فضيلة الشيخ/قاضي الدائرة ………. بمحكمة العامة ………. حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على الحكم الصادر برقم ………. وتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. ، المقامة من قبل دائرة ………. بمحافظة ………. ضدي أنا “ ……….
منطوق الحكم
“فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وإنكار المدعى عليه ما جاء في دعوى المدعي العام، ولما جاء في شهادة الشهود المعدلة شرعاً، التي شهدت على عملية الشروع بالترويج وذلك بالتنسيق باستخدام رقم الجوال العائد للمدعى عليه، وإقرار المدعى عليه بأن رقم الجوال عائد له، وإقراره أيضا بالتعاطي بالسابق، وإقراره أيضا بحيازة عدد (41) ذخيرة سلاح ناري فردي غير مرخصة، وحيث إن الإقرار حجه على صاحبها كما هو متقرر فقها وقضاء، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالإقرار في الدماء والحدود والأموال ولأنه لم يطرأ على أقوال المدعى عليه ما يبطله ويكذبه، واستنادا للمادة (158) ونصها ” لا تتقيد المحكمة بالوصف الوارد في لائحة الدعوى، وعليها أن تعطي الفعل الوصف الذي يستحقه ولو كان مخالفا للوصف الوارد في لائحة الدعوى، وإذا جرى التعديل وجب على المحكمة أن تبلغ المتهم بذلك” لذلك كله فقد ثبت لدى الدائرة إدانة المدعى عليه/ ………. بالشروع بالترويج عدد (2) حبتان من الحبوب المحتوية على مادة الامفتيامين المنبهة المحظورة والمؤثرة عقليا بقصد الكسب المادي، وتعاطيه لنوعها في السابق، وتستره على مصدر المخدرات، وحيازة عدد (41) ذخيرة سلاح ناري فردي دون ترخيص، ولأن ما أقدم عليه المدعى عليه فعل محرم شرعا ولقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ومجرم نظاما استنادا المادة الثالثة من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم ………. وتاريخ ………. ، واستنادا للمادة الرابعة الفقرة (ج) من نظام الأسلحة والذخائر الصادر بالمرسوم الملكي رقم ………. وتاريخ ………. ، من أجل ذلك قررت الدائرة للحق العام ما يلي : أولا: سجن المدعى عليه/ ………. ثلاث سنوات من تاريخ إيقافه بهذه الدعوى، وجلده ثلاثمائة (300) جلدة على ثلاث دفعات كل دفعة (100) جلدة، وبين كل دفعة والأخر ما لا يقل عن عشرة أيام، علنا بمجمع من الناس لقاء الشروع في الترويج بقصد الكسب المادي، وإلزامه بدفع غرامة مالية قدرها ………. ريـــال. ثانيا: جلد المدعى عليه تعزيرا سبعون جلدة (70) جلدة دفعة واحدة بعد تنفيذ ما ورد في الفقرة الأولى من الحكم، علنا بمجمع من الناس لقاء تعاطيه الحبوب المحظورة في السابق، وتستره على مصدر المخدرات. ثالثا: منع المدعى عليه من السفر لمدة ثلاث سنوات استنادا للمادة السادسة والخمسين من نظام مكافحة المخدرات. رابعا: إلزام المدعى عليه بإعادة المبلغ الحكومي وقدره ………. ريال استنادا لبرقية صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية رقم ………. في ………. خامسا: مصادرة جهاز الجوال الخاص بالمدعى عليه المستخدم في عملية التنسيق بالترويج من نوع (آيفون) يحمل الرقم المصنعي ………. ، استنادا للفقرة (1) من المادة (53) من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المشار اليهن وإيداع قيمته إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (حساب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات) وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم ………. وتاريخ ………. ، وإلغاء الشريحة الهاتفية المستخدمة في عملية التنسيق ذات الرقم ………. وعدم صرفها لنفس المشترك مجددا، استنادا لتعميم ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رقم ………. وتاريخ ……….. سادسا: إلزام المدعى عليه بدفع غرامة مالية قدرها ………. ريال لقاء حيازته عدد (41) ذخيرة بدون ترخيص، ومصادرتها، استنادا للمادة (40) والمادة (50) من نظام الأسلحة والذخائر. سابعا: رد طلب والمادة (139) والمادة (141) من لائحة النظام ………. ” إ.هـ
أسباب الحكم:-
1- الدعوى والإجابة.
2- إنكار المدعى عليه ما جاء في دعوى المدعي العام.
3- شهادة الشهود المعدلة شرعاً.
4- إقرار المدعى عليه بأن رقم الجوال عائد له.
5- إقرار المدعى عليه بالتعاطي بالسابق.
6- إقرار المدعى عليه بحيازة عدد (41) ذخيرة سلاح ناري فردي غير مرخصة.
7- الإقرار حجه على صاحبه.
8- الشروع بالترويج عدد (2) حبتان من الحبوب المحتوية على مادة الامفتيامين المنبهة المحظورة والمؤثرة عقليا بقصد الكسب المادي.
9- تستر المدعى عليه على مصدر المخدرات.
10- المادة الثالثة من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم ………. وتاريخ ……….
11- المادة الرابعة الفقرة (ج) من نظام الأسلحة والذخائر الصادر بالمرسوم الملكي رقم ………. وتاريخ ……….
أسباب الاعتراض على الحكم:-
قبل الخوض في غمار اللائحة وبيان أوجه الاعتراض على الحكم الصادر بحقي في تلك الدعوى، فإنني أرى أنه من الأهمية بمكان أن أوضح أو بمعنى أدق أحصر الاتهامات الموجهة لي، وهي أربعة اتهامات، تتمثل فيما يلي:-
1- ترويج المواد المخدرة
2- تعاطي المواد المخدرة من السابق.
3- التستر على مصدر الحبوب المخدرة
4- حيازة ذخيرة نارية.
إذ تكمن أهمية حصر تلك الاتهامات، في أن بعضا من هذه الاتهامات قد أقررت طواعية بها أمام مجلس القضاء المُوقر، وبالتالي فإن الاعتراض عليها سيكون بناء على أسباب وأوجه مختلفة عن أسباب وأوجه الاعتراض على الاتهامات الأخرى، التي لم أقر بها ولا زلت أنكرها جملة وتفصيلا، لذا، فإن أسباب الاعتراض على الحكم، أوضحها لفضيلتكم عن كل جريمة على حدة وفقا لما يلي بيانه:-
أولا) بالنسبة للاتهام المُوجة لي بترويج المواد المُخدرة:-
1- عدم صحة الواقعة وعدم معقوليتها على النحو الذي صوره معدي محضر القبض والتفتيش – ويتمثل ذلك في الأوجه التالية:-
2- التجهيل بمعلومات الاتصال والمتمثلة في عدم ذكر الرقم والشريحة التي استخدمها المصدر المزعوم في الاتصال بي وإلى من ترجع ملكيتها:
حيث يتضح لفضيلتكم من خلال ما جاء بصك الحكم محل الاعتراض عليه، أن المُدعي العام قد ذكر في لائحة دعواه المضبوطة في صك الحكم، وتحديدا في السطر رقم (3) من الصفحة رقم (1) من مضمون اللائحة ما يلي (ورد في محضر اتصال بتاريخ ………. انه طلب المصدر من المروج حبوب كبتاجون بمبلغ ………. ريال فرد عليه بالموافقة واتفق على المكان الاستلام والتسليم وكان الاتصال على الجوال رقم ……….) إ.هـ، ومعنى ذلك أن المصدر السري المزعوم، قد اتصل بي هاتفيا وطلب مني إحضار الحبوب المخدرة ثم تلى ذلك اتصالا آخر للاتفاق على المكان والموعد للاستلام والتسليم، وهذا هو محل التساؤل تحديدا، فالسؤال الذي يثور بديهيا هو: لم يذكر معد المحضر معلومات هذه المسألة بنحو مفصل، فلم يذكر موعد المكالمة ولم يذكر كذلك رقم الجوال الذي قام المصدر السري المزعوم من خلاله بالاتصال علي منه، والجواب على ذلك مفهوم لكل ذي لب، وهو انه قد تم التجهيل عمدا بهذه المعلومات لإخفاء حقيقة الواقعة وعدم افتضاح تلفيقها، لأن ذكر هذه المعلومات يترتب عليه طلب ودفع جوهري في الدعوى وهو مطالبتي ببيان رسمي من شركة الاتصالات يحدد فيه بيان المكالمات التي تلقيتها من رقم الجوال الذي زعموا أن المصدر السري قام بالاتصال بي من خلاله وموعد تلك المكالمات وتفريغ مضمونها تحت رقابة المحكمة، إلا أن مُعدّي المحضر قد اكتفوا بذكر رقم جوالي لإيهام المحكمة بوقوع الاتصال ولا يخفى على فضيلتكم أن معرفة رقم جوالي أمر سهل وميسور على أي حد معرفته وكونه مملوك لي ليس سببا في حد ذاته لإثبات إدانتي بما نُسب إليّ لأنني أنفي تماما وكليا حدوث أي اتصالات أو استلام مخدرات أو تسلمها ولا يوجد دليل على ذلك سوى أقوال مرسلة من معدي المحضر وشهوده المقدوح في شهادتهم كما سيأتي بالتفصيل لذا فإن عدم ذكر معلومات الاتصال المشار إليها أعلاه قرينة قوية تنفي صحة الواقعة برمتها.
3- عدم القبض على أثناء واقعة التلبس باستلام الأموال وتسليم الحبوب المحظورة:-
وهذه النقطة تحديدا، لها أهمية كبيرة جدا لبيان عدم صحة تلك الواقعة برمتها، حيث زعم المُدعي بالحق العام – اتفاقا مع تبريرات مُعدّوا المحضر من عناصر مكافحة المخدرات – أن السبب في عدم القبض عليّ أثناء حدوث الاستلام والتسليم المزعوم بيني وبين المصدر السري، هو خشيتهم من انكشاف أمر المصدر السري، وهو لا شك مُبررا غير مقبول على الإطلاق، ويتضح معه لكل ذي لب، أن هذا الأمر مُلفق برمته وهو ما أود بيانه لفضيلتكم من خلال النقاط التالية:-
1- النقطة الأولى: أن القبض عليّ متلبسا أعظم وأكثر أهمية من الخشية من انكشاف المصدر السري، لأن ذلك مؤداه ضمان معاقبتي لا محالة عن هذا الفعل وأن كافة مساعيّ لن تسعفني في الإفلات من العقاب.
2- النقطة الثانية: أن المصدر السري، حتما سينكشف لي في تلك الدعوى لا محالة، وهو ما يُبدد هذه الحجة التي تتذرع بها جهة الإدعاء العام لتبرير عدم القبض عليّ متلبسا، وذلك لأنه سيتم عرضي على المصدر السري للتعرف عليّ، وعندها سأتعرف أنا أيضا عليه، لأنني سأكون قد قابلته مسبقا أثناء تسلمي المال منه وتسليمي للمواد المخدرة له – على فرض حدوث ذلك وهو ملا أقر به مُطلقا – ولو أننا افترضنا جدلا، أنه سيتم عرضي على المصدر السري من وراء زجاج مُعتم، بحيث يمكنه هو رؤيتي والتعرف عليّ ولا يمكنني أنا رؤيته، فإن هذا لا يغير من حقيقة أنه سينكشف لي لا محالة في شيء، وذلك لأنني سأطلع على لائحة الإدعاء العام، والتي دائما ما تحمل وصفا دقيقا للواقعة ووقت حدوثها والكمية المُستلمة والمبلغ الذي تقاضيته، ولا شك أنني سأتذكر هذا الشخص – المصدر السري – بمجرد قراءتي للائحة الإدعاء العام وسأعلم أنه هو من أوقع بي، وبالتالي يكون قد انكشفت لي شخصيته حتى وإن لم أره أثناء عرضي عليه، فكل هذه الأسئلة البديهية تجعل من تبرير جهة الإدعاء لمسألة عدم القبض عليّ متلبسا، مجرد حجج واهية هي والعدم سواء، وهو ما يكون بمثابة قرينة على كون هذا الأمر مُلفقا برمته، فمن ذا الذي يفوت فرصة القبض على مروج للمواد المُخدرة وهو في حالة تلبس بما في ذلك من ضمان أكيد لعقابه، فقط ليحمي مصدرا سريا هو مكشوف لا محالة !! وهو ما آمل من فضيلتكم النظر له بما عُهد عنكم من حكمة وأنا واثق في عدل الله وقدرته أن سعادتكم ستبصرون مدى هذا التلفيق الفج الذي شاب اتهامي بهذا الجرم ولا حول ولا قوة الا بالله.
3- النقطة الثالثة: أن فرقة مكافحة مخدرات شرورة قد عللت عدم القبض علي قد ذكروا بموجب ما ورد في شهاداتهم التي تم الإدلاء بها أمام فضيلتكم، أن غرضهم الأساسي كان يتمثل في (الإطاحة بي بالجرم المشهود) حيث جاء بشهادة الشاهد الأول/ ………. ، المضبوطة بصك الحكم، في السطر رقم (4) من الصفحة رقم (4) ما يلي (وبتاريخ ………. تم تجنيد أحد المصادر للشراء منه والإطاحة به بالجرم المشهود ………. ” إ.هـ، وكذلك الأمر بالنسبة لما ورد في شهادة الشاهد الثاني ………. المضبوطة في صك الحكم في السطر رقم (12) من الصفحة رقم (4) والتي جاء فيها ما يلي (وبتاريخ ………. تم تجنيد أحد المصادر للشراء منه والإطاحة به بالجرم المشهود ………. ” إ.هـ، وهو ما لم أجد له تفسيرا منطقيا أو مستساغ عقليا، فلو كان الغرض من تجنيد المصدر هو الإطاحة بي بالجرم المشهود مثلما أشار الشهود في شهادتهم، فلم لم يتم القبض علي أثناء وجودي مع المصدر المزعوم؟ وهو ما يؤكد أن حجة “الحفاظ على سرية المصدر وعدم انكشافه” ما هي إلا ذريعة لتبرير عدم القبض عليّ متلبسا لتوقعهم أن هذا الأمر سيكون نقطة جدال في تلك الدعوى وأنه قد يتم سؤالهم عن عدم القبض عليّ متلبسا وتأخير القبض عليّ حتى بعد مرور شهرين كاملين من تاريخ تلك الواقعة المزعومة، علما بأننا قد رددنا على هذه الحجة تفصيلا في (النقطة الثانية) أعلاه.
4- مخالفة النظام وعدم إتباع الإجراءات النظامية والشرعية المتبعة:-
لو فرضنا جدلا صحة ما تدعي به فرقة مكافحة المخدرات بتوافر معلومات لديهم بأني أقوم بالترويج وهو ما لم أسلم بصحته، فلماذا لم تقم فرقة مكافحة مخدرات الشرورة بإتباع الإجراء النظامي بالتواصل مع النيابة العامة وإحاطتها علما بالأمر لاستصدار أمر بمراقبة المحادثة الهاتفية بيني وبين المصدر المزعوم وكذلك استصدار أمر بالقبض والتفتيش خصوصا وأنهم متأكدين بشكل يقيني بقيامي بالترويج والدليل على ذلك اتخاذهم للخطوات اللاحقة مثل تجهيز المصدر ومن بعد ذلك الاتصال وتحديد موعد وتحضير المبلغ الحكومي المرقم مثلما أشار معدي المحضر، ولكن الفرقة لم تتخذ أيا من الإجراءات النظامية المنوط بها إتباعها في مثل تلك المواقف والحالات مما يتأكد معه أمام فضيلتكم، بأن ذلك بمثابة قرينة أخرى بعدم صحة تلك الواقعة.
5- أن التراخي الشديد في إلقاء القبض علي قرينة على كون هذا الأمر مُلفقا برمته:-
حيث أنه بمطالعة ما جاء بأوراق الدعوى وما استند إليه المدعي العام ومن بعده المحكمة في إسناد تلك التهم المنسوبة إلى نجد تراخي شديد في إلقاء القبض علي ويتضح ذلك من خلال ما تم الإشارة إليه وتوضيحه من المدعي العام من حدوث كافة الإجراءات بتاريخ ………. بداية من محضر البلاغ مرورا بمحضر الاتصال وانتهاءً بمحضر الشراء، إذ أن حدوث كل الإجراءات الخاصة بالواقعة يوم ………. ، يوحي بأننا أمام جريمة مكتملة الأركان ولا ينقصها فقط سوي إلقاء القبض على المتهم، بيد أن الفرقة القابضة لم تقم بإلقاء القبض علي إلا بتاريخ ………. ، مما يوضح مدى التراخي الشديد في إلقاء القبض علي، والذي هو في حد ذاته قرينة على عدم صحة ما ورد في كافة تلك المحاضر المذكورة وأن هذا الاتهام لا يعدوا كونه اتهاما مُلفقا، فلو كانت تلك الاتهامات صحيحة مثلما أشارت فرقة مكافحة المخدرات فلماذا لم يتم القبض علي متلبسا بالجريمة أو بعدها بفترة قصيرة.
6- أن تفتيش المنزل لم يسفر عن وجود أية مواد مخدرة:-
حيث أنه، وكما هو ثابت من خلال لائحة الإدعاء العام، فإن تفتيش المنزل لم يسفر عن وجود أية مواد مُخدرة مخبأة، وهو ما يعد قرينة قوية حد اليقين على أن اتهامي بترويج المواد المحظورة إنما هو اتهاما باطلا وملفقا دون شك، فالمفترض بمن يمتهن الترويج أن يكون محتفظا بهذه المواد في منزله، لكون هذا هو الخيار الأول والمنطقي لأي شخص يرغب في إخفاء شيئا ما عن عيون البقية، إذا، فكيف يمكن اتهامي بالترويج بالرغم من أن تفتيش المنزل لم يسفر البتة عن وجود أية مواد مُخدرة بحوزتي؟!! فلا شك أن الإجابة المنطقية الوحيدة هي أن هذا الاتهام لا يعدوا كونه اتهاما ملفقا وغير صحيح، وقد يقول قائل أن المواد المُخدرة التي أقوم بترويجها مخبأة في مكان آخر غير المنزل، وهنا أرد بما نصت عليه القاعدة من أن (الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين) إ.هـ وهذا القول – أن المواد المخدرة مخبأة في مكان آخر – مجرد شك وتخمين للرد على حجة الدفع الذي ذكرته والمتمثل في خلو المنزل من المواد المخدرة واعتبار ذلك قرينة على براءتي من اتهامي بترويج المواد المخدرة.
7- وجود عدة قوادح في الشاهدين، مما يوجب الالتفات عنها وعدم الأخذ بها:-
وأود أن أتناول ذلك بمزيد من التفصيل على النحو التالي:-
1- وجود مصلحة للشاهدين في إثبات الجريمة لكونهما هما من قاما بإعداد المحضر وعدم ثبوت الجريمة يعرضهما للمسائلة الجنائية وكذا الحق الخاص فضلاً عن الامتيازات من الثناء عليهما من جهة عملهما ومكافأتهما على ذلك وفضلاً عن كونهما أصحاب الادعاء، ومن المستقر عليه في القواعد الشرعية أنه لا يجوز لأحد اصطناع بينة لمصلحته ليحتج بها على غيره، لذا فمثار الشك والريبة يحوم حولهما ومن ثم كان يتعين على المحكمة طرح شهادتهما عملاً بقول الله تعالى (ذلكم اقسط عند الله وأقوم للشهادة وادني إلا ترتابوا ……….) ، والريبة تأتي مع التهمة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه) فالشاهد لا بد أن يكون محايدا ليس له علاقة تميل كفتها لأحد أطراف النزاع لمصلحة له ظاهرة مما يدفعه للانحياز، فالشاهدين هل يصدق عليهما وصف الحياد؟ ، وهم تابعين للجهة القابضة فلا أعلم كيف تقبل شهادتهم وتسمى بينه.
2- ثبوت مخالفتهم للنظام مما يقدح في عدالتهم، حيث أننا قد وضحنا سابقاً – في البند الأول – قيامهم بمخالفة النظام فيما اتخذوه من إجراءات.
3- عدم رؤية الشهود لواقعة الاستلام والتسليم وهو ما تم التأكيد عليه من خلال مناقشة الشهود والموضح تفصيليا بصك الحكم طبقا لما جاء بالصفحة الرابعة وتحديدا السطر رقم (8) والذي جاء فيه ” ثم جرى سؤال الشاهد الأول/ ………. هل رأيت الاستلام والتسليم؟ أجاب قائلا: لم أره ” إ.هـ، وهو ما حدث أيضا مع الشاهد الثاني طبقا لما جاء بالصفحة الرابعة لصك الحكم وتحديدا بالسطر رقم (19) والذي جاء فيه ” ثم جرى سؤال الشاهد هل رأيت الاستلام والتسليم؟ أجاب قائلا: نعم شاهدت المصدر يسلم المروج المبلغ الحكومي ولم أشاهد تسليم الحبوب له هكذا أجاب ………. ” إ.هـ، وبالتالي يتضح لعدل فضيلتكم أن كلا الشاهدين لم يشاهدا مطلقا قيامي بتسليم الحبوب المخدرة للمصدر المزعوم والخاص بهما مما يتعين طرح شهادتهما جانبا وعدم الأخذ بها.
4- مخالفة شهادة الشهود للمادة (123) من نظام المرافعات الشرعية وكذلك ما أقرته المحكمة العليا في هذا الشأن، إذ أن الواضح من خلال صك الحكم المعترض عليه أن سماع شهادة الشهود كان في جلسة لم يحضرها المدعى عليه مما يعد مخالفاً لما نصت عليه المادة ( 123) من نظام المرافعات الشرعية كما أنه وقد صدر من المحكمة العليا قريباً بشأن هذا الموضوع المبدأ رقم ………. وتاريخ ………. والمتضمن: أن الهيئة العامة للمحكمة العليا تقرر بالإجماع ما يلي: (إذا كانت البينة هم رجال الأمن ومن في حكمهم من القابضين والمحققين، فعلى القاضي طلبهم لأداء الشهادة بمواجهة المشهود عليهما أمكن ذلك كغيرهم من الشهود ويجري عليهم أحكام الجرح والتعديل، ويراعي القاضي في ذلك كله ما ورد في نظام الإجراءات الجزائية. والله الموفق)إ.هــ. وبناء عليه فإنني لم أتمكن من مواجهة الشهود وتوجيه الأسئلة لهم وهو ما كان إجابتهم عليها ستغير من نتيجة الحكم. أضف إلى ذلك أنه لم يتم الفصل بين الشهود أثناء سماع شهاداتهم، ليتم سماع شهادة كل واحد منهما منفردا عن الآخر، بل تم سماع شهاداتهم مجتمعين، وهو ما يمثل مخالفة لمقتضى ما نصت عليه المادة رقم (123) من نظام المرافعات الشرعية، حيث ورد فيها (تسمع شهادة كل شاهد على إنفراد بحضور الخصوم دون حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم) إ.هـ، ونتج عن تلك المخالفة أن تطابقت أقوال الشاهدين حرفيا وكأنها نسخة كربونية ورغم ذلك أخذت الدائرة بها بالمخالفة للنظام كما لم يتم تحليفهم قبل سماع الشهادة وهو ما يمثل جوانب أخرى من جوانب القصور
ثانيا) بالنسبة للاتهام المُوجة لي بتعاطي المواد المُخدرة من السابق:-
حيث أنني قد أقررت طواعية أمام مجلس القضاء المُوقر، بأنه قد سبق لي أن تعاطيت المواد المخدرة من السابق، إلا أنني آمل تكرم فضيلتكم بتخفيف الحكم عليّ فيما يتعلق بهذا الجرم، وذلك استنادا على ما يلي من أسباب:-
1- توافر سبب من أسباب تخفيف العقوبة علىّ بإذن الله:-
حيث أن المادة رقم (60) من نظام المخدرات والمؤثرات العقلية قد أجازت للقاضي النزول عن الحد الأدنى لعقوبة السجن وكذلك وقف تنفيذ العقوبة إذا ظهر لها من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو ظروفه الشخصية أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة أو غير ذلك مما يبعث على الاعتقاد بأن المتهم لن يعود إلى مخالفة أحكام هذا النظام ما لم يكن سبق أن حكم عليه وعاد إلى المخالفة نفسها، وأكدت على ذلك أيضاً المادة (224) الفقرة (2) من نظام الإجراءات الجزائية على جواز وقف تنفيذ عقوبة السجن التعزيرية في الحق العام إذا رأت المحكمة من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو ظروفه الشخصية أو الظروف التي ارتكب فها الجريمة أو غير ذلك ما يبعث على القناعة بوقف التنفيذ، كما أن العفو عن العقوبة أولى إعمالاً لقوله صلى الله عليه وسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، لأجل ذلك، ولحداثة سني وخشية من ضياع مستقبلي الوظيفي فإنني أخاطب أنفسكم الطيبة بأن تخففوا عني العقوبة فيما يخص هذا الجرم رأفة بحالي، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر ، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) إ.هـ.
2- أن التوبة من أسباب انقضاء الدعوى العامة:-
إذ أن النظام السعودي قد انفرد عن الأنظمة والقوانين الأخرى، بإقراره للتوبة كأحد أسباب انقضاء الدعوى الجزائية العامة، إذ جاء في المادة (22) من نظام الإجراءات الجزائية: (تنقضي الدعوى الجزائية العامة في إحدى الحالات الآتية: 1- صدور حكم نهائي. 2- عفو ولي الأمر فيما يدخله العفو. 3– ما تكون التوبة فيه بضوابطها الشرعية مسقطة للعقوبة. 4- وفاة المتهم. ولا يمنع ذلك من الاستمرار في دعوى الحق الخاص) إ.هـ ، أي أن التوبة هي أحد أسباب انقضاء الدعوى العامة في الجرائم التي تكون فيها التوبة مسقطة للعقوبة وفق الضوابط الشرعية المعتبرة، وحيث أنني قد تبت فعلا عن هذا الجرم تماما وكليا، ويتأكد ذلك لفضيلتكم من أمرين هامين على النحو التالي:-
1- الأمر الأول: أنني لم أتعاط هذه المواد المُخدرة منذ ما يقرب من نصف عام كامل، وهذا جزء لا يتجزأ من إقراري بتعاطي المواد المخدرة، ولا يجوز فصلهما عن بعضهما، والدليل على ذلك أنه قد ورد – على لساني – في لائحة الإدعاء العام المضبوط نصها في صك الحكم، تحديدا في السطر رقم (2) من الصفحة رقم (2) ما يلي (كما اعترف بتعاطيه الحبوب المحظورة قبل ثلاثة أشهر تقريبا)إ.هـ، وحيث أن وقت إدلائي بهذا الإقرار كان أثناء التحقيق معي من قبل النيابة العامة في شهر (6) الماضي، حيث أقررت حينها بأنه قد مر ثلاثة أشهر منذ تعاطيّ للمواد المخدرة، وحيث أننا الآن في شهر (10) فهذا معناه أنه قد انقضى الآن سبعة أشهر كاملة دون قيامي بتعاطي أية مواد مُخدرة وهو ما يدل على صدق توبتي ولله الحمد والمنة والفضل.
2- الأمر الثاني: أن أعضاء مكافحة المخدرات، لم يعثروا على أية مواد مُخدرة أثناء تفتيشهم لمنزلي، وبغض النظر أن التفتيش قد وقع بما يخالف صحيح النظام، إلا أن عدم العثور على أية مواد محظورة في منزلي بعد تفتيش كافة جوانبه، فيه دلالة قوية على أنني قد أقلعت عن تعاطي هذه المواد المُخدرة وتبت عن ذلك الذنب توبة نصوحا، وهو ما أرجوا من مقام فضيلتكم أخذه في الحسبان والنظر إليّ بعين الرأفة والرحمة وإلغاء العقوبة عليّ فيما يخص هذا الجانب أيضا.
ثالثا) بالنسبة للاتهام المُوجة لي بالتستر عن مصدر المواد المُخدرة:-
بادئ ذي بدأ، فإنه لا يخفى على فضيلتكم ما نصت عليه القاعدة الشرعية من أن (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر) إ.هـ، لذا فإنه كان حريا بالنيابة العامة بصفتها مُدعية بالحق العام تقديم البينة أو الدليل على قيامي بالتستر على مصدر هذه الحبوب المحظورة، وهو ما عجزت عنه النيابة العامة، الأمر الذي يعني عدم ثبوت تلك التهمة بحقي، ولو أننا تغاضينا – افتراضا – عن هذه القاعدة، فإن ذلك لا يثبت أيضا قيامي بالتستر على مصدر المواد المخدرة، حيث أنني قد أدليت بكافة ما أعرفه عن هذا الشخص، فذكرت أنني سبق أن اشتريتها من شخص إثيوبي، وهذا واضح وجلي بموجب ما هو وارد في صك الحكم، وتحديدا في السطر رقم (16) من الصفحة رقم (3) حيث ورد فيها (وأما من التعاطي من السابق فصحيح وكنت أقوم بشرائها من شخص إثيوبي) إ.هـ، وهذه المعلومة هي بالفعل كل ما أعرفه عن الشخص الذي باع عليّ المواد المخدرة التي تعاطيتها من السابق، وهو ما يؤكد عدم تستري عليه، والدليل أيضا على عدم قيامي بالتستر هو أنني قد أقررت بما يدينني، وهو إقراري بالتعاطي من السابق، وتعريضي نفسي للمسائلة الجنائية، فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن إذا: ما هو المكسب الذي سأجنيه إن أنا قمت بالتستر على هذا الشخص؟ والإجابة هي لا شيء، بل على العكس من ذلك فإنني سأورط نفسي في تهمة جديدة ألقى عليها عقاب جديد، وهو ما ينفي قيامي بالتستر على هذا الشخص لعدم وجود أي حكمة في التستر على هذا الشخص، بل إن الحكمة تستدعي عدم ذلك وفي هذا الصدد فإنني أُشير إلى ما نصت عليه القاعدة من أن (الأحكام الجزائية تُبنى على الجزم واليقين ولا تبنى على الشك والتخمين) إ.هـ. إذ يتمثل الشك والتخمين هنا، في الاعتقاد بأنني أعلم عن هذا الشخص أكثر مما أدليته بشأنه، وهذا غير صحيح جملة وتفصيلا.
رابعا) بالنسبة للاتهام المُوجة لي بحيازة الذخيرة النارية:-
فإنني أؤكد لفضيلتكم أن هذه الذخيرة النارية المضبوطة، خاصة بسلاحي الشخصي الخاص بالعمل، ويمكن لفضيلتكم إعادة مخاطبة جهة عملي “قوات الطوارئ الخاصة بمحافظة ………. ” وسيتضح صحة ما ذكرت، علما بأن ثمة قرينة أخرى تؤكد صحة ذلك، وهو أن المُدعي بالحق العام قد ذكر في لائحة دعواه، أنني من سمحت لأفراد مكافحة المخدرات بتفتيش منزلي، وبغض النظر عن كون هذا الأمر نقطة جدلية نحن في غنى عن مناقشتها، إلا أنه يمكن اعتبارها قرينة على أنني أعلم تمام العلم بخلو المنزل من أي شيء يمكن أن يمثل انتهاكا للنظم العامة، ولعلمي أن هذه الذخيرة خاصة بالعمل وأن اكتشافها لن يؤدي إلى محاكمتي بتهمة حيازة ذخيرة نارية لأنها ليست مملوكة لي، بل لجهة عملي، لذا، فإنني آمل تكرم فضيلتكم بمخاطبة جهة عملي للتأكد من صحة ما ذكرت.
خامسا) وجود عوارض شرعية تمنع من مؤاخذتي شرعاً: –
حيث إنني أعاني من بعض الاضطرابات والمشاكل النفسية والتي سببت لي العديد من المشاكل مسبقا، ولا يخفى ………. علم أصحاب الفضيلة أن المريض النفسي كالغافل والنائم بل قد يصل إلى حد الجنون وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق)إ.هـ وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (قاعدة الشريعة أن العوارض النفسية لها تأثير في القول إهداراً واعتباراً وإعمالاً وإلغاءً، وهذا كعارض النسيان والخطأ والإكراه والسكر والجنون والخوف والحزن والغفلة والذهول ولهذا يحتمل من الواحد من هؤلاء من القول ما لا يحتمل من غيره، ويعذر بما لا يعذر به غيره، لعدم تجرد القصد والإرادة ووجود الحامل على القول وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الغضب مانعاً من تكفير من قال له ولأصحابه: هل أنتم إلا عبيد لأبي، وجعل الله سبحانه الغضب مانعاً من إجابة الداعي على نفسه وأهله، وجعل سبحانه الإكراه مانعاً من كفر المتكلم بكلمة الكفر، وجعل الخطأ والنسيان مانعاً من المؤاخذة بالقول والفعل)إ.هـ.
وأخيراً، ومن جميع ما تقدم من أسباب الاعتراض التي وافقت صحيح الشرع والنظام، التي بينا من خلالها أوجه العوار بدايةً من القبض عليّ وتفتيشي وتفتيش سيارتي ومسكني الخاص واتهامي إفكاً وافتراءا حتى صدور الحكم بحقي فإنني ألتمس من فضيلتكم نقض الحكم والقضاء مجدداً ببراءتي وإلغاء كافة العقوبات الواردة بالحكم محل الاعتراض
المطلوب:-
تكرم فضيلتكم بالاطلاع ومن ثم القضاء: –
أصليا: نقض الحكم محل الاعتراض وإلغاء كافة العقوبات الواردة به، وإعادة نظر الدعوى والقضاء فيها مجدداً ببراءتي من كافة الاتهامات المنسوبة إلي.
واحتياطياً: تحويلي للكشف الطبي من المختصين ووضع تقرير مفصل بحالتي الصحية والنفسية
وفضيلتكم أهل للعمل بقول عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري”ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل “.
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المُدعى عليه أصالة/ ……….