فضيلة الشيخ/ ………. قاضي الدائرة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
الموضوع: لائحة اعتراضية.
الإشــارة: الحكم الصادر برقم ………. وتاريخ ………. في الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة من قبل فرع النيابة العامة ……….
الأسباب ومنطوق الحكم
(وبناء على ما جاء في إجابة المدعى عليه وإقراره بدعوى المدعي العام لذا فقد ثبت لدي إدانة المدعى عليه بحيازة قطعة من الحشيش المخدر بلغ وزنها (1.3) جرما وثلاثة أعشار الجرام بقصد التعاطي وتعاطيه الحشيش المخدر وتستره على مصدر م ضبط المجرم شرعا ، ولعدم وجود سوابق على المدعى عليه وإقراره ولإظهاره الندم والتوبة ولقلة ما تم ضبطه معه ونوعيته لذا فقد رأيت النزول عن الحد الأدنى من المادة 41 من نظام مكافحة المخدرات استنادا للمادة 60من النظام نفسه وقررت ما يلي:أولا/ سجن المدعى عليه عشرون يوما من تاريخ دخوله السجن وفق المادة 41 من نظام مكافحة المخدرات ثانيا/ منع المدعى عليه من السفر خارج المملكة لمدة سنتين بعد تنفيذ عقوبة سجنه وفق المادة 56من نظام مكافحة المخدرات ثالثا/ جلد المدعى عليه ثمانين جلدة حداً لقاء تعاطيه الحشيش المخدر رابعا/ الاكتفاء بما ورد من عقوبة في البند الأول على تستره على مصدر ما ضبط معه لتداخل التعزيرات في الشريعة الإسلامية وبما قررت حكمت ………. )
أسباب الحكم
1- الدعوى والإجابة.
2- عدم وجود سوابق على المدعى عليه وإقراره ولإظهاره الندم والتوبة ولقلة ما تم ضبطه معه ونوعيته.
أسباب الاعتراض على الحكم
إن ديننا الإسلامي الحنيف تعامل مع الإنسان كونه مخلوق خطاء؛ لذا فقد فتح باب التوبة للمخطئين حيث يقول سبحانه وتعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) وفي الحديث: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون) أي أن الشرع الحنيف تعامل مع التوبة على أنها من موجبات حب الله ورسوله ومن منازل الخيرية ، وفي الحديث عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ ، وَالْعُكَّةَ مِنَ الْعَسَلِ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا يَتَقَاضَاهُ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِ هَذَا ثَمَنَ مَتَاعِهِ ، فَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَبْتَسِمَ وَيَأْمُرَ بِهِ فَيُعْطَى ، فَجِيءَ بِهِ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَلْعَنُوهُ ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ، و يُروى عن المسيح عليه السلام أن بغياً جاءت إليه، فجعل أصحابه ينظرون إليها باشمئزاز فقال: (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) ، بهذه المرونة العذبة والتسامح النموذجي يتعامل التشريع الرباني مع البشر وأخطائهم؛ لذا وتأسيساً على ما سبق فإن الحكم محل الاعتراض وإن كان قد قرر النزول عن الحد الأدنى للعقوبة المقررة بالمادة (41) من نظام الإجراءات الجزائية، وهذا بلا شك منحى مقدر ومحمود من فضيلتكم، إلا أن الحكم قد جانبه الصواب حين عاقبني حداً على جريمة لم أقر بها ولم تثبت يقيناً في حقي على الإطلاق ؛ لذا فإنني – مع كامل التقدير والاحترام لشريف علم وعدل فضيلتكم – اعترض عليه للأسباب الآتية:-
أولا) إن إقراري قد فهم على نحو خاطئ فيما يتعلق بالتعاطي السابق، وأن الرجوع في الإقرار يسقط الحد:-
حيث إنني رُغم إقراري بصحة ما ذكره الادعاء العام إلا أنني لم أتعاطى من الحشيش المضبوط في حيازتي، ولم أقر بتعاطيه في السابق وإنما اردتُ من قولي أمام فضيلتكم “بصك الحكم بند الإجابة” : (وأنا أتعاطى الحشيش) هو أن حيازتي لقطعة الحشيش المضبوطة معي كانت بغرض التعاطي وليس الإتجار، إلا أن كلامي المشار إليه على ما يبدو لم أصغه بالشكل الصحيح وبالتالي فُهم خطأً؛ حيث اعتبر أنه إقرار مني بالتعاطي في السابق وهذا يخالف الواقع والحقيقة لأنني لم اتعاطى الحشيش في السابق مطلقاً، فقط كنت حائز له لأول مرة بنية التعاطي. أي أن جريمتي تتمثل في الحيازة فقط أما التعاطي فلا يعدو كونه شروع لم يتم والشريعة الغراء لا تعاقب المذنب على مجرد النية دون اقتراف الذنب، وفي الحديث:(إِنّ الله كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ. ثُمّ بَيّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً … وَإِنْ هَمّ بِسَيّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمّ بِهَا فَعَمِلَهَا، كَتَبَهَا الله سَيّئَةً وَاحِدَةً). كما أن أهل العلم من الحنابلة والمالكية والشافعية وبعض الأحناف يرون أنَّ رجوع المقر عن إقراره في الحدود مقبولٌ مطلقاً سواء قبل الحكم أو بعده أو عند تنفيذه، فقد ورد في المغني لابن قدامة كتاب الأشربة فصل ” يثبت حد شرب الخمر بالإقرار والبينة” ما يلي: (ولا يجب الحد حتى يثبت شربه بأحد شيئين؛ الإقرار أو البينة …، وإذا رجع عن إقراره قبل رجوعه ; لأنه حد لله سبحانه، فقبل رجوعه عنه ، كسائر الحدود)إ.هـ.
وإن الهيئة العامة في المحكمة العليا أقرت مبدأين حول قبول رجوع المتهم عن اعترافه بحد قبل تنفيذ الحكم، المبدأ الأول يقضي بقبول رجوع من جاء تائباً مُقراً بجريمة حدية في الحق العام، وإن كان بعد صدور الحكم واكتسابه صفة القطعية. فيما استثنى المبدأ الثاني من قبول الرجوع متى ما صدر الإقرار القضائي مفصلاً من المكلف المختار بجريمة حدية في حق عام، وأيدته القرائن فلا يقبل الرجوع فيه، ما لم يظهر ما يؤيد صحة الرجوع .
ثانياً: إن الدعوى الجزائية العامة تنقضي بالتوبة:–
حيث إنني أوكد ما تكرم به فضيلتكم من إثبات توبتي وندمي كسبب من أسباب تخفيف الحكم ضدي، ويعلم الله وحده أنني توبت وندمت على ما فعلت وعزمت على ألا أرجع لمثلها أبداً، وحيث إن التوبة بشروطها المعتبرة شرعاً تعتبر أحد أسباب انقضاء العقوبة وذلك وفق نص المادة (22) من نظام الإجراءات الجزائية والتي تنص على: (تنقضي الدعوى الجزائية العامة في إحدى الحالات الآتية:1- ………. 2- ………. 3 – ما تكون التوبة فيه بضوابطها الشرعية مسقطة للعقوبة. 4- ………. ولا يمنع ذلك من الاستمرار في دعوى الحق الخاص.) إ.هـ. أي أن توبتي قد رتب عليها النظام انقضاء الدعوى الجزائية العامة وليس فقط تخفيف العقوبة ؛ لذا فإنني آمل من فضيلتكم استعمال أقصي دراجات الرأفة في حقي ابتغاء وجه الله سبحانه، فهذا أدعى في ستر ذلتي وإقالة عثرتي، لاسيما وأنا موظف لم تسجل ضدي أي سابقة من قبل، وتلك العقوبة قد تضر بمستقبلي الوظيفي، حيث إن الإبقاء على وظيفتي يعد تحفيزاً قوياً على الصبر والمثابرة على طريق الاستقامة والصلاح.
كما أود الإشارة لفضيلتكم أني العائل الوحيد لأسرتي ، وأن هذا الحكم قد يتسبب في فصلي من وظيفتي مما سيكون له الأثر الكبير على مستقبلي ، ومستقبل أسرتي ككل ، وقد مررت بظروف صعبة خلال الأيام الماضية ، بداية بوفاة شقيقي الأكبر قبل شهر بتاريخ ………. ، وقبلها وفاة والدي من سنتين ، وباقي أسرتي بنات لا راعي لهن غيري بعد الله عز وجل ، وعليه فإني ألتمس من فضيلتكم وضع هذه الأمور عين الاعتبار ، وأنتم أهل لذلك .
المطلوب:-
تكرم فضيلتكم بالإطلاع والقضاء بنقض الحكم محل الاعتراض عليه وإلغاء كافة العقوبات الواردة به والقضاء مجدداً بانقضاء الدعوى الجزائية العامة في حقي للتوبة وفق نص المادة (23/3) من نظام الإجراءات الجزائية.
وفضيلتكم الأهل للعمل بقول عمر رضي الله عنه إلى أبي مُوسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ
وفقكم الله ورعاكم وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المُدعى عليه أصالة/ ……….