض عليه لعدم إتباع هذه الإجراءات الواردة في القرار الصادر عن الهيئة وفقًا للأحكام الشرعية الثابتة.
ثانيا) ثبوت نشوز الزوجة وطلبها الطلاق:
لما كان الثابت من وقائع الدعوى، ومن لائحة دعوى موكلي المرصود مضمونها في صك الحكم محل الاعتراض؛ أن موكلي قد أقام دعواه الماثلة بسبب نشوز زوجته، حيث إنها امتنعت من العودة إليه، كما أنها منعت نفسها منه، وقد طالب موكلي بانقيادها لبيته، وأن دعواه في مجملها قد بنيت على المطالبة بالعودة، بيد أن المدعى عليها هي من رفضت العودة لموكلي، وطلبت فسخ النكاح، مستندةً في ذلك إلى ما زعمته به أن موكلي سخر منها بسبب زواجها قبله مرتين، دون أي إثبات لتلك الإدعاءات، وإذا افترضنا جدلًا صحة ادعاءها بأن موكلي سخر منها – مع عدم إقرارنا بذلك – فهو ليس سببًا من الأسباب التي تجيز لها ترك بيت الزوجية، لا سيما وأن الضرر المترتب على ذلك ليس بالضرر العظيم الذي تتعذر معه الحياة الزوجية، فلو كل زوجة طلبت الطلاق والفرقة بسبب مثل هذه الادعاءات لما بقيت زوجة في عصمة زوجها، وعلى الرغم من إقرار المدعى عليها بالنشوز، إذ ذكرت في ردها على دعوى موكلي ما نصه: “وأنا بقيت معه ثلاثة أشهر تقريبًا قبل ذهابي لأهلي، وإنما لم أرجع له..” لكن الحكم المعترض عليه قد صدر بإلزامها رد نصف المهر فقط، دون أخذ نشوز الزوجة -الثابت بإقرارها- بعين الاعتبار.
ثالثًا) أن وجوب إتباع رؤية الحكمان مسألة خلافية:
لقد صدر الحكم المعترض عليه مستندًا في أسبابه إلى أنه: “ولما ارتآه الحكمان من التفريق بينهما على نصف المهر ………. ولأن ما يريانه الحكمان من طلاق أو خلع يمضي على الزوجين رضياه أم أبياه (الشرح الكبير مع الإنصاف 384/21)، وذلك على الرغم من أن ثمة خلاف وارد في هذه المسألة، فقد جاء في الشرح الكبير ما نصه: “اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في الحكمين ففي إحدى الروايتين عنه أنهما وكيلان لهما، ولا يملكان التفريق إلا بإذنهما، وهذا مذهب عطاء، وأحد قولي الشافعي، وحكي عن الحسن، وأبي حنيفة لأن البضع حقه، والمال حقها، وهما رشيدان، فلا يجوز لغيرهما التصرف فيه إلا بوكالة منهما، أو ولاية عليهما” فوفقًا لهذه الرواية لا يحق للحاكمان التدخل في الأمور المالية، وأن رأيهما فيها غير ملزم للزوجين، إذ يقتصر على الصلح دون التدخل في إسقاط الحقوق، ويتفق مع هذا المعنى ما جاء في المغني لابن قدامة بما نصه: “أنهما وكيلان فيما يتعلق بالإصلاح لا في إسقاط الحقوق” في إشارة إلى الحكمين.
رابعًا) عدم جواز التطليق استنادًا إلى ما ورد في (قواعد ابن رجب):
إن فضيلة مصدر الحكم أمر بفسخ النكاح من زوجة موكلي مرتكزًا على ما أورده في أسباب الحكم بأنه: “ولأن من وجب عليه الطلاق فامتنع طلق عليه الحاكم (قواعد ابن رجب ص33)” في حين أن هذا الحكم لا ينطبق على الدعوى الماثلة، ولا علاقة له بها، فهو متعلق بالإيلاء، وعلى فرض أنها تنطبق على الحالة الماثلة فهي مسألة خلافية كذلك وفيها روايتان، فقد جاء بشأنها في كتاب القواعد لابن رجب ص 33 أنه: “ومنها المولي إذا وقف ثم امتنع من الفيئة؛ فإنه يؤمر بالطلاق، فإن طلق فذاك، وإلا ففيه روايتان، إحداهما يجبر على الطلاق بالحبس، والتضييق، والثانية يطلق الحاكم عليه، ومنها العنين، إذا انقضت مدته، وتحقق عجزه، وأبى أن يفارق زوجته فرق الحاكم بينهما”؛ مما يؤكد أن هذا الحكم لا ينطبق على الحالة الماثلة، كما يؤكد عدم جواز تطليق زوجة موكلي رغمًا عنه من الناحية الشرعية.
خامسًا) أن الحكم صدر بالطلاق على الرغم من عدم التزام المدعى عليها بتعهدها برد المهر:
إن المدعى عليها تعهدت برد المهر أمام فضيلة القاضي، بيد أنها ماطلت في إحضار المبلغ، وحين سأل فضيلته المدعى عليها عن المبلغ؛ أجابت بأنها لم تستطع إكماله، فسأل فضيلته موكلنا هل تطلق؟ فأجاب بأنه لا مانع لديه من الطلاق بعد دفع المبلغ من قبل المدعى عليها، لكن فضيلته أصدر حكمه بالطلاق على الرغم من أن المدعى عليها لم تنفذ التزامها المتمثل في رد المهر، وعلى الرغم من أنه بقبول موكلي لرد المهر مقابل تطليق المدعى عليها، فقد أصبح خلعًا، وللخلع أحكام شرعية ثابتة، متعلقة برد المهر، فلا يجوز التطليق دون رد المهر، فالثابت من رواية الإمام البخاري أنه قال: “جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين، ولا خلق، إلا إني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت نعم، فردتها عليه، وأمره ففارقها“. أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالتطليق إلا بعد ردها المهر؛ مما يؤكد عدم جواز فسخ نكاح موكلي من المدعى عليها قبل ردها للمهر، علاوةً على التزامها برد بقية المهر، المتمثل في الهدايا التي منحها إياها، فهي داخلة في المهر، وقيمتها (……….)ريال، مضافة إلى المهر الذي أقرت به المدعى عليها، وقيمته (……….)ريال.
المطلوب :
تكرم فضيلتكم بالاطلاع وإلغاء الحكم الصادر في الدعوى والقضاء بما يلي:-
1- إلزام المدعى عليها رد المهر وقدره (……….)ريال، بالإضافة إلى الهدايا أو قيمتها وقدرها (……….)ريال.
2- إلزام المُدعى عليها بسداد أتعاب المحاماة عن تلك الدعوى وقدرها (……….) ريال. .
المطلوب :-
وفضيلتكم الأهل للعمل بقول الفاروق عمر بن الخطاب إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ………. “.
وفقكم الله ورعاكم وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكيل المدعي/ ……….