صاحب الفضيلة / ………. قاضي الدائرة ………. بالمحكمة العامة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية.
الإشارة: صك الحكم الصادر برقم ………. وتاريخ ………. الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة مني أنا المدعية/ ………. ضد المدعى عليه/ ……….
نص الحكم
( ………. فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة والإقرار وبما أن الحضانة حق للمحضون وبما أن المدعية متزوجة وقد تم الصلح بينها وبين زوجها بالأمس ولكون الابن عمره اثنا عشر سنة وهو محتاج في السبع السنوات الأولى من حياته أكثر من والده ولكونه في السبع السنوات التي تليها محتاج لوالده أكثر من والدته ليتعلم مع والده أمور دينه ودنياه ولعدم الصلح بين الطرفين ولعدم طعن المدعية في دين المدعى عليه وخلقه عليه ولما سبق حكمت بحضانة المدعى عليه ………. لابنه عون ………. )
أسباب الحكم:
1- الدعوى والإجابة والإقرار.
2- الحضانة حق للمحضون وأن المدعية متزوجة وقد تم الصلح بينها وبين زوجها.
3- الابن عمره اثنا عشر سنة وهو محتاج في السبع السنوات الأولى من حياته أكثر من والده ولكونه في السبع السنوات التي تليها محتاج لوالده أكثر من والدته ليتعلم مع والده أمور دينه ودنياه.
4- عدم الصلح بين الطرفين وعدم طعن المدعية في دين المدعى عليه وخلقه.
أسباب الاعتراض على الحكم:-
أولا) ثبوت أحقيتي في حضانة ابني لكوني أولى من أبيه:-
حيث أن الولاية على الطفل نوعان: نوع يقدم فيه الأبُ على الأم ومن في جهتها، وهي ولاية المال والنكاح، ونوعٌ تُقدَّم فيه الأم على الأب، وهي ولايةُ الحضانة (التربية والرعاية والرضاع)، كون النساءُ أعرف بالتربية، وأقدر عليها، وأصبَر وأرأف وأفرغ لها، لذلك قُدِّمَتِ الأم فيها على الأب. فقد روي عن ابن عباس أنه قال: (طلق عمرُ بنُ الخطاب امرأتَه الأنصارية أمَّ ابنه عاصم، فلقيها تَحمِلُه بمحسر (سوق بين قباء والمدينة)، وقد فُطِمَ ومشى، فأخذ بيده لينتزعهُ منها، ونازعها إياه حتَّى أوجعَ الغلام وبكى، وقال: أنا أحقُّ بابني مِنْكِ، فاختصما إلى أبي بكر، فقضى لها بِهِ وقال: ريحُها وفِراشُها وحجرُهَا خيرٌ له منك حتى يَشِبَّ ويختارَ لنفسه) إ.هـ وفي رواية ( ………. الأم أعطفُ، وألطفُ، وأرحمُ، وأحنى، وأرأف، هي أحقُّ بولدها..)، هذا في حق الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي حاز مكارم الأخلاق وعم عدله الآفاق، فمن يباري أبا حفص وسيرته؟ أو من يحاول للفاروق تشبيها؟، فكيف باللذين هم دونه خلقا وعدلا، الأمر الذي يؤكد حقي في حضانة ابني ………. الذي يحتاج إلى مزيد رعاية وعناية لاسيما بعد تضرره نفسيا من إقامته مع أبيه رغماً عنه، فقد طلب هو من أبيه مرارا وتكرارا العودة لي إلا أن أباه رفض ذلك ومنعه من الاتصال بي وحذره من الرد علي أو محاولة الاتصال بي فلا استطيع مهاتفته إلاّ نادرا جدا وببالغ الصعوبة، الأمر الذي زاد من ضغطه النفسي حتى تحول حال ابني المسكين لدرجة غاية في السوء، فقد أصبح مريضا بالتبول اللا إرادي – أكرمكم الله- ولم ينتهي الأمر إلى ذلك بل إن الولد من كثرة الضغط عليه أصبح يهددني الآن بالانتحار إن لم أجد وسيلة لإرجاعه وإخلاء سبيله مما هو فيه.
ثانيا) أن الطفل إذا بلغ سن سبع سنوات خير بين أبويه:–
أن الطفل إذا بلغ سبعًا، وليس بِمعتوهٍ، خيِّر بين أَبويه، إذَا تنازَعَا فِيه، فَمَن اخْتارَه منهما، فهو أَولَى بِه، قَضَى بِذَلك عُمر، وعلي، وَشُرَيْح، وإنما يخير الغلام بشرطين أحدهما: أَن يكونَا كلا الوالدين أهلا للحضانة، فإِن كان أَحدهما غيرِ أَهل للحضانة، يعين الآخر. الثَّاني: ألا يكُونَ الْغلَامُ معتوها، فَإِن كَان معْتوهًا كَان عند الْأُم، وَلَم يخيَّر؛ لِأَنَّ الْمَعْتوهَ بمنزِلَة الطِّفْل وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، ولذلك كانت الأُم أحق بِكَفَالته، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خيّر غلاما بين أبيه وأمه، ففي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبى عنبة وقد نفعني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به) إ.هـ، كما ورد عن عُمر رضي الله عنه أنه خير غلاما بين أبيه وأمه) وقد ورد عن عمار الجرمي انه قال (خيرني عليّ بين عمي وأمي وكنت ابن سبع أو ثمان)إ.هـ، وحيث أنني أهل لحضانة ابني فقد قمت بواجب تربيته ورعايته والإنفاق عليه وحدي لأكثر من عشر سنوات، بينما أبوه خلال هذه المدة لم يزره أو يسأل عليه بل إن أباه – وقت أن كنت حاملا في ولدي هذا – ذكر لي أنه لا يرغب في الولد وسيتركه لي تماما ولن يسأل عليه ولا يرغب في أن يراه مقابل أن يطلقني دون قيد أو شرط، حتى النفقة عليه لم يلتزم بها إلا لخمس سنوات فقط من عُمر الولد، الأمر الذي يؤكد حقي في حضانة ابني أو على أقل تقدير تخيير الولد بيني وبين أبيه بدلا من إرغامه على العيش مع أبيه دون رضاه مما تسبب له في مشاكل نفسية وصحية حسبما سبق البيان.
ثالثا)أن حقي في حضانة ابني ثابت ولا يسقط بزواجي من غير أبيه، لأن عقد زواجي مشروط بقبول زوجي لحضانتي لابني:-
حيث إن زواجي من زوجي الحالي لا يؤثر على أهليتي في حضانة ابني لأن عقد زواجي من زوجي الحالي يتضمن شرطا على الزوج بقبول حضانتي لأبني (مرفق رقم1)، ولقد عاش ولدي طيلة السنوات الماضية في حضانتي وأنا متزوجة دونما أي شكوى أو خلاف من زوجي أو ولدي على حد سواء، وعندما حصل سوء التفاهم بيننا، طلب ولدي الانتقال إلى أبيه فأجبته لطلبه دون اعتراض حتى علمت بما جرى معه عند أبيه وأنه أصبح يعاني من مشاكل نفسية وصحية وتأخر مستواه الدراسي بشكل مخيف، وأصبح لا يطيق العيش مع أبيه مطلقا، ويطلب أن يرجع إليَّ، ولقد حدثت خلافات بيني وبين زوجي خلال الشهور الماضية الأمر الذي حدا بي أن أقمتُ ضده دعوى فسخ نكاح نظرت أمام فضيلتكم وقد انتهت بالصلح بيني وبين زوجي وكان شرطي الأساسي في الصلح هو قبول زوجي بحضانة ابني وقد قبل وتصالحنا على ذلك (مرفق رقم 2).
ولقد تواترت أقوال الفقهاء وأهل العلم على أن زواج الأم لا يُعد سببا لحرمان الأم من حضانة أبنائها بل يستمر حق الأم في الحضانة إذا وافق زوجها على حضانتها لأطفالها،
وسأعرض أمام فضيلتكم بعض أقوال الفقهاء في هذا الصدد وفق ما يلي:-
1- ما ورد في كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله (5/433) حيث جاء فيه ما يلي: (أن الزوج إذا رضي بالحضانة وآثر كون الطفل عنده في حجره لم تسقط الحضانة، هذا هو الصحيح، وهو مبني على أصل، وهو أن سقوط الحضانة بالنكاح مراعاة لحق الزوج فإنه يتنغض عليه الاستمتاع المطلوب من المرأة لحضانتها لولد غيره ………. )إ.هـ
2- ما ورد في كتاب زاد المعاد لابن القيم رحمه الله في موضع آخر (5/132) حيث جاء فيه ما يلي (إن الأحق بالحضانة الأم وأن سقوط الحضانة بالتزويج مبني علي مراعاة حق الزوج لئلا تنشغل المرأة بحضانتها لطفلها عن حقوق الزوجية الشرعية فإذا رضي الزوج بذلك لم تسقط الحضانة) إ.هـ
3- أنه قد صدر عدة أحكام قضائية، مُستندة على تلك الآراء الفقهية المُشار إليها أعلاه، حيث أقرت بحق الزوجة في الحضانة بناء على موافقة الزوج على ذلك، ومن تلك الأحكام: الحكم رقم ………. المُصدق بالقرار رقم ………. وتاريخ ………. (مرفق رقم3) ؛ والحكم رقم ………. المُصدق بالقرار رقم ………. وتاريخ ………. (مرفق رقم4).
ومن خلال النصوص الشرعية الواردة أعلاه وتسبيبات الأحكام المشار إليها أيضا فإنه يتضح لفضيلتكم أن الغرض من ربط الفقهاء لاستمرار حق الأم في حضانة أبناءها بعد الزواج بموافقة الزوج، يرجع إلى الرغبة في ضمان مراعاة الزوجة لحق زوجها عليها وعدم الانشغال عنه بأطفالها من الزواج السابق، فإذا ما وافق هو – أي الزوج الجديد – على مشاركة أبناء زوجته له في وقت زوجته، فقد انتفت حينئذ الأسباب التي من شأنها إسقاط حق الأم في الحضانة ويكون الحكم لها بحضانة الأبناء أولى وأجدر، لا سيّما إذا توافق ذلك مع رغبة أبني بالفعل وعدم رغبتهم في حضانة أبيه، وإضافة على ما سبق أحيط فضيلتكم علما أن ولدي عون في حالة سيئة جدا وقد هاجمته الأمراض النفسية والعضوية بشكل متنامي من آن إلى آخر ومنذ أن سافر إلى والده وحتى الآن وهو يطلب العودة لي إلاّ أن والده يرفض ذلك تماما ويضغط عليه لإجباره على البقاء معه.
رابعا) أن الطفل إذا اختار أحد والديه وسلم إليه ثم اختار الأخر رُدَّت إليه الحضانة:-
حيث أن ابني قد طلب مني الذهاب للعيش مع أبيه الذي لم يره منذ كان طفلا عمره أقل من سنة، ولقد استجبت له ولبيت رغبته رضا مني ودون أي نزاع ، ثم هو الآن بعدما خاض التجربة وخبر أمر والده عن قرب من خلال معايشته لمدة عام أو يزيد يطلب منه أن يعود لي، فلماذا يرغمه الأب ويجبره على البقاء معه دون رضاه حتى تسبب له في تلكم المشاكل الصحية والنفسية السابق الإشارة إليها؟!!!.
ولقد افرد موفق الدين ابن قدامة فصلا في كتابه المغني بهذا العنوان: (مَتَى اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَسُلِّمَ إلَيْهِ ثُمَّ اخْتَارَ الْآخِرَ رُدَّ إلَيْهِ فِي الْحَضَانَةِ) ص240/ 6539 جاء فيه: (مَتَى اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَسُلِّمَ إلَيْهِ، ثُمَّ اخْتَارَ الْآخَرَ، رُدَّ إلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْأَوَّلَ، أُعِيدَ إلَيْهِ، هَكَذَا أَبَدًا كُلَّمَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا صَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ، لَحَظِّ نَفْسِهِ، فَاتَّبَعَ مَا يَشْتَهِيه، كَمَا يَتَّبِعُ مَا يَشْتَهِيه فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ ………. )إ.هـ، أي أن من حق ابني عون العودة إلى حضانتي لأخفف من معاناته ولأطبب جراحاته النفسية فيستعيد نفسه وينهض إنساناً سوياً متفوقاً دراسياً ولائقاً اجتماعياً.
خامسا) أن ………. الحضانة هو الأصلح للمحضون:-
حيث أن القاعدة الشرعية قد نصت على: ( ………. الحضانة هو الأصلح للمحضون)إ.هـ وهو ما يعني وجوب تقرير الحضانة لمن كانت مصلحة المحضون عنده، فأينما وجدت المصلحة تكون حضانة الطفل، وتحديد الأصلح للمحضون قد يكون عن طريق إحالة الدعوى إلى هيئة الخبراء لتقرير ذلك بيني وبين المُدعى عليه والسماع من الطفل للوقوف على حاله التي صار إليها مع أبيه،
والتي أعرض منها أمام فضيلتكم النذر البسيط على نحو ما يلي:-
1- الولد بسبب ضغط والده الشديد عليه، وعدم الاستجابة لرغبته في العودة لي، تضرر نفسيا وأصيب بالتوتر مما أصابه بالتبول اللاإرادي – أعزكم الله- ولقد راجع أبوه طبيبة نفسية لأجل علاجه دون جدوى، حيث أن علاجه ينطلق أساسا من تحسن حالته النفسية وتخفيف الضغط عليه والاستجابة لرغبة الولد في العودة لحضانتي.
2- الطفل من بشاعة ما يعانيه مع أبيه، صار يهدد بالانتحار إن لم يرجع لحضانتي انفكاكا من ربقة أبيه.
3- الولد لم يستطع التأقلم مع بيئة أبيه وكذلك لم يتأقلم مع المدرسة، لذا فقد طلب من معلميه وإدارة المدرسة التواصل معي وطلب إعادته لحضانتي، ولقد اتصلت على إدارة المدرسة وتأكدت من ذلك حتى أنهم استدعوا الأب لمناقشته في الأمر للوقوف على وضع الولد ومحاولة العلاج.
4- ويزداد الأمر سوءاً كلما رفض الأب زيارة الولد لي أو التواصل معي، وهنا أتساءل كيف لأب أهمل ابنه منذ كان طفلا رضيعا حتى صار غلاما مميزا قد شارف سن الرجولة والشباب، لم يره قط أو يسأل عنه، أن يحرم الأم التي تحملت عناء التربية والرعاية والعناية والنفقة منذ الرضاعة وحتى أصبح في الحادية عشر من عمره، من حضانة ابنها أو زيارته؟!!!.
لكل ما سبق بيانه يتضح بشكل جلي لدى فضيلتكم أن مصلحة ولدي وسلامته والبقاء عليه كإنسان صالح قائم على أمر دينه ودنياه، تكمن في بقائه في حضانتي، ليستكمل مشوار تربيته السوية الصحيحة التي بدأها معي ولم يستطع الاستمرار عليها مع أبيه.
المطلوب:-
تكرم فضيلتكم بالاطلاع وإعادة نظر الدعوى، والتوجيه بإحالة الدعوى لهيئة النظر أو قسم الإصلاح لمناقشة الطفل للوقوف على حالته الصحية والنفسية والتعليمية – حسب البيان السابق- قبل وبعد دخوله في حضانة المدعى عليه لتحديد الأصلح والأحق بحضانته منا، ومن ثم الحكم:-
أولا) بأحقيتي في حضانة ابني عون دون أبيه.
ثانيا) وبصفة احتياطية تخيير الصغير بيني وبين المُدعى عليه.
وفضيلتكم الأهل للعمل بقول عمر رضي الله عنه إلى أبِي موسى رضي اللَّهُ عنهما: ” ولا يَمنعُك قضاءٌ قَضيتَه أمس فراجعتَ اليومَ فيه عقلَك وهديتَ فيه لرشدِك أن ترجعَ إلى الحق؛ فإن الحقَ قديمٌ لا يُبطله شئٌ “.
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدعية أصالة/ ……….