السادة أصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء محكمة الاستئناف ………. سلمهم الله
أصحاب الفضيلة أعضاء الدائرة ………. بمحكمة العامة ………. سلمهم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: مُلحق لائحة اعتراضية على الصك الصادر برقم ………. وتاريخ ……….
الإشارة: الصك الصادر من قضاة الدائرة ………. بمحكمة ………. العامة كل من الشيخ / ………. – والشيخ / ………. – والشيخ / ……….
منطوق الحكم
أولاً:- صرف النظر عن طلب المدعى العام بقتل المدعى عليهم جميعاً بحد الحرابة.
ثانياً:- قتل المدعى عليه الثامن / ……….
ثالثاً:- يسجن كل واحد من المدعى عليهم الأول: ………. – والمدعى عليه الثالث: ………. – والمدعى عليه الرابع: ………. – والمدعى عليه الخامس: ………. والمدعى عليها السابعة: ………. ( لمدة ثمان سنوات) تحسب منها مدة إيقافهم على ذمة هذه القضية – ويجلد كل واحد منهم ( ألف جلدة ) موزعة على دفعات كل دفعة خمسون جلدة بينها عشرة أيام ……….
رابعاً:- يسجن المدعى عليه السادس/ ………. لمدة (ثلاث سنوات) تحسب منها مدة إيقافه على ذمة هذه القضية ويجلد ثلاثمائة جلدة موزعة ست دفعات كل دفعة خمسون جلدة بينها عشرة أيام
خامساً:- تسجن المدعى عليها الثانية / ………. لمدة (سنتين) تحسب منها مدة إيقافها على ذمة هذه القضية وتجلد ثلاثمائة جلدة موزعة على ست دفعات كل دفعة خمسون جلدة بينها عشرة أيام
سادساً:- تصادر السيارة النيسان داتسون موديل 2001 لوحة رقم (أ د ن 2537) والسيارة النيسان موديل عام 2005 لوحة رقم (أ ع ى 6825)
أسباب الحكم:-
1- الدعوى والإجابة.
2- اعترافات المدعى عليهم المصدقة شرعاً والتي تقوى بعضها بعضا.
3- ما قرره أهل العلم.
أسباب الاعتراض على الحكم
لما كان هذا الحكم الطعين قد جاء مشوباً بالخطأ في تكييف الواقعة وكذا الخطأ في الإسناد كما جاء فاسدا في الاستدلال فضلا عن عدم تناسب العقوبة مع حجم الجرائم المرتكبة فإن ورثة القتيل أولياء الدم يعترضون على هذا الحكم للأسباب السابقة, ونود أن نبين ذلك على نحو من التفصيل وفقا لما يلي:-
أولاً:- الخطأ في تكييف الواقعة وكذا الخطأ في الإسناد بالنسبة للمدعى عليهم الأول – الثالث – الرابع – الخامس وبيان ذلك على الوجه التالي:-
حيث أنه وبمطالعة صك الحكم والإقرارات – الخاصة بالمُدعى عليهم المذكورين أعلاه – المُصدقة شرعا بأوراق التحقيقات وكذلك بضبط الجلسات, نجد أن المحكمة قد أسندت إليهم بعض الأفعال الجرمية, ومنها (التصرف في الجثة وإخفائها وحرقها والتستر على جريمة القتل) إلا أن المحكمة قد غفلت عن إسناد جريمة الاشتراك في القتل لهم, وبالتالي فإنها لم تعاقبهم على ذلك, بالرغم من أن تلك الأفعال, والتي تتمثل في الاتفاق والتوافق والتحريض والإعانة على ارتكاب جريمة القتل – والتي أقروا هم بأنفسهم بها – تجعلهم – من دون أدنى شك – مشاركين في جريمة القتل, وهو ما يطلق عليه الفقهاء المشاركة بالتسبب, ومن ثم فإنهم يُصبحوا مستحقين لنفس العقوبة التي يستحقها القاتل المباشر وهذا ما اجتمع عليه جمهور أهل العلم.
ويتضح ذلك من خلال آراءهم وكذا الأدلة الشرعية التالية:
1- قال الدسوقي – المالكي – في حاشيته “إذ مع التمالؤ على القتل، يقتل الجميع، لا فرق بين أن تحصل مباشرة من الجميع، أو لا تحصل إلا من واحد” – وعبر بقوله يقتل (المتمالئون) على القتل، أو الضرب بأن قصد الجميع الضرب وحضروا، وإن لم يتوله إلا واحد منهم إذا كان غير الضارب لو لم يضرب غيره لضرب – كما جاء أيضا في ذات المرجع (وكالإمساك للقتل) أي أمسك شخصا ليقتله غير الممسك ولولا إمساكه له ما أدركه القاتل مع علمه بأنه قاصد قتله فقتله الطالب فيقتص منه لتسببه كما يقتص من القاتل لمباشرته، وكذا الدال الذي لولا دلالته ما قتل المدلول عليه قياسا على الممسك” (حاشية الدسوقي ج4 ص245).
والمعنى أن كل شريك اتفق بالتمالؤ مع غيره من الشركاء على ارتكاب الجريمة وجبت عليه المسؤولية الجنائية المترتبة على فعله الإجرامي الذي ارتكبه في الجريمة، دون التفرقة بين أنواع مشاركة الجناة في ارتكاب الجريمة، لكون إرادتهم تسعى لتحقيق النتيجة الجُرمية من اشتراكهم في الجريمة .
2- ما ذكره العلامة ………. المالكيفي المختصر حيث قال “وتقتل الجماعة بالواحد والمتمالئون ………. والمتسبب مع المباشر” إ.هـ
3- ما ورد في كتب الحنابلة, ومنها المبدع في شرح المقنع وكذا كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي, والذي ورد فيها ما يلي (وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله, قتل القاتل, بغير خلاف نعلمه, لأنه قتل من يكافئه عمدا بغير حق, “وحُبس الممُسك حتى يموت في إحدى الروايتين” نصره في “الشرح” وقدمه في “الفروع”, وجزم به في “الوجيز”, لما روى ابن عمر مرفوعا, قال “إذا أمسك الرجل وقتله الآخر, قُتل القاتل ويُحبس لذي أمسك” رواه الدار قطني, وروى الشافعي نحوه من قضاء علي – رضي الله عنه – ولانه حبسه إلى الموت, فيُحبس الآخر عن الطعام والشراب حتى يموت “والأخرى يقتل أيضا” اختارها ………., وقدمها في “الرعاية” وادعاه ………. إجماعا, لان قتله حصل بفعلهما كما لو جرحاه, لكن إن لم يعلم المُمسك أنه يقتله, إنه لا شيء عليه, وكذا الخلاف لو فتح واحد فمه وسقاه آخر سُما قاتلا فمات, وجزم في “الوجيز” بقتله, ومثله لو أمسكه ليقطع طرفه)إ.هـ (ينظر كتاب المبدع في شرح المقنع لقاضي القضاة بن مفلح المقدسي الحنبلي الجزء 7 ص 207،208 كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي جزء 5 ص519)
4- ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية, حيث سُئل رحمه الله عن رجلين قبض أحدهما على واحد والآخر ضربه فشلت يده؟ فأجاب قائلا “الحمد لله, هذا فيه نزاع, الأظهر أنه يجب على الاثنين القود إن وجب وإلا فالدية عليهما) إ.هـ
5- كما أن الرضا بالقتل هو نوع من أنواع المشاركة المعنوية, قال القرطبي (قوله تعالى: “فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام” قوله تعالى: “فعقروها” إنما عقرها بعضهم، وأضيف إلى الكل؛ لأنه كان برضا الباقين)إ.هـ, وقال النبي صلى الله عليه وسلم “إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها – وقال مرة أنكرها- كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها” إ.هـ, رواه أبو داود، وحسنه الألباني
وبناء على ما تقدم ذكره, فإننا نجد أن الفقهاء قد اعترفوا بمسؤولية المشارك في الجريمة, وإن كانت أقوالهم قد جاءت في صورة قيام الشريك بإمساك المجني عليه لتمكين الشريك المباشر, إلا أن هذه الصورة كانت إحدى صور الإعانة التي تصلح للقياس عليها, كما يترتب عليها المسؤولية الجنائية ومن ثم العقاب عليها كما جاء بأقوال الفقهاء بعالية, حيث ذكر المالكية أنه يجب القصاص والقود من الشريك المتسبب حتى ولو لم يحضر تنفيذ الجريمة وأيضا رتب المذهب الحنبلي عقوبة على الشريك المتسبب بأن تكون العقوبة القتل مثل الشريك المباشر في رواية وفي رواية أخرى تكون العقوبة الحبس مدى الحياة حتى الموت, وبالنظر إلى أفعال المدعى عليهم الأول والثالث والرابع والخامس نجد أنهم شركاء بالتسبب, مما يؤكد انطباق أقوال الفقهاء عليهم, فأحدهم قام بالاتصال على المجني عليه وطمأنه للمجيء بينما قام آخر بجلبه إلى المكان بسيارته, وتوالت مُشاركات الآخرين واتجهت نيتهم جميعا إلى إحداث النتيجة الإجرامية المقصودة, كما توافرت علاقة السببية بين تلك الأفعال التي قاموا بها وبين النتيجة الإجرامية المقصودة والتي خططوا لها ليل نهار وهي إزهاق روح المجني عليه
إلا أن المحكمة قد التفتت عن كافة تلك الأفعال الجرمية التي ترتب المسؤولية والعقوبة في حق الشركاء المذكورين ولم تسندها إليهم وقامت بتكييف الواقعة بحقهم واختصرتها في إخفاء الجثة وحرقها.
إذ أنه كان يتعين على المحكمة أن تسند لهم جريمة القتل بصفتهم شركاء بالتسبب وتعاقبهم عليها وفقا للعقوبات التي قررها أهل العلم وهي القتل كما بينا سابقا فضلا عن معاقبتهم عن الجرائم الشنعاء الأخرى والتي ارتكبوها بحق المجني عليها من التمثيل بالجثة وإحراقها في محرقة النفايات, والتي تلفظها الفطرة السوية القويمة.
وبالتالي فإن إغفال المحكمة والتفاتها عن إسناد جريمة القتل بالمشاركة للمدعى عليهم يجعل حكمها قد وقع في خطأ جسيم حيث أنه قد جاء مشوبا بالخطأ في تكييف الواقعة فضلا عن الخطأ في الإسناد مما يتعين معه نقضه وتصويبه بتكييف الوقائع حسب مقتضى الشرع والواقع والقضاء, وكذا بتعديل العقوبة من السجن إلى القتل وفقا لما قرره أهل العلم أو على أقل تقدير تقرير حبسهم مدى الحياة وفقا لما قرره المذهب الحنبلي.
ثانيا) الفساد في الاستدلال وبيان ذلك على النحو التالي:-
لقد وضحنا في البند الأول, أن المحكمة قد أغفلت إسناد جريمة القتل بالمشاركة بالتسبب, إلى المدعى عليهم المذكورين – والمقرر لها عقوبة مستقلة وهي القتل أو الحبس مدى الحياة حتى الموت كما قرر أهل العلم – وبالنظر إلى هذا الإغفال من المحكمة نجد أن هناك احتمالين أو سببين لهذا الإغفال, على النحو التالي:-
1- الاحتمال الأول: أن المحكمة قد أغفلت إسناد جريمة القتل, سهوا منها أو عن طريق الخطأ في تكييف الواقعة وإسنادها, ومن ثم نحيل الرد على ذلك وفق ما تم توضيحه في البند الأول وما تم سرده من أراء أهل العلم
2- الاحتمال الثاني: أن المحكمة, قد تعمدت عدم إسناد جريمة القتل بالمشاركة بالتسبب, إلى المدعى عليهم, مستدلة في ذلك بما ساقته من أراء بعض أهل العلم في حيثيات حكمها في الصك, ومنها, أنه جاء في المبدع شرح المقنع(وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه فالقاتل هو الثاني لأنه هو المفوت للنفس جزما)إ.هـ كما جاء في منتهى الإرادات (ويقتل العدد بالواحد أي ما فوق الواحد بواحد قتلوه إن صح فعل كل منهم للقتل به بأن كان فعل كل منهم لو انفرد لوجب به القصاص ……….) ولو صح أن المحكمة قد استندت إلى ذلك في عدم ترتيب المسؤولية على عاتق المذكورين, فإن حكمها – بلا أدنى شك – سيكون قد جانبه الصواب, وجاء فاسدا في الاستدلال, حيث أن مقصود كلام العلماء السابق – التي استندت إليه المحكمة في عدم القصاص على أفعالهم المشاركة – أن يكون ما فعله الشريك قد تم دون توافق أو تواطؤ مُسبق, وبمعنى أخر أنه يشترط لإعمال النصوص الواردة في الحيثيات, ألا يكون هناك اتفاق وقصد جنائي بين الشركاء على إحداث جريمة القتل, حتى يتم إعفائهم والنزول من عقوبة القصاص إلى عقوبة أخرى حسب طبيعة الفعل, أي أن ما أورده الفقهاء كان خاصا بحالة تعاقب الأفعال دون نية القتل (من الشريك المتسبب), أما لو كان هناك اتفاق على جريمة القتل واتجهت إرادتهم لإحداثها فإن عقوبتهم جميعا, تكون القصاص, حتى ولو لم يباشر القتل إلا واحد من الجماعة فقط.
وندلل على ذلك الفهم الذي خلصنا إليه, من خلال ما ورد في ذات المراجع ونفس أراء الفقهاء التي استندت إليهم المحكمة لإصدار حكمها, وذلك وفقا لما يلي:-
جاء في كتاب المبدع في شرح المقنع وكذا كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي, قوله (وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله, قُتل القاتل بغير خلاف نعلمه, لأنه قتل من يُكافئه عمدا بغير حق “وحُبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين” نصره في “الشرح” وقدمه في “الفروع” وجزم به في “الوجيز”, لما روى ابن عمر مرفوعا, قال “إذا أمسك الرجل وقتله الآخر, قتل القائل, ويُحبس الذي أمسك” رواه الدار قطني, وروى الشافعي نحوه من قضاء عليّ – رضي الله عنه – ولأنه حبسه إلى الموت فيُحبس الآخر عن الطعام والشراء حتى يموت “والأخرى يقتل أيضا” اختارها أبو محمد الجوزي, وقدمها في “الرعاية” وادعاه سليمان بن موسى إجماعا, لان قتله حصل بفعلهما كما لو جرحاه, لكن إن لم يعلم المُمسك أنه يقتله, إنه لا شيء عليه)إ.هـ
فضلا عن أن الجامع بين الشركاء في الجريمة الاتفاق المسبق بينهم على ارتكابها، وقصد تحققها في نفس كل واحد منهم، إلا أن من الشركاء من باشر الفعل الإجرامي للجريمة بنفسه، ومنهم من لا يباشر الفعل الإجرامي بنفسه بل يستعان به على إتمام ظهور الركن المادي للجريمة، ولو استعين به على مباشرته لأعان على ارتكابه ومن ثم فإن إقامة العقوبة على كل الشركاء المتمالئين على الجريمة يعود لتساويهم في الدافع الإجرامي الذي يبحث فيه كل شريك عن تحقيق النتيجة الجرمية، والتي قد يكون الشريك المتسبب في الجريمة ذو خطورة أكبر من الشريك المباشر لها، فاجتماع إقامة العقوبة عليهم سبيل لقطع دابر الإجرام ومحاولة الإفساد في ربوع المجتمع.
ومن ثم فإن ما ذهب إليه فقهاء الشافعية والحنابلة من عدم الجمع بين عقوبة المباشر للجريمة والمتسبب فيها, هو أمر موقوف على وجود ما ينفي علاقة السببية بين الفعل الإجرامي والنتيجة الإجرامية، وذلك تحقيقًا للعدالة في عدم المبالغة في إيقاع العقوبة على الجناة من خلال المساواة بينهم في العقوبة، أما إذا لم يوجد ما ينفي علاقة السببية بين الفعل الإجرامي وبين النتيجة الإجرامية فإن جميع الفقهاء – على اختلاف مذاهبهم – قد توافقوا على وجوب توقيع ذات العقوبة – التي تُوقع على الفاعل الأصلي – على الشريك في ارتكاب الجريمة.
ومن جميع ما تقدم, فإنه يتضح لنا, أن عدم إسناد المحكمة – إذا كان عن عمد – لجريمة القتل لباقي الجناة المُشاركين فيها, كان مبنيا على ما خلصت إليه من الأدلة الشرعية التي رددنا عليها أعلاه, فإن حكمها بلا شك, يكون مشوبا بعيب الفساد في الاستدلال مما يتعين نقضه وتصويبه حسب المقتضى الشرعي بتوقيع عقوبة القتل على المدعى عليهم المذكورين سابقا
ثالثا: التناقض بين حيثيات الحكم ومنطوقة وكذا القصور في التسبيب ويتجلى هذا التناقض في موضعين:-
1- الموضع الأول: حيث قررت الدائرة ثبوت جريمة القتل في حق المدعى عليهم عندما ذكرت في صك الحكم صــــــ22 ما نصه (ونظرا لأن ما قام به المدعى عليهم من قتل المجني عليه ………. وهو غافل آمن ثم محاولة إخفاء جثة في بئر ارتوازية وذلك بوضع الجثة في كيس زبالة أسود وربطها بسلك سيم ………. والذهاب به إلى المحرقة وإحراقه كما تحرق النفايات ……….)إ.هـ
إلا أنها بعد أن أثبتت القتل في حقهم, ما لبثت أن ناقضت ذلك في منطوق الحكم, حيث قررت معاقبتهم على جريمة إخفاء الجثة وحرقها والتستر على الجريمة فقط, وذلك بسجنهم ثمان سنوات, بدلا من إصدار الحكم بقتلهم استنادا إلى ثبوت جريمة القتل في حقهم, وهو ما أقرته الدائرة بنفسها حسبما تم التوضيح أعلاه, وعلى ضوء ذلك يكون هناك تناقض في الحكم فضلا عن القصور في التسبيب حيث لم توضح المحكمة ما هي الأسباب التي جعلتها تعكف وتتراجع عن تقرير عقوبة القتل بشأن المدعى عليهم الأول والثالث والرابع والخامس رغم اعترافهم بأنهم قاموا بالتخطيط والاتفاق على قتل المجني عليه وساهموا في ذلك فعلا بجلبة بالسيارة والاتصال عليه لطمأنته وبالتالي توافر جريمة القتل بالمشاركة بحقهم ومن ثم يتعين على أصحاب الفضيلة نقض هذا الحكم وتصويبه بما يتوافق مع المقتضى الشرعي.
2- الموضوع الثاني: قررت الدائرة ثبوت جريمة السرقة بشأن المدعى عليه السادس وكذا ثبوت جريمة التستر وإخفاء الجثة حيث جاء في صك الحكم صـ24 وقررت الدائرة ما نصه في منطوق الحكم (فقد ثبت لدينا قيام المدعى عليه الثامن ………. وقيام المدعى عليهم جميعا بالتصرف في الجثة وإخفائها وإحراقها والتستر على الجريمة وقيام المدعى عليه السادس بسرقة أموال المجني عليه عن طريق استخدام بطاقة الصراف الآلي الخاصة بالمجني عليه ……….) إلا أنها عكفت أيضا وتراجعت عن تقرير عقوبة السرقة المقررة شرعا في قوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ………. )في حق المدعى عليه السادس واكتفت بمعاقبته على جريمة التستر فقط رغم أنها أن الدائرة قررت ثبوت جريمة السرقة في حقه مما يجعل حكمها متناقضا مع بعضه البعض كما أن الدائرة لم تبين في حكمها سبب العكوف عن تقرير عقوبة السرقة الحدية رغم ثبوتها بإقرار المدعى عليه السادس مما يجعل حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب ولا ينفي القصور عن الحكم في التسبيب ما قد يثار من وجود شبهة في المال رغم عدم صحتها حيث أن المحكمة لم توضح ذلك فضلا على أن سقوط حد السرقة لوجود الشبه لا ينفي عن الجريمة تقرير عقوبة تعزيرية لها ومن ثم يتعين على أصحاب الفضيلة نقض الحكم وتصويبه وتقرير عقوبة السرقة الحدية بحق المدعى عليه السادس فضلا عن العقوبة التعزيرية بشأن الشنعاء المتمثلة بالتستر عن جريمة القتل وإخفاء الجثة وإحراقها.
وأخيرا, فإنه لا يخفى على فضيلتكم, أن ما ارتكبه المدعى عليهم من جريمة قتل والمشاركة فيه بالتسبب ثم التمثيل بالجثة بأبشع الصور تعد سابقة خطيرة في المجتمع الإسلامي وبالأخص في بلاد الحرمين مستقر أهل السنة والجماعة, لذا كان يتعين على أصحاب الفضيلة قطع دابر هذه الجريمة, منعا لتفشيها في المجتمع المسلم وذلك بتقرير عقوبة القتل, إلى جانب تقرير عقوبة تعزيرية مغلظة تتناسب مع الأفعال الشنعاء المتمثلة في حرق الجثة ونبشها في القبر عدة مرات وعدم مراعاة حرمة الميت وانتهاكها بصورة وحشية, عملا بقواعد الشريعة الإسلامية الغراء من حفظ الضروريات الخمس والتي اتفقت جميع الشرائع الإلهية السابقة على حفظها، وهي “حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال” كما اعتبر التعدي عليها جناية وجريمة تستلزم عقاباً مناسباً، يحقق الأمن، ويمنع الفساد والعدوان والظلم، وبحفظ هذه الضروريات يسعد المجتمع، ويطمئن كل فرد فيه, فقرر عقوبات دنيوية وأخروية لكل من يعتدي على الأنفس قال الله تعالى )وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) وما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال “أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإشْرَاكُ بِالله، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَالَ: وَشَهَادَةُ الزُّورِ” متفق عليه.
كما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم “لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، إلا بِإحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِه، المفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ”
ولم يقرر الإسلام الحماية للنفس في حال الحياة فقط بل شملها حتى بعد الموت وخروج الروح وكرمها أعظم تكريم ومن ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال “إن كسر عظم الميت مثل كسر عظمه حياً” رواه أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجة
ومن جميع ما تقدم عرضه من أسباب الاعتراض على الحكم المشار إليه أعلاه وبيان أوجه العوار التي أصابته والتي أدت إلى التأثير في الحكم ومن ثم التأثير في العقوبة بتقرير عقوبة ضئيلة لا تتناسب مع الأفعال الجرمية الشنعاء والمستقبحة التي ارتكبها المدعى عليهم جميعا وبناء عليه نلتمس من فضيلتكم نقض الحكم وتعديله بما يتوافق مع صحيح الشرع والنظام والقضاء مجددا بالتالي:
الطلبات:-
1- التأكيد على عقوبة القتل حدا بالنسبة للمدعي الثامن ……….
2- القضاء مجددا بتقرير عقوبة القتل في حق المدعى عليهم الأول والثالث والرابع والخامس لاشتراكهم في قتل المجني عليه بالتسبب.
3- القضاء مجددا بتقرير عقوبة السرقة الحدية في حق المدعى عليه السادس.
4- مضاعفة العقوبة التعزيرية في حق المدعى عليهم جميعا لقاء تمثيلهم بالجثة بحرقها وإخفائها والتعدي على حرمة المتوفى وكذا التستر على الجريمة.
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدمه من المدعي بالحق الخاص/ ……….