صاحب الفضيلة الشيخ/ قاضي الدائرة ………. بالمحكمة العامة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على صك الحكم رقم ………. وتاريخ ……….
الإشـــــارة: الدعوي المقيدة برقم ………. وتاريخ ………. والمقامة من المدعية / ………. ضد المدعي عليه/ ……….
نص الحكم
(………. ثم سالت المُدعية هل تعني بالنفقة الماضية طلب عوض النفقة الماضية لابنها المذكور في الفترة المذكورة أم الرجوع بما أنفقته هي خلال هذه الفترة مما نوت به الرجوع فقالت اطلب بعوض النفقة للمُدة المذكورة ثم قررت المُدعية قصر دعواها على المطالبة بالنفقة الماضية على النحو المذكور إذ سبق بحسب ما ذكرت أن فصل في النفقة المستقبلية بموجب محضر الصلح الصادر من مكتب المصالحة بهذه المحكمة برقم ………. في ………. بمقدار ………. ريال شهريا اعتبارا من ………. وذكرت أن المدعي عليه ملتزم بدفعها إليها من التاريخ المذكور حتى الآن إ.هـ فسألت المدعية هل سبق أن قدرت نفقة ابنها المذكور من قبل محكمة مختصة بحكم سوي ما ورد في محضر الصلح المشار إليه قالت لا، وعليه ولأن من ترك الإنفاق لقريبه مده لم يلزمه عوضه إلا إن فرضه حاكم (كشاف القناع 13/161) وقد نفته المدعية وذلك لأن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان لذا فقد رددت دعوي المدعية بخصوص المطالبة بعوض النفقة الماضية لعدم استحقاقها له وبموجب ذلك حكمت) إ.هـ
أسباب الحكم
1- أنه قد فصل في النفقة المستقبلية بموجب محضر الصلح بمقدار ………. ريال شهريا.
2- عدم تقدير نفقة الابن من قبل محكمة مختصة من قبل.
3- ما جاء في كشاف القناع (13/161) من ترك الإنفاق لقريبه مده لم يلزمه عوضه إلا إن فرضه حاكم.
4- نفي المدعية.
5- أن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان.
أسباب الاعتراض على الحكم
لما كان هذا الحكم قد جانبه الصواب فإنني أعترض عليه للأسباب الآتية، وأود أن أوضح ذلك على نحو من التفصيل وفقا لما يلي:-
أولاً: قبول الاعتراض شكلاً لرفعه في الميعاد:-
لقد صدر صك الحكم من المحكمة العامة في ………. برقم ………. وتاريخ ………. وقمت باستلام صورة من صك الحكم بتاريخ ………. وبذلك يكون الاعتراض مقبول شكلاً لرفعة في الميعاد وهو ثلاثون يوماً من تاريخ استلام صورة الصك وذلك طبقاً لنص المادة (187) من نظام المرافعات الشرعية.
ثانيا: وجوب نفقة الابن علي الأب ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:-
وحيث أن نفقة الأبناء واجبة علي الأب ووجوبها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ومن الأدلة علي ذلك قول الله تعالي ” وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف) “البقرة:233) وكذلك قول الله تعالي ” لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه ” (الطلاق:7) وكذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم كما أخرجــه مســلم في صحيحة مــن قول النبــي صلــى الله عليــه وسـلم لامرأة أبـي سـفيان رضـي الله عنـه ” خـذي مـن مالـه بالمعـروف مـا يكفيـك وولـدك” ولذلك فقد وصي الله عز وجل بوجوب تحمل الأب للمسئولية والإنفاق علي ابنه ورعاية شئونه خصوصا إذا كان الطفل صغيرا وضعيفا ولا يوجد له مال يصرف منه أو يقوي علي الكسب بمفرده وقد حذرنا الرسول صلي الله علي وسلم من عدم الإنفاق حيث أن التفريط في الإنفاق على من تجب النفقة له فيه إثم كبير، لما في المسند وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت“ وكذلك قد أجمع كل أهل العلم على أن على الرجل نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم، وبالتالي يتضح أن نفقة الأبناء حق كفلته لهم الشريعة الإسلامية إذ أن الأب ملزم بتربية أبنائه والإنفاق عليهم وإعالتهم منذ اليوم الأول لوالدتهم.
ثالثا: القصور في تسبيب الحكم وبيان ذلك على النحو التالي:-
حيث جاء الحكم برد دعوي المدعية بخصوص المطالبة بعوض النفقة الماضية لعدم استحقاقها له وقد اعتمد فضيلة الشيخ مُصدر الصك في حيثيات الحكم علي ما جاء في كتاب كشاف القناع (13/161) ” بأن من ترك الإنفاق لقريبه مده لم يلزمه عوضه إلا إن فرضه حاكم”، إلا أن فضيلته قد اجتزئ من النص بتحديده بأن من ترك الإنفاق لقريبه مده لم يلزمه عوضه إلا إن فرضه حاكم وتناسي فضيلته بأن من كان ينفق مقام الأب وبدلاً منه إذا كان ينفق بنية الرجوع علي الأب فيما أنفق فإنه يحق له الرجوع وهو ما أجمع عليه الفقهاء علي أنه من حق من قام بالإنفاق بدلاً من الأب بنية الرجوع عليه لاحقا بما أنفق رجع وذلك لما قرره أهل العلم وما استقرت عليه الأحكام القضائية في ذلك الصدد، وأود أن أتناول ذلك بمزيد من التوضيح على النحو التالي :-
أ) ما جاء في أقوال أهل العلم بشان جواز المطالبة بالنفقة السابقة أو الماضية إذا كان الإنفاق بنية الرجوع:-
1- مــا قــرره الفقهــاء مــن أن نفقــه الأقارب مــن آبــاء وأبنائهم وغيرهــم تسـقط أذا انفـق غيـر مـن تجب عليـه النفقـة عليهـم بغيـر نيـة الرجـوع جـاء في كشـاف القنـاع (13/161) ” ولـو امتنـع زوج أو قريـب مـن نفقـة واجبــة بــأن تطلــب منــه النفقــة فيمتنــع فقــام بهــا غيــره رجــع عليــه منفـق بنيـة الرجـوع “إ.هــ.
2- كما جاء أيضا في كشـاف القنـاع ” ولـو امتنـع زوج أو قريـب مـن نفقـه واجبـة بـأن تطلــب منــه النفقــة فيمتنــع فقــام بهــا غيــره رجــع عليــه منفــق بنيــة الرجـوع لأنه قـام عنـه بواجـب كقضـاء دينـه ” إ.هــ
3- قــال شــيخ الإسلام ابن تيميه في الفتــاوى (34/134): “إذا كان الابن في حضانـة أمـه فأنفقـت عليـه تنـوى بذلـك الرجـوع علـى الأب فلهـا أن ترجـع علـى الأب في أظهـر قولـي العلمـاء وهـو مذهـب ………. و ………. في ظاهــر مذهبــه الــذي عليــه قدمــاء أصحابــه ” إ.هــ
4- قــال ………. في منــار الســبيل (3/1046): ” مــن غــاب عـن زوجتـه مـدة ولـم ينفـق عليهـا لزمتـه نفقـة الزمـن الماضي “، وقـال في موضـع آخـر (2/1052) ” حيـث امتنـع منهـا الـزوج أو قريـب وأنفـق أجنبـي بنيـة الرجـوع رجـع لأنه قـام عنـه بواجـب قضـاء دينـه ” إ.هــ
5- ذكـر البهوتـي في شـرح المنتهي (3/242) ” ولـو امتنـع منهـا أي النفقـة زوج أو قريـب فأنفـق عليهمـا غيـره رجـع منفـق علـى زوج أو قريـب بنيـة رجـوع لأن الامتناع قـد يكـون لضعـف مـن وجبـت لـه وقـوة مـن وجبـت عليـه فلـو لـم يملك المنفق الرجـوع لضـاع الضعيـف ” إ.هــ
6- وجاء في كتاب الإقناع في فقه الإمام احمد بن حنبل (4/150): ” ومن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه إل أن فرضها حاكم أو استدان بإذنه لكن لو غاب زوج فاستدانت لها ولأولدها الصغار رجعت ولو امتنع زوج أو قريب من نفقة واجبة بأن تطلب منه فيمتنع رجع عليه منفق عليه بنية الرجوع ” إ.هــ
7- قــال في دليــل الطالــب ص (292) طبعــة طيبــة “وحيــث امتنــع فيهــا زوج أو قريـب وأنفـق أجنبـي بنيـة الرجـوع رجـع ” وانظـر شـرح منتهـى الإرادات 5/680 طبعـة الرسـالة وكشـاف القنـاع 13/161 طبعـة وزارة العـدل. إ.هــ.
ب) ما استقرت عليه المحاكم بشأن جواز المطالبة بالنفقة الماضية طالما أن الإنفاق تم بنية الرجوع علي من كان مفترض أن ينفق وهو الأب:-
حيث استندت المحاكم العامة بالمملكة في تقريرها – في العديد من أحكامها – بجواز المطالبة بالنفقة الماضية – استنادا على ما قرره أهل العلم في ذلك ، حيث أقرت بحق الزوجة أو المطلقة أو من قام بواجب الإنفاق بدلا من الأب بحق الرجوع عليه طالما أن الإنفاق كان بنية الرجوع لذا فإنني أضع بين يدي فضيلتكم بعضا من تلك الأحكام وفقا لما يلي:-
1- الحكم رقم ………. المصدق بالقرار رقم ………. بتاريخ ………. (مرفق رقم 1).
2- الحكم رقم ………. المصدق بالقرار رقم ………. بتاريخ ………. (مرفق رقم 2).
وحيث أن كل ما سبق يوضح ما انتهي وأجمع عليه أهل العلم والذي قامت المحاكم العامة في المملكة بالاستناد إليه من جواز القضاء بالنفقة السابقة أو الماضية طالما أن من قام بالإنفاق كان ينوي الرجوع وهذا هو ما حدث هنا في الدعوي الماثلة أمام عدل فضيلتكم والتي أقامتها المدعية بطلب إلزام المدعي عليه بفرض النفقة الماضية لابنها الصغير كون والده (المدعي عليه) لم يكن ينفق عليه بالشكل الكافي ولا يرسل الأموال التي تلبي احتياجات هذا الطفل الصغير فما كان من الأم (المدعية) إلا أن قامت ببذل الغالي والنفيس من أجل طفلها الصغير والذي أولته كافة الرعاية والاهتمام وقامت هي بالإنفاق علي الطفل الصغير إلي حين أن تتمكن من الرجوع علي المدعي عليه بما قامت بإنفاقه.
وتتضح نية المدعية في الرجوع علي المدعي عليه بما قامت بإنفاقه طوال الفترة الماضية من خلال ذكرها لذلك في دعواها والتي طالبت فيها بإلزام المدعي عليه بدفع نفقة ماضية من تاريخ الطلاق الحاصل في شهر جمادي الأول لعام ………. ثم وأثناء تداول القضية بالجلسات قامت المدعية بتحديد المدة التي قامت هي بالإنفاق فيها وترغب بالرجوع علي المدعي عليه بما أنفقت طوال هذه الفترة من ………. وحتى تاريخ ………. مما يؤكد لعدل فضيلتكم نية المدعية في الرجوع علي المدعي عليه.
وهذا ما يدفعنا للرد علي فضيلة القاضي بطلب المدعية عوضا عن الفترة الماضية
رابعا: عدم قيام فضيلة القاضي بالشرح وإفهام المدعية ما هو الغرض من سؤال فضيلته بالرجوع أو طلب عوض المدة السابقة:-
حيث قد جاء بصك الحكم الصفحة الثانية قيام فضيلته بسؤال المدعية ” ثم سألت المدعية هل تعني بالنفقة الماضية طلب عوض النفقة الماضية لابنها المذكور في الفترة المذكورة أم الرجوع بما أنفقته هي خلال هذه الفترة مما نوت به الرجوع فقالت بل أطالب بعوض النفقة للمدة المذكورة “إ.هــ حيث كان هنا يجب علي فضيلة القاضي مُصدر الحكم مراعاة أن المدعية غير عالمة بكل تفاصيل القواعد الشرعية والنظامية فهي لم ولن تعرف ما هو الفرق بين ما قام فضيلته بتخييرها وسؤالها فقد ظنت المدعية أن الأمران سيان وأن ذلك سوف يؤدي إلي إلزام المدعي عليه بدفع ما قامت هي بإنفاقه طوال الفترة الماضية وحيث أن ذلك يعتبر إقرارا هاما في الدعوي لأنه بموجبه سوف تقصر المدعية طلباتها عليه فكان يجب علي فضيلة القاضي أن يقوم بشرح ذلك لها وإفهامها خصوصا وان المدعية قد طلبت من فضيلته إلزام المدعي عليه بالنفقة الماضية التي أنفقتها بدلا منه ولكن علي العكس لم يقم بسؤالها سوي مرة واحدة ثم قام بإثبات أن المدعية قصرت دعواها علي المطالبة بالنفقة الماضية علي النحو المذكور علي الرغم مما ذكرنا سابقا بقيام المدعية بتحديد المدة التي تطالب بها تحديداً دقيقا وهي الفترة من ………. وحتي ………. والتي أوضحت أنها تطالب بها وبكل ما قامت بإنفاقه خلال هذه الفترة مما يؤكد نيتها بالرجوع علي المدعي عليه والمطالبة بكل المبالغ التي أنفقتها خصوصا وأن المدعي عليه لم يكن ينفق باستمرار أو بانتظام أو يرسل ما يكفي احتياجات الطفل الصغير ولم تكن لديه حتى البينة علي أنه يقوم بالإنفاق ومذكور ذلك بصك الحكم والذي أشار إليه فضيلة القاضي أنه وبسؤال المدعي عليه عن البينة طلب مهلة لإحضارها ولكنه لم يقدم أي بينة علي أنه كان ينفق علي الطفل الصغير وهذا ما يؤكد قيام المدعية بالتكفل بكل نفقات الطفل وبكل ما يلزمه لحين الرجوع علي المدعي عليه.
الطلبات:-
نلتمس من عدل فضيلتكم التكرم بالإطلاع والقضاء بما يلي:-
أولاً: بنقض الحكم الطعين فيما انتهي إليه برد دعوي المدعية بخصوص المطالبة بالنفقة الماضية للطفل الصغير ………. والحكم بإلزام المدعي عليه بدفع نفقة الطفل الماضية عن المدة من ………. وحتى تاريخ ……….
ثانيا: إلزام المدعي عليه بأتعاب المحاماة.
وأنتم أهلا للعمل بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ” ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء”
وفقكم الله وسدد على دروب الحق خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدعية أصالة ……….