فضيلة القاضي/ ………. القاضي في المحكمة العامة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على الصك رقم ………. وتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………., المُقامة من ………., ضدي أنا “ ………. “.
نص الحكم
“فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة وبناء على ما جاء في قرار هيئة النظر الأخير وبناء على أن الضرر يزال ولحديث : (لا ضرر ولا ضرار) , بناء على جميع ذلك قد قررت ما يلي: ثبت لدى وجود ضرر على المدعى بسبب النوافذ المفتوحة في عقار المدعى عليه من الجهة الجنوبية لعقار المدعى عليه وحكمت بإلزام المدعى عليه بإغلاق جميع النوافذ من الجهة الجنوبية لعقاره المذكور سلفاً”إ.هـ
أسباب الحكم:-
1- الدعوى والإجابة.
2- ما ورد في قرار هيئة النظر.
3- ما نصت عليه القاعدة الشرعية بأن “الضرر يزال” وما نص عليه الحديث الشريف بأنه “لا ضرر ولا ضرار”.
أسباب الاعتراض على الحكم:-
1- كيدية دعوى المُدعي مما يستوجب معه الحكم برد الدعوى:-
حيث أن المُدعي قد ذكر في لائحة دعواه الالكترونية, أنني قد قمت ببناء منزل مُكون من دورين مما أدى إلى كشف منزله, إلا أن اللافت في الأمر, هو أن المُدعي قد عاد بعد ذلك, ليُقر بنفسه بعدم صحة ذلك, وأن منزلي – إبّان إقامته لتلك الدعوى – كان مُكون من دور واحد فقط, وذلك في الجلسة التي كانت بتاريخ ………., والذي ورد فيها على لسانه قوله “أكتفي بما سبق وأضيف بان خروج الشيخ محمد الخريف سابقا كان وعقار المُدعى عليه ………. “إ.هـ الأمر الذي يؤكد أنه قد لجأ إلى إقامة تلك الدعوى دون أن يكون هناك ثمّة ضرر قد أصابه قط, كما يؤكد أنه قد تعمد إخفاء الحقيقة, ليظهر في مظهر المُتضرر خلافا للواقع, مما يُعد قرينة في حد ذاته على كيدية دعوى المُدعي, نظرا لتساوي ارتفاع كلا المنزلين وقت إقامة دعواه, الأمر الذي ينتفي معه وجود أي كشف مزعوم لمنزل المُدعي, ويُؤكد على كيدية دعواه بحقي, ومن المعلوم لفضيلتكم أن القرينة هي إحدى وسائل الإثبات المُعتبرة شرعا ونظاما, وفقا لما نصت عليه المادة رقم (156) من نظام المرافعات الشرعية, لذا فإنني أرى أنه كان يتوجب على فضيلة القاضي أن يحكم برد الدعوى, بناء على هذه القرينة, أو على أقل تقدير بأن يتثبت من مدى صحتها من عدمه قبل إصدار الحكم, وذلك بالشخوص بنفسه إلى موقع العقار.
2- صدور الحكم بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم في الدعوى:-
حيث أن المُدعي, قد أقام دعواه مُطالبا – حسبما يتضح من صحيفة دعواه الالكترونية – بإلزامي ببناء جدار بيني وبينه منعا لكشف منزله, ويتضح ذلك من خلال طلباته المُبينة في الصحيفة والتي ورد فيها نصا “أطالب بإلزام المُدعى عليه أن يبني جدار خاص به وأن يقوم بعمل ساتر بيني وبينه حتى لا يكشف عليّ”إ.هـ, غير أن الحكم – محل الاعتراض عليه – قد صدر قاضيا في منطوقه بإلزامي بإغلاق جميع نوافذ منزلي التي تطل على منزل المُدعي, الأمر الذي يُمثل مُخالفة صارخة وواضحة لمقتضى ما نصت عليه المادة رقم (200) من نظام المرافعات الشرعية والتي ورد فيها “يحق لأيّ من الخصوم أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية في الأحوال الآتية: ………. د- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه” إ.هـ, لذا, وقياسا على ذلك, فإذا كان قضاء الحكم بما لم يطلبه الخصوم يُعد مسوغا مقبولا لقبول الالتماس– بالرغم من كونه قد أصبح نهائيا بعد تصديقه من قبل الاستئناف – فإنه ومن باب أولى, يُعد أيضا مُسوغا مقبولا لقبول الاعتراض على الحكم قبل تصديقه, وهو ما أُطالب به.
3-مُخالفة منطوق الحكم لما أجمع عليه العلماء من عدم جواز الإجبار على قفل النوافذ:-
حيث أن الحكم – محل الاعتراض عليه – قد صدر بما يقضي بإلزامي بإغلاق كافة النوافذ التي تطل على جهة المُدعي, وإن كان الحكم قد صدر مُشتملا على مخالفة النظام, وذلك بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم – حسبما وضحنا أعلاه – إلا أن ثمّة مخالفة أخرى قد وقع فيها الحكم, حيث أنه قد صدر مُخالفا في منطوقه لما اتفق عليه الفقهاء من عدم جواز الإجبار على إغلاق النوافذ حتى وإن كان هناك ثمّة ضرر فعلي منها بكشف ملك الجار – حسبما يزعم المُدعي وهو ما لا نُقر به – ومن ذلك ما ورد في الموسوعة الفقهية, حيث ورد فيها أنه “ويرى الحنفية في المذهب – وهو ما يؤخذ من عبارات فقهاء الحنابلة – أن من أحدث شباكًا أو بناء جديدًا وجعل له شباكًا على المحل الذي هو مقر لنساء جاره سواء كان ملاصقًا أو بينهما طريق فاصل فإنه يؤمر برفع الضرر, ويجبر على رفعه بصورة تمنع وقوع النظر: إما ببناء حائط, أو وضع طبلة, لكن لا يجبر على ستر الشباك بالكلية, ويرى الشافعية في المذهب أنه يجوز للمالك فتح كوات وشبابيك في ملكه ولو لغير الاستضاءة; لأنه تصرف في ملكه, وقيد الجرجاني جواز فتح الكوات بما إذا كانت عالية لا يقع النظر منها إلى دار جاره, إلا أن الشيخ أبا ………. بجواز فتح كوة في ملكه مشرفة على جاره وعلى حريمه, وليس للجار منعه؛ لأنه لو أراد رفع جميع الحائط لم يمنع منه فإذا رفع بعضه لم يمنع, وقال بعض متأخري الشافعية: يندفع الضرر عن الجار بأن يبني في ملكه جدارًا يقابل الكوة ويسد ضوئها ورؤيتها فإنه لا يمنع من ذلك” إ.هـ, كما ورد في كتاب التبصرة لابن فرحون, قوله ” ومن أحدث عليه ضرر من اطلاع أو فتح باب أو كوة من ذلك, وكذلك لو أحدث نصبة يطلع منها على جاره منع, وقيل: لا يمنع, ويقال لجاره استر على نفسك”إ.هـ.
حيث يتضح من ذلك كله اتفاق الفقهاء – باختلاف مذاهبهم – على عدم جواز القضاء بإغلاق النوافذ حتى وإن كانت كاشفة لملك الجار, بل إن أقصى ما يُمكن فعله, هو أن يُقضى بإلزام من قام بفتح النوافذ على ملك جاره, ببناء جدار لرفع الضرر عن الجار – حال وجوده فعلا – بل إن من الفقهاء من ألقى على عاتق الجار المتضرر بمسئولية بناء الجدار لأنه هو المسئول عن ستر ملكه, لذا فإنني أرى انه كان لزاما على فضيلة القاضي مُصدر الحكم أن يقضي في حكمه بتعلية السور – الموجود بالفعل بيني وبين المُدعي – وليس القضاء بإغلاق النوافذ, لما في ذلك من مخالفة لما أجمع عليه الفقهاء حسبما وضحت أعلاه.
4- الخطأ في الاستدلال بما ورد في إفادة هيئة النظر لإصدار الحكم, نظرا لكونها غير مُلاقية لموضوع النزاع المُثار بيني وبين المُدعي:-
حيث أن النزاع – موضوع هذه الدعوى – المُثار بيني وبين المُدعي أصالة, يتعلق بموضوع مُحدد, وهو النظر في مدى تضرر المُدعي أصالة – حسب زعمه – من وجود نوافذ بمنزلي من الناحية المُطلة على الحوش الخاص به, وهو ما يتأكد معه خطأ الاعتماد على الإفادة الواردة في تقرير هيئة النظر الوارد بتاريخ ………., وأود أن أتناول ذلك بمزيد من التوضيح وفقا لما يلي:-
1- أن إفادة هيئة النظر – الذي تم الاستناد عليها في إصدار ذلك الحكم – لم تأت بأي إجابة مُلاقية تصلح للإجابة عن ذلك الأمر, حيث انصبت تلك الإفادة على بيان مدى مطابقة منزل طرفي الدعوى لرخصة البناء من عدمها, ولم تتناول من قريب أو بعيد بحث مسألة تضرر المُدعي من عدمه من وجود نوافذ في منزلي على الجهة المُطلة على الحوش الخاص به, وهذا هو لُب الموضوع كله, إلا أن الإفادة قد خلت من بيان ذلك تماما, وهو ما يؤكد عدم صلاحيتها للاستناد عليها في إصدار ذلك الحكم.
2- أنه لا يمكن الرد على ما ذكرته في الفقرة السابقة, بالقول أن مُخالفة منزلي لرخصة البناء – وهو ما أُصرّ على نفيه جملة وتفصيلا – يؤكد تضرر المُدعي أصالة من وجود تلك النوافذ, وذلك لأن إفادة هيئة النظر – وبالرغم من عدم صلاحية الأخذ بها بناء على ما ذكرته أعلاه – قد ذكرت أن مُخالفتي – المزعومة – للارتداد المُحدد في رخصة البناء, كان من الناحيتين الغربية والشرقية, بينما أثبتت ذات الإفادة أنني لم أُخالف الارتداد المُحدد في الرخصة من الناحيتين الشمالية والجنوبية, وما يهمني هنا هو الناحية الشمالية التي يتجاور المُدعي معي فيها, إذ إن مُخالفتي للارتداد من الناحيتين الشرقية والغربية لا يؤثر على مجاورتي للمُدعي من الناحية الشمالية, فنبقى متجاورين في كلتا الحالتين ويبقى منزلي مُجاورا للحوش الخاص به سواء كنت فعلا قد خالفت الارتداد أو لم أخالفه, وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك عدم صحة الاستدلال على إفادة هيئة النظر في إصدار ذلك الحكم – محل الاعتراض عليه – نظرا لكونه مُنصب على مسألة أخرى بعيدة تماما عما نحن بصدده, دون أن يتناول من قريب أو بعيد موضوع تلك الدعوى المنظورة نفيا أو إثباتا.
5-الخطأ في تطبيق القاعدة الشرعية التي نصت على أنه “لا ضرر ولا ضرار” والتي تم الاستناد إليها في إصدار الحكم:-
حيث أن فضيلة القاضي قد أصدر حكمه, والذي نص في منطوقه على إلزامي بإغلاق كافة النوافذ المفتوحة بجهة الجوار بيني وبين المُدعي, بينما لم يُلزم المُدعي بأي شيء, وهو ما يُلقي بكافة الضرر علي عاتقي – نظرا لإلزامي بإغلاق كافة النوافذ – ثمنا لتقرير الحماية للمُدعي من ذلك الضرر المزعوم!
الأمر الذي يؤكد الخطأ في تطبيق القاعدة الشرعية المُستند إليها, إذ أن التطبيق الصحيح لها – أي القاعدة – يقتضي الفصل في الجدار الموجود بالفعل بيني وبين المُدعي, وإصدار الحكم بزيادة ارتفاعه ليمثل ساترا بين حوش المُدعي ومنزلي, وهو ما يُرجعنا إلى ضرورة الأخذ بما قررته الآراء الشرعية الموضحة في البند رقم (3) من تلك اللائحة.
6- أن الجدار المُقام حاليا ملكا لي بخلاف ما ذكره المُدعي في صحيفة دعواه:-
حيث أن المُدعي قد تعمد – للمرة الثانية – إخفاء الحقائق عمدا, ولا أرى هدفا من وراء ذلك سوى تعمد التلبيس على فضيلتكم, ويتضح ذلك من خلال ما ذكره المُدعي في لائحة دعواه والتي ذكر فيها أنه هو من أقام الجدار الذي يفصل بيني وبينه, وهو أمر غير صحيح البتة, حيث أنني من قمت بإقامة ذلك الجدار وذلك حرصا مني على ستر منزلي عن منزله والعكس, لذا فإنني أرى أنه كان يجدر بفضيلته أن يُصدر حكمه بإلزام المُدعي أصالة بإقامة جدار خاص به, لستر منزله وفقا لما ورد في أقوال الفقهاء المُشار إليها في الفقرة رقم (3) بهذه اللائحة, أو على أقل تقدير أن يصدر الحكم بإلزامنا بذلك مناصفة, أما إصدار القرار بإغلاق النوافذ فهو أمر مُخالف للشرع والنظام حسبما تم بيانه أعلاه.
المطلوب :–
ألتمس من فضيلتكم الإطلاع والحكم بما يلي:-
أصليا: إعادة نظر الدعوى، والحكم بردها.
احتياطيا: الرجوع عن الحكم وإلزام المُدعي بإقامة جدار فاصل بيني وبينه أو إلزامه بزيادة ارتفاع الجدار الحالي على نفقته الخاصة
وفضيلتكم أهلا للعمل بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ ” .
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المُدعى عليه أصالة/ ……….