أصاحب الفضيلة الشيوخ/ رئيس وأعضاء الدائرة ………. بالمحكمة العامة في ………. وفقهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على الصك الصادر برقم ………. وتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة من المدعي ………. ضدي أنا المدعي عليه ……….
نص الحكم
فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة وبما أن المدعى عليه قد أقر بصحة ما نسبه المدعي العام إليه وهو بكامل أهليته المعتبرة شرعا وبما انه لا عذر لمن أقر بما أن ما أقدم عليه المدعى عليه يستحق العقوبة وفقا للقواعد الشرعية وطبقا للمادتين (41- 56) من نظام مكافحة المخدرات وبما أن المدعى عليه لم يفصح عن مصدر الحبوب التي بحوزته ونظرا لما قرره المدعى عليه من التوبة والندم ولعدم وجود سوابق جنائية على المدعى عليه (من ذات الجنس) ولقوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) وبما أن الحبوب المخدرة مفسدة لحال وعقل متعاطيها وتعود بالضرر عليه ولمن حوله ولكل ما تقدم فقد ثبت لدي إدانة المدعى عليه ………. بحيازته لست وعشرون حبة من الحبوب المحظورة وقصده من الحيازة الاستعمال الشخصي ولتعاطيه لنوعها في السابق وتستره عن مصدر هذه الحبوب وقيادته للسيارة تحت تأثير المخدر وقررت ما يلي أولا/ سجن المدعى عليه سبعة أشهر تحسب منها مدة إيقافه في هذه القضية وبمنعه من السفر لمدة سنتين خارج المملكة تبدأ من تاريخ انتهاء محكوميته وبجلدة خمسين جلدة دفعة واحدة لقاء تستره على المصدر وجلده تسعة وسبعون جلدة دفعة واحدة لقاء تعاطيه السابق وأفهمت بأن عقوبته لقاء قيادته للسيارة تحت تأثير المخدر عائد للجهات المختصة وبذلك حكمت ……….)
أسباب الحكم:-
1- الدعوى والإجابة .
2- إقرار المدعى عليه .
3- عدم إفصاح المدعى عليه عن مصدر الحبوب.
أسباب الاعتراض على الحكم:-
حيث أن العقوبة لا يقتصر أثرها عليَّ وحدي بل يصيب أسرتي وأهلي أيضا فأنا رجل متزوج وقد رزقني الله بولد وثلاث بنات (مرفق رقم 1 صورة من كارت العائلة) وأنا العائل الوحيد لهم بعد الله تعالى، فبحبسي يتهدد مستقبلهم ويعرضهم لسؤال الناس فيلحق بهم ذلا لا ينفك عنهم أبد الدهر، كما أن مخالطتي المجرمين الحقيقيين في السجن قد يدفع بي للانحراف حيث يصير المسكين مثلي لقمة سائغة لمتمرسي الإجرام فلا يخرج من السجن إلا وقد تشبع بأسوأ الأخلاق والخصال، لذا فإنني استرحم هيئتكم الموقرة رحمة بي وبأسرتي وعملا بالحديث النبوي الشريف عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت)إ.هـ، والتمس منكم إسقاط العقوبات التعزيرية عني أو استعمال أقصى درجات الرحمة بتخفيف الحكم ضدي بشكل لا يضر بي أو بمستقبل أسرتي، وذلك للأسباب التالية:-
أولا) أن التوبة من أسباب انقضاء الدعوى العامة:-
لقد انفرد النظام السعودي عن الأنظمة والقوانين الأخرى باعتبار التوبة أحد أسباب انقضاء الدعوى الجزائية العامة، إذ جاء في المادة (22) من نظام الإجراءات الجزائية: (تنقضي الدعوى الجزائية العامة في إحدى الحالات الآتية: 1- صدور حكم نهائي. 2- عفو ولي الأمر فيما يدخله العفو. 3– ما تكون التوبة فيه بضوابطها الشرعية مسقطة للعقوبة. 4- وفاة المتهم. ولا يمنع ذلك من الاستمرار في دعوى الحق الخاص) إ.هـ ، أي أن التوبة هي أحد أسباب انقضاء الدعوى العامة في الجرائم التي تكون فيها التوبة مسقطة للعقوبة وفق الضوابط الشرعية المعتبرة .وحيث أنه قد ورد بصك الحكم أنني قد تبت إلى الله وأعلنت توبتي أمام الهيئة الموقرة – راجيا من الله جلا وعلا أن يعينني ويثبتني عليها – ، وكوني محكوم ضدي بعقوبات تعزيرية استنادا إلى إقراري بالجريمة الذي صدر مني بمحض إرادتي ندما على ما اقترفته في جنب الله ، لذا وطبقا لنص المادة (22) سابق البيان فإنه قد توافر في حقي إحدى أسباب انقضاء الدعوى العامة وفق الضوابط الشرعية التي سيأتي بيانها في البند التالي.
ثانيا) العقوبة التعزيرية في حق من حقوق الله تسقط بالتوبة كما تسقط بعفو القاضي:-
لقد اتفق الفقهاء على أن الحدود إذا رفعت إلى ولي الأمر أو نائبه القاضي ثم تاب المتهم عن جريمته بعد ذلك لم يسقط الحد عنه بل يجب إقامة الحد عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب)إ.هـ، وقد اتفق الفقهاء أيضا على قبول توبة الجاني (قاطع الطريق) قبل قدرة السلطان عليه ودليلهم على ذلك صريح قوله تعالى:(إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله عفو رحيم)، وأما ما عدا ذلك من الحدود فثمة خلاف بين الفقهاء في مدى تأثير التوبة قبل القدرة، فذهب بعض الحنابلة إلى أن التوبة لها أثر عام يسري على كافة الحدود ولا يقتصر على الحرابة فهؤلاء يرون أن غرض العقوبة يكمن أساساً في إصلاح الجاني قبل ردع غيره! وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى: (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه)، وفي الصحيحين من حديث أنس قـال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فجاء رجل وقال يا رسول اللّه:(إنـما أصبت حدا فأقمه علي قال: ولم يسأله عنه فحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه الرجل فقال: يا رسول اللّه إني أصبت حدا فأقم فيَّ كتاب الله قال: ليس قد صليت معنا، قال نعم، قال فإن اللّه تعالى قد غفر لك ذنبك) إ.هـ ، ولكن من الضرورة بمكان التمييز بين العقوبة الحدية والتعزيرية لأن التوبة في العقوبة التعزيرية إذا كان التعزير حقاً لله تعالى كمن شرب مسكرا ونحوه فيسقط بالتوبة، كما يسقط بعفو القاضي، وأما إذا كان التعزير حقاً للإنسان كالشتم في حقه أو السب والضرب بغير حق فلا يسقط بالتوبة كما لا يسقط بعفو القاضي إلا أن يصفح المعتدى عليه، لان الحقوق الشخصية لا تسقط إلا إذا أسقطها أصحابها، ولقد ذهب الحنابلة إلى أن التعزير الواجب لحق الله تعالى إذا تاب صاحبه فإن الأمر متروك لولي الأمر في ذلك. حيث قال ابن قدامه في كتابه الكافي (5/441): (فإن جاء تائباً معترفاً يظهر منه الندم والإقلاع جاز ترك تعزيره؛ للخبر، وإن لم يكن كذلك، وجب تعزيره؛ لأنه أدب مشروع لحق الله تعالى، فوجب كالحد)إ.هـ ، وقال القرافي – وهو من فقهاء المالكية – عند كلامه عن الفرق الخامس بين قاعدة الحدود وقاعدة التعازير( الفروق 4/280 ): (أنَّ التعزير يسقط بالتوبة، ما علمت في ذلك خلافاً) إ.هـ، وتأسيسا على ما سبق وحيث أنني قد تبت إلى الله وأرجو منه سبحانه العفو والمغفرة والثبات على التوبة، لذا فإنني آمل من أصحاب الفضيلة العفو وإسقاط العقوبات التعزيرية عني رأفة بي وبزوجتي وأبنائي.
ثالثا) العقوبات التعزيرية تختلف في تقديرها حسب ظروف الجاني وملابسات الواقعة:-
فكما هو معروف أن التعزيز هو : (عقوبة تأديبية يفرضها الحاكم على جناية أو معصية لم يعيِن الشرع لها عقوبة، أو حدد لها عقوبة لكن لم تتوافر فيها شروط التنفيذ) ………. لذلك فإن التعزير يختلف باختلاف الناس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا في الحدود) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي، والمراد بـ (ذوي الهيئات) أهل المروءة والخصال الحميدة من عامة الناس، الذين دامت طاعتهم واشتهرت عدالتهم، ولكن زلت في بعض الأحايين أقدامهم، فوقعوا في ذنب وخطأ، أي إن زل رجل ممن لا يعرف بالشر زلة، أو ارتكب صغيرة من الصغائر، أو كان طائعاً أو جاهلاً أو مخطئاً أو كان مخدوعاً أو مغرر به، وكانت هذه أولى خطاياه ، فلا يؤخذ بها وإن كان لا بد من المؤاخذة فلتكن مؤاخذته خفيفة، وحيث أنني لم تسجل ضدي سوابق من جنس هذه الجريمة، وإنني نادم أشد الندم على ما كان مني وعازم على التوبة النصوح ابتغاء مرضاة الله وحرصا مني على نفسي ومستقبل أسرتي الذي يتهدده الضياع بسببي، فإنني آمل من فضيلتكم العفو عني وإسقاط تلكم العقوبات التعزيرية بعدما تبت إلى الله وعاهدته جل شانه على ألا أعود لهذا الذنب أبدا.
رابعا) أن جزء من هذه العقوبات التعزيرية قد حُكم بها عليّ دون بينة من المُدعي بالحق العام كما لم يشملها إقراري أمام فضيلة القاضي:-
حيث أنني قد أقررت أمام فضيلة القاضي مُصدر الحكم بصحة ما جاء في دعوى المُدعي بالحق العام، غير أن إقراري لم يكن على إطلاقه، فلم أُقر بصحة دعوى المُدعي بالحق العام على إطلاقها، بل نفيت – بموجب ما ورد بنص الإقرار – اتهاما هاما من بين تلك الاتهامات التي وُجهت ليّ، وهو الاتهام بالتستر على مصدر الحبوب المحظورة التي وُجدت معي، ويتضح ذلك جليا من نص إقراري المضبوط في الصفحة الثانية من صك الحكم، والذي جاء فيه ما يلي (ما ذكره وكيل النائب العام صحيح فلقد تم القبض عليّ وبحوزتي ست وعشرون حبة من الحبوب المحظورة وقصدي من الحيازة الاستعمال الشخصي كما أني كنت أتعاطاها في السابق وكنت أقود السيارة تحت تأثير المخدر ولا يوجد عليّ سوابق جنائية وأنا تائب ونادم أشد الندم على ما صدر مني كما أني اشتريت هذه الحبوب من شخص لا أعرفه في حفر الباطن) إ.هـ، ومن خلال ذلك فإنه يتضح لفضيلتكم أن قيامي بنفي ذلك الاتهام – التستر على المصدر – هو جزء لا يتجزأ من إقراري ببقية الاتهامات المُوجهة لي، كما أن النيابة العامة بصفتها مُدعية بالحق العام قد عجزت عن تقديم البينة أو الدليل على تستري على مصدر هذه الحبوب المحظورة، الأمر الذي يعني عدم ثبوت تلك التهمة بحقي، إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن الجزء الأكبر من تلك العقوبة التعزيرية التي وقعت عليّ قد جاءت عقابا على هذا الأمر، وهو التستر على المصدر، بالرغم من عدم علمي به أو بأي معلومات عنه وإلا لبُحت بها فورا إلى فضيلة القاضي، فمال الذي سيمنعني من ذلك وقد أقررت بالجزء الأشد قُبحا وذنبا وجُرما من بين الاتهامات المُوجهة لي، وهو حيازتي للمواد المحظورة واستعمالي السابق لها وقيادتي تحت تأثير المخدر، فكل هذه الاتهامات قد أقررت بها غير عابئا بعقوبتها، وليس ذلك استهانة بالعقاب أبدا، وإنما لأنني فعلا صادق – بإذن الله – في توبتي منها وعدم العودة إليها مرة أخرى، فما الذي سيضيرني من الإفصاح عن هوية مصدر تلك الحبوب إذا؟ فلا شك أن الإجابة الوحيدة والمنطقية على هذا التساؤل هي أنني لا أعلم عن مصدر تلك الحبوب أي شيء آخر بخلاف ما ورد في إقراري فعلا وهو أنه يقطن في حفر الباطن، ولو علمت زيادة عنه لذكرته فورا، وفي هذا الصدد فإنني أُشير إلى ما نصت عليه القاعدة من أن (الأحكام الجزائية تُبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الشك والتخمين) إ.هـ
المطلوب:-
آمل من أصحاب الفضيلة التكرم بالاطلاع وإنني لأستصرخكم بالله أحكم الحاكمين وألتف بضعفي وقلة حيلتي حولكم وأناشدكم بعد الله سبحانه وتعالى في أن تجيبونني إلى إسقاط العقوبة عني أو بتخفيف الحكم الصادر بحقي.
وإن أصحاب الفضيلة لهم الأهل للعمل بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: “أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْء“.
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدعي عليه/ ……….