أصحاب الفضيلة/قضاة الدائرة ………. بالمحكمة العامة في ………. وفقهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
الموضوع : لائحة اعتراضية.
الإشارة : صك الحكم رقم ………. وتاريخ ………. الصادر في الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة من ( المدعى العام ) و ………. و ………. ضد ……….
نص الحكم
(فقد قررنا الرجوع عن كل ما حكمت به الدائرة سابقا إلى رد طلب المدعى العام إيقاع حد الحرابة بحق المدعي عليهم الأول والثالث والرابع والخامس والثامن المذكورين لما سبق ذكره وتعزير المدعى عليه السادس بالسجن خمسة أشهر يحتسب منها مدة إيقافه على ذمة هذه القضية وإمضاء ما حكمت به من تعزير بحق المدعى عليهما الثانية والسابعة ورد طلب المدعى العام مصادرة السيارتين المذكورتين لما سبق في تسبيب الحكم وبموجبه حكمت الدائرة على أن للمدعى بالحق الخاص المطالبة بالقصاص من المدعى عليهم كلهم أو بعضهم سوى المدعى عليه السادس في دعوى أخرى مستقلة بعد انقضاء هذه الدعوى ……….)
أسباب الحكم:-
1- الدعوى والإجابة .
2- ليس كل قتل غيلة يكون حرابة مطلقا، ما لم يكن غرض القاتل المال أو العرض، حسب أراء العلماء الواردة بالصك.
3- ما جاء في اعترافات المدعى عليهم بأن الغرض من القتل هو وجود عداوة بينهم وبين المقتول بسبب ما نسبوا إليه من انتهاك محارمهم والخلوة بهن، وليس بغرض مال المقتول.
4- دعوى المدعي بالحق الخاص إنما هي تأكيد لدعوى المدعي العام في طلبيه الأوليين.
أسباب الاعتراض على الحكم:-
حيث أن الحكم الصادر قد قضى برد طلب المدعي العام بإيقاع حد الحرابة بحق المدعى عليهم الأول والثالث والرابع والخامس والثامن وذلك على سند من القول بأن إيقاع حد الحرابة على القتل غيلة يشترط فيه أن يكون غرض القاتل المال أو العرض، ولأن هذا الرأي يخالف قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة وقرار المحكمة العليا وتعميم وزير العدل بشأن القتل الغيلة، كما أن الحكم التفت عن طلب المدعين بالحق الخاص بالقصاص من المدعى عليهم الثمانية جميعاً، وحيث أن المدعى عليهم قد أقروا على أنفسهم ببشاعة جريمتهم وخسة طويتهم وغيلة حيلتهم، وقد تم تصديق إقراراتهم شرعا، لذا سنتناول ما سبق – في معرض ردنا على الحكم السابق- بشيء من التفصيل وفق النقاط التالية:-
أولاً) إن عقوبة القاتل غيلة هي القتل حداً سواء كان غرض القاتل المال أو العرض أو الخوف من الفضيحة أو إفشاء سر أو نحو ذلك:-
حيث أن أهل العلم قد عرفوا القتل الغيلة بأنه: (هو ما كان عمداً وعدواناً على وجه الحيلة والخداع، ويأمن معه المقتول من غائلة القاتل، سواء كان على مال، أو لانتهاك عرض، أو خوف فضيحة وإفشاء سرها، أو نحو ذلك، وهو نوع من أنواع الحرابة ……….)إ.هـ ، وبناء على هذا التعريف، استقر الرأي لدي هيئة كبار العلماء بالمملكة وكذلك المحكمة العليا، بخصوص عقوبة القاتل غيلة، وهو ما سنعمد إلى توضيحه بشيء من التفصيل في النقاط التالية:-
1- قرار هيئة كبار العلماء رقم ………. وتاريخ ……….:
حيث أفردت هيئة كبار العلماء بالمملكة في أبحاثها بحثاً بعنوان القتل الغيلة، حيث تعرض هذا البحث للتعريف بالقتل الغيلة وشروطه وأراء المذاهب وعلماء الأمة فيه وفي عقوبته أهي الحد أم القصاص (أبحاث هيئة كبار العلماء ج3 ص 407إلى 439) وانتهى البحث بقرار هيئة كبار العلماء المشار إليه أعلاه (مرفق رقم1) والذي عرف القتل الغيلة على نحو التعريف السابق ، وفيما يخص حكم القتل الغيلة وعقوبته؛ قررت الهيئة بالإجماع ما يلي: (أن القاتل قتل غيلة يقتل حداً لا قصاصا، فلا يقبل ولا يصح فيه العفو من أحد)إ.هـ، وقد يقول قائل، أن العقوبة لا خلاف عليها، ولكن الخلاف حول متى يتوجب إيقاع هذه العقوبة، وأنها لا تقع إلا إذا كان القتل غيلة لأجل المال فقط، إلا أن هذا القول مردود عليه، بأن قرار هيئة كبار العلماء بإيقاع القتل حدا على القاتل غيلة، يشمل كافة مفاهيم وحالات “القتل غيلة” الذي خلص إليها تعريف الهيئة بموجب قرارها المُشار إليه، بعبارة أخرى: فإن رأي هيئة كبار العلماء في المملكة هو أن عقوبة القاتل غيلة هي القتل حداً سواء كان القتل للمال أو العرض أو مخافة الفضيحة أو نحو ذلك، وهو ما ينطبق تماما على قتل المدعى عليهم لمورث موكلي حيث أنهم قتلوه غيلة مخافة الفضيحة وتطهيرا لسمعتهم التي نالت منها ألسنة الناس حسب مزاعمهم.
2- قرار المحكمة العليا رقم ………. وتاريخ ……….:
حيث أسست المحكمة العليا رأيها في حكم القتل غيلة وعقوبته على قرار هيئة كبار العلماء سابق الإشارة إليه، وذلك من خلال قرارها رقم ………. وتاريخ ………. (مرفق رقم 2) ، فبعد أن عَرَّفت قتل الغيلة على النحو السابق بيانه، قررت حكمها في عقوبة القاتل غيلة في البند ثانياً من القرار كما يلي: (القاتل غيلة يقتل حداً لا قصاصا، ولا يقبل فيه العفو، وهو مقدم على الحق الخاص)إ.هـ ، أي أن المحكمة العليا قد قررت أيضاً أن القتل حداً هي عقوبة القتل غيلة وأضافت أن الحق العام يقدم على الحق الخاص أي أنه إذا طلب المدعي بالحق الخاص القصاص من القاتل فإنه لا يحكم عليه بالقتل قصاصاً في الحق الخاص فيكون من حق ولاة الدم العفو فيه، بل الصحيح هو تقديم الحق العام في الحكم بأن يقتل القاتل حداً في الحق العام وبالتالي لا يجوز فيه العفو من أحد. وبناء على ما سبق قد أصدر وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى السابق معالي الدكتور ………. في ………. إلى كافة محاكم المملكة، حيث شدد معاليه في تعميمه على ضرورة العمل بقرار المحكمة العليا باعتبار حد الحرابة في القتل غيلة، بأن يقتل القاتل غيلة حداً ولا يقبل فيه العفو أو الدية.
3- النصوص الشرعية التي استند إليها قرار هيئة كبار العلماء وكذلك المحكمة العليا بالمملكة:-
لقد استندت هيئة كبار العلماء وكذلك المحكمة العليا على نصوص شرعية معتبرة من الكتاب والسنة، لذا سأعرضها فيما يلي:-
1- من القرآن: قوله جلا وعلا: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) الآية(33) المائدة
2- من السنة: ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أن يهوديا رضَّ رأس جارية بين حجرين على أوضاح لها أو حلي، فأُخذ واعترف، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرضَّ رأسه بين حجرين)، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل اليهودي، ولم يرد الأمر إلى أولياء الجارية، ولو كان القتل قصاصا لرد الأمر إليهم؛ لأنهم أهل الحق، فدل أن قتله حداً لا قوداً.
3- ومن الأثر: ما ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أنه قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد قتل غيلة، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً)، فهذا حكم الخليفة الراشد في قتل الغيلة، ولا يُعلم نقلا يدل على أنه رد الأمر إلى الأولياء، ولو كان الحق لهم لرد الأمر إليهم، وهذا يدل على أنه يقتل حداً لا قوداً.
ثانيا) أن اشتراط سلب المال لإيقاع القتل على القاتل غيلة قد يؤدي إلى عدم إيقاع هذا الحد مُطلقا وهروب القاتل من تبعات فعله:-
حيث أن ما انتهى إليه فضيلة القاضي بشان وجوب حدوث سلب للمال لقتل القاتل غيلة، وبالرغم من أنه يناقض ما انتهى إليه قرار هيئة كبار العلماء وتعميم المحكمة العليا المُشار إليهما أعلاه، إلا أن ثمة وجه آخر للتأكيد على عدم وجاهة هذا القول، فلو أننا قصرنا قتل القاتل غيلة، على القاتل بنية سلب المال، لأدى ذلك إلى إهدار إيقاع هذا الحد، حيث سيلجأ كل من قتل إنسانا، بقتل الغيلة إلى نفي استيلاؤه على أية أموال منه من جهة وإلى التشنيع على المقتول بزعم أنه قد هتك عرضه أو عرض محارمه من جهة أخرى، لا سيّما وأن المقتول لن يستطيع الدفاع عن نفسه ونفي الاتهام عنها! ولا شك أن قول القاتل غيلة بذلك سيكون بغرض التملص من تبعات فعله ولعلمه أن إنكار استيلاؤه على المال ولجوئه إلى التشنيع على المقتول سينقذ رقبته من قتله غيلة، وهو ما سيقودنا – لا محالة – إلى تعطيل العمل بهذا الحد دون قصد بالطبع، ومن هنا جاء قرار هيئة كبار العلماء المُشار إليه أعلاه، بوجوب إيقاع قتل الغيلة على كل قاتل غيلة بغض النظر عن دافعه في القتل.
ثالثا) إن ممثل المدعين بالحق الخاص طلب القصاص من المتهمين الثمانية منذ البداية ولم يُعدِل طلبه هذا ولم يتركه أو يتنازل عنه:-
حيث أن ممثل المدعين بالحق الخاص ………. قد حضر أول جلسة عقدت لنظر الدعوى في ………. بصفته وكيلا عن والده ………. ، وبصفته ولي عن والدته ………. ، ثم ادعى قائلاً : (إنني أطالب بالقصاص لأخي من كلا من الثمانية هؤلاء الحاضرون ……….) إ.هـ (يراجع صك الحكم الأول في ………. ص 10 السطر17) أي أن المدعين بالحق الخاص طالبوا منذ البداية بالقصاص من كل المدعى عليهم، وذلك استناداً للمادة (147) من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على: (لمن لحقه ضرر من الجريمة – ولوارثه من بعده – أن يطالب بحقه الخاص أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجزائية العامة في أي حال كانت عليها الدعوى، حتى لو لم يقبل طلبه أثناء التحقيق)إ.هـ ، وحيث أن الحكم الصادر في الدعوى قد فصل في دعوى الحق العام وأغفل الحكم في دعوى الحق الخاص حيث اكتفى بالتوجيه بأن من حق المدعي بالحق الخاص المطالبة بالقصاص وذلك حسبما ورد بنص الحكم كما يلي: (………. على أن للمدعى بالحق الخاص المطالبة بالقصاص من المدعى عليهم كلهم أو بعضهم سوى المدعى عليه السادس في دعوى أخرى مستقلة بعد انقضاء هذه الدعوى ……….)إ.هـ، الأمر الذي يوحي بأن الدائرة لم تقف على مطالبة المدعين بالحق الخاص في القصاص من المدعى عليهم الثمانية، لذا جاء توجيهها بأن للمدعين بالحق الخاص الحق في المطالبة بالقصاص من المدعى عليهم كلهم سوى المدعى عليه السادس – وكأنهم لم يطالبوا بالقصاص من قبل – ولو أن الدائرة قد وقفت على مطالبة المدعين بالحق الخاص في القصاص من كل المدعى عليهم، لفصلت فيه حتى لا تخالف ما تقضي به المادة (180) من نظام الإجراءات الجزائية والتي تنص على: (كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجزائية يجب أن يفصل في طلبات المدعي بالحق الخاص، أو المتهم، إلا إذا رأت المحكمة أن الفصل في هذه الطلبات يستلزم إجراء تحقيق خاص يترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى الجزائية؛ فعندئذ تفصل المحكمة في تلك الدعوى وترجئ الفصل في تلك الطلبات إلى حين استكمال إجراءاتها)إ.هـ، أي أن الحكم يجب أن يفصل في طلب القصاص من المدعى عليهم جميعا، وذلك لأنه طلب ممثل المدعين بالحق الخاص الذي طالب به في جلسة ………. وهو طلب قائم مُتَمسك به ولم يُعَدل أو يُترك أو يُتَنازل عنه. ولا يؤثر في ذلك تلكم الطلبات التي قدمها ممثل المدعين بالحق الخاص في طلبه الذي سُميَ بملحق اللائحة الاعتراضية وذلك لأن تلكم الطلبات هي تأكيد ودعم لطلب المدعى العام وليست تعديلاً لطلب القصاص من كل المدعى عليهم، حيث أنه بدأها بلفظ (التأكيد على) أي أنه يؤكد طلبات المدعى العام ويؤيدها مع تمسكه بطلب القصاص الذي طالب به منذ البداية وأصر عليه حتى النهاية دون تعديل.
لذا وبناء على ما سبق عرضه يصبح من الأحرى بالدائرة الموقرة الفصل في طلب المدعين بالحق الخاص في القصاص من كل المدعى عليهم إعمالا لنص المادة (180) من نظام الإجراءات الجزائية سابق البيان، لاسيما وأن الحكم في طلب القصاص لا يستلزم إجراء تحقيق خاص يترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى الجزائية.
رابعا) ثبوت ارتكاب المدعى عليهم جميعاً لجريمة القتل غيلة سواء بالمباشرة أو التسبيب:-
حيث أن الدائرة الموقرة قد أكدت في حكمها الأول والثاني على إدانة المدعى عليهم جميعاً في جريمة القتل غيلة ما عدا المدعى عليه السادس وذلك تأسيسا على إقراراتهم المصدقة شرعاً والمدونة بأوراق الدعوى والتي ورد نص الحاجة من كل منها بصك الحكم الأول ص11 إلى ص22، وإننا إذ نؤكد على ما انتهت إليه الدائرة الموقرة في إدانة المدعى عليهم ، كذلك نذكر بالأثر الصحيح الذي ثبت عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه (أنه قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد قتل غيلة، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً)، والمدعى عليهم قد تمالؤا على قتل مورث موكليَّ غيلة بأن خططوا معاً وتقاسموا الأدوار فيما بينهم حتى استدرجوه وغدروا به وقتلوه غيلة ثم تعاونوا وتضامنوا في إخفاء الجثة والتخلص منها على نحو ما ورد بأوراق الدعوى – نحيل أصحاب الفضيلة لها منعا للتكرار- بل إن المدعى عليهم مصرين جميعاً على التستر والتضليل بشأن التصرف في جثة القتيل حتى الآن. الأمر الذي يؤكد أنهم جميعاً فاعلين ومنفذين للجريمة بالتضامن فيما بينهم حيث قاموا بالقتل سواء بالمباشرة أو التسبب -على نحو ما سبق تفصيله في اللوائح السابقة-، لذا فإننا نؤكد على مطالبتنا بالقصاص من المدعى عليهم جميعاً لاشتراكهم في قتل مورث موكليَّ حسبما سبق البيان.
الطلبات:-
تكرم أصحاب الفضيلة بالاطلاع والتقرير بنقض الحكم محل الاعتراض، والقضاء مجدداً في الدعوى العامة بقبول طلب المدعي العام بقتل كل المدعى عليهم حداً خلا السادس وفي الحق الخاص بقبول طلب ممثل المدعين بالحق الخاص وهو القصاص من كل المدعى عليهم لاشتراكهم في قتل مورث موكليَّ .
وإن أصحاب الفضيلة أهلٌ للعمل بقول عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري ” ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ………. “
وفقكم الله ورعاكم وسدد على دروب الخير خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المُدعي بالحق الخاص وكالة/ ……….