اعتراض بالنقض علي حكم شرب مسكر وحيازته

أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء المحكمة العليا ………. حفظهم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

 

الموضوع :مذكرة نقض للاعتراض على الحكم الصادر ……….

الإشارة: ……….

بيان الحكم

فبناءً على ما تقدم من الدعوى، والإجابة، ولما ورد في شهادة الشاهدين، ولما ورد في التقرير الكيميائي الشرعي، ولما ظهر من صور الحادث. لجميع ما سبق، فقد ثبت لدي إدانة المدعى عليه بشربه للسكر، وحيازته له، والتسبب في التلفيات التي لحقت الدورية الرسمية، والهروب من رجال الأمن وقيادته للسيارة تحت تأثير السكر، وقررت ما يلي: أولًا: جلد المدعى عليه ثمانين جلدة حدًا للمسكر، ويدخل فيها تعزير على حيازته له. ثانيًا: صرف النظر عن طلب المدعى العام بمعاقبة المدعى عليه وفقًا للمادة 68 من نظام المرور لعدم الاختصاص بإيقاع عقوبة المخالفات الواردة في نظام المرور وفق خطاب إدارة المستشارين بالمجلس الأعلى للقضاء رقم  ………. وتاريخ ………. ، وإفهامه أن العقوبة راجعة للجهات المختصة. ثالثًا: تعزير المدعى عليه، وذلك بسجنه لمدة ثلاثة أشهر لقاء هربه من رجال الأمن، والتسبب في التلفيات التي لحقت بالدورية الرسمية، وبه حكمت ………. إلى آخره.

الأسباب التي بُنيَ عليها الاعتراض:

أولا) الأسباب الشكلية لطلب نقض الحكم:-

نصت المادة رقم (198) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه (للمحكوم عليه وللمدعي العام وللمدعي بالحق الخاص؛ الاعتراض بطلب النقض أمام المحكمة العليا على الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف، متى كان محل الاعتراض على الحكم ما يلي: ١ – مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها. ٢ – ………. 3- ………. ٤ – الخطأ في تكييف الواقعة، أو وصفها وصفًا غير سليم) إ.هـ، كما نصت المادة رقم (199) من نظام الإجراءات الجزائية على أن (مدة الاعتراض بطلب النقض ثلاثون يومًا، فإذا لم يودع المعترض اعتراضه خلال هذه المدة، سقط حقه في طلب النقض ……….) وحيث أنني لم أستلم نسخة من الحكم محل النقض والمؤيد من قبل محكمة الاستئناف إلا بتاريخ ………. ، ومن ثم فان مدة الاعتراض على الحكم بطريق النقض ألا وهي الثلاثون يوماً لم تنتهِ بعد، الأمر الذي يتوجب معه قبول النقض شكلا.

ثانيا) الأسباب الموضوعية:-

1-مخالفة الحكم للأحكام النظامية: 

بطلان الحكم لعيب جوهري في الإجراءات لا يمكن تصحيحه  ” إجراءات القبض والتفتيش”:

إن فضيلة مصدر الحكم أصدر حكمه المعترض عليه مستندًا إلى ما نصه : “فقد ثبت لدي إدانة المدعى عليه بشربه للمسكر، وحيازته له، والتسبب في التلفيات التي لحقت الدورية الرسمية، والهرب من رجال الأمن، وقيادته للسيارة تحت تأثير المسكر”.فقد أدانني فضيلته بكل ذلك على الرغم من أنه قد ثبت لفضيلته؛ مخالفة الدورية الأمنية للأحكام النظامية؛ لتوقيفي دون وجه حق، ودون مراعاة لحرمتي الخاصة، التي كفلها لي الشرع، والنظام، فالثابت من واقع الحكم المعترض عليه، ومن خلال شهادة مباشر القبض أنه لاحظني أسير في الطريق، وأنه طلب مني التوقف، فلم أستجب؛ مما يؤكد أن أمره لي بالوقوف كان دون وجه حق، فلم يذكر في البداية أنني ظهرت عليّ أية علامات أو أمارات تدل على تلبسي بجريمة من الجرائم، وقد نصت المادة الخامسة والثلاثون من نظام الإجراءات الجزائية على أنه: “في غير حالات التلبس بالجريمة؛ لا يجوز القبض على أي إنسان، أو توقيفه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك”. فلم يكن لدى مباشر القبض إذ من السلطة المختصة باستيقافي أو تفتيشي، لا سيما وأنني لم أكن متلبسًا بأي جريمة من الجرائم التي تبيح له تفتيشي، أو القبض عليّ؛ مما يعد مخالفة لما نصت عليه المادة الحادية والأربعون من ذات النظام التي ورد فيها: “للأشخاص، ومساكنهم، ومراكبهم حرمة تجب صيانتها، وحرمة الشخص تحمي جسده، وملابسه، وماله، وما معه من أمتعة ………. فلم يراع مباشر القبض أحكام النظام، إذ تجاوز حدود سلطته، وأوقفني رغمًا عني دون وجه حق، ودون إذن من الجهة المختصة، وهو ما يعد انتهاكًا لحرمتي التي أوجب الشرع، والنظام صيانتها، وعدم إهدارها. مما أوصم دعوى المدعى العام ضدي بعيب جوهري لا يمكن تصحيحه، فقد نصت المادة الحادية والتسعون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية على أنه: “إذا وجدت المحكمة أن في الدعوى عيبًا جوهريًا لا يمكن تصحيحه؛ فعليها أن تصدر حكمًا بعدم سماع هذه الدعوى ………. . وكان يتعين على فضيلته عدم سماع الدعوى حين ثبت له هذا العيب الجوهري الذي لا يمكن تصحيحه، لا سيما وأن الدعوى بنيت في مجملها على هذا الإجراء؛ مما يكون معه الحكم محل الاعتراض جديرًا بالنقض.

2- مخالفة الحكم لأحكام الشريعة الإسلامية:

3- بطلان شهادة الشهود لتناقضها، واختلافها عما ورد في لائحة الادعاء العام:

بنى ناظر الدعوى حكمه المعترض عليه مرتكزًا على ما أورده في أسبابه بأنه: “ولما ورد في شهادة الشاهدين ………. وهذا التسبيب لا محل له، ولا يجوز البناء عليه، وذلك لتناقض شهادتي الشاهدين، واختلافها، فقد ذكر الشاهد الأول في شهادته ما نصه: “أشهد بالله العظيم أنه، وأثناء قيامي بعملي، وفي الساعة الثانية صباحًا تقريبًا تلقيت طلب مساندة من قبل زميلي ………. وعندما حضرت له، وذلك عندما اشتبه في السيارة التي كانت بقيادة المدعى عليه ، ومن ثم قمنا بمطاردته، فقام بإيقاف السيارة” ثم ذكر الشاهد الثاني ما نصه: “أشهد لله العظيم أنه، وفي أحد الأيام، وعندما كنت أقوم بعملي الميداني لاحظت المدعى عليه على سيارته من نوع هايلوكس غمازة واحدة قمت بطلب التوقف منه فلم يستجب، وقمت بمطاردته ثم أطفأ أنوار المركبة، وأخذ يقوم بإيقاف السيارة عن طريق الكوابح؛ مما تسبب في اصطدامه بالدورية، وطلبت مساندة من زميلي سلطان ………. ” فقد تناقضت أقوال الشاهدين من حيث إن الشاهد الأول ذكر أن زميله ………. طلب مساعدته عند اشتباهه بيّ، فحضر له وقاما الاثنان بمطاردتي، وهو ما يختلف عن شهادة الشاهد الثاني من حيث إنه ادعى أنه قام بمطاردتي أولًا وبعد ذلك طلب المساعدة من زميله ………. مما يعد تناقضًا في شهادتيهما، يوجب ردها، والطعن فيها، فقد ورد في المبدأ القضائي رقم (2233) ما نصه: “التناقض والاختلاف في الشهادة يوجب ردها، وعدم قبولها”، مما يؤكد بطلان الشهادة التي بني عليها الحكم في مجمله، بل إن ما يؤكد بطلان الحكم المعترض عليه أن شهادة الشاهدين اختلفت عما ورد في لائحة المدعي العام، فالمدعي العام ذكر أنه: “أثناء تواجد الدورية الأمنية في الميدان بالقرب من دوار الساعة تم ملاحظة مركبة من نوع هايلكس غمارة اللون أبيض سنة الصنع 2012م لا تحمل لوحة أمامية والخلفية كذلك مطموسة، وهو ما يختلف تمامًا عما ورد في شهادة الشاهدين المذكورين، فلم يدعيا إطلاقًا عدم وجود لوحة أمامية أو طمس اللوحة الخلفية، وهو الثابت من واقع شهادتهما المرصودة بصك الحكم محل الاعتراض، فكان يتعين على فضيلته إثبات هذا التناقض، ورد دعوى المدعي العام لتناقضها مع شهادة الشاهدين.

5- بطلان إدانتي بجريمة السكر:

استند فضيلة القاضي لتسيب حكمه المعترض عليه إلى ما ذكره المدعي العام في لائحته بأنه: “ورد محضر الاستشمام المتضمن أنه تم القبض على المدعى عليه/  ………. ، وكانت تفوح منه رائحة تشبه رائحة المسكر، وتنبعث كذلك من ملابسه”، وهذا التسبيب خاطئ ولا يجوز الاستناد إليه، لأن من الثابت أن الحدود لا تثبت إلا بإقرار أو شهادة معتبرة شرعًا مستكملة لكافة شروطها الشرعية، وهو ما لم يقدمه المدعي العام، فلم يرد في شهادة الشاهدين أنهما شاهداني أثناء شربي للخمر، كما لم أقر بذلك، فلا يجوز الاستناد إلى محضر الاستشمام لإثبات جرم بحقي لم ارتكبه، لا سيما أن ما ورد في محضر الاستشمام يثير الشك، ويؤكد عدم ثبوت شربي المسكر، إذ ورد فيه أن الرائحة التي كانت تفوح تشبه رائحة المسكر، أي أنه مجرد شك في كونها مسكر، وإذا افترضنا جدلًا أن محضر الاستشمام يعد دليلًا؛ فإنه بذلك يكون قد تطرق إليه الاحتمال، وتقرر القاعدة الشرعية أن: “الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال”، وأن مجرد الشك لا يمكن أن يبنى عليه الحكم، فالأحكام إنما تبنى على اليقين، وليس على مجرد الشك والتخمين، ويؤكد ذلك ما جاء في المغني لابن قدامة حيث ذكر أنه: “ولا يجب الحد بوجود رائحة الخمر من فيه في قول أكثر العلماء “ج9 ص 138”. فإن كان الحد يٌدرأ مع وجود رائحة الخمر، فإنه من الأولى أن يدرأ مع الشك في وجودها وفقُا لما ورد في محضر الاستشمام آنف البيان.

6- عدم جواز قبول شهادة الشهود شرعا:-

فمن المستقر عليه فقها، هو أن شهادة الأخصام على بعضهم لا تُقبل، كما أن شهادة من ستجلب عليه شهادته نفعا أو ستدفع عنه ضرا لا تُقبل أيضا، وذلك إعمالا لما نص عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه (لا تقبل شهادة ظنين، ولا خصم) إ.هـ، وهو ما يتوفر في تلك الحالة التي نحن بصددها، فالشهود خصما لي لكونهم هم من باشروا القبض عليّ، وشهادتهم قطعا ستجلب لهم نفعا وستدفع عنهم ضررا، إذ أن في براءتي ضررا لهم يتمثل في عدم مصداقية إجراءاتهم بحقي وبالتالي إمكانية رجوعي عليهم بالتعويض، الأمر الذي يتوجب معه عدم الأخذ بشهادة الشهود.

7- الخطأ في تكييف الوقائع ووصفها وصف غير سليم:

أن فضيلته استنتج أنني تسببت في تلفيات لسيارة الدورية خلافًا للواقع:

لقد أثبت فضيلته إدانتي بهذه الجريمة بناءً على شهادة الشاهدين المشار إليها أعلاه، في حين أنه على النقيض مما استنتجه فضيلته من مضمونها؛ فإنها تثبت عدم ارتكابي لهذه الجريمة، فالثابت أنهما ادعيا أنني قمت بإيقاف السيارة أثناء مطاردتي، وأنهما هما اللذين اصطدما بيّ، فإن كان الشاهدين قد أقرا بأنني أوقفت السيارة، وأن الصدم كان من جانبهم، فما هو سبب إدانتي بهذه الجريمة على الرغم من ثبوت عدم ارتكابي لها، فإيقافي للسيارة كان بناءً على طلبهما مني، ولم أكن محاولًا الهرب حسب أقوالهما، وإنما أوقفت السيارة فور ملاحظتي لهما، بل هما من تسببا في تضرر سيارتي، بمطاردتهما لي دون وجه حق، فلم يكن ثمة داعي لمطاردتي وتوقيفي، سوى أنهما لاحظا سيري بالطريق، فهل مجرد ملاحظتهم لي يعد مسوغًا لمطاردتي وتعريض حياتي للخطر، وتوقيفي دون وجه حق، ودون مسوغ نظامي؟! مما يثبت الخطأ في تكييف وقائع الدعوى الجوهرية ووصفها وصف غير سليم، بما يؤكد أن الحكم المعترض عليه قد صدر باطلًا من كافة الأوجه بما يوجب نقضه.

 

المطلوب:-

ألتمس من فضيلتكم؛ نقض الحكم الصادر، ورد دعوى المدعي العام، لعدم استنادها إلى بينة شرعية أو سند نظامي؛ عملًا بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :“أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ”.

 

وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المدعى عليه ……….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *