صاحب الفضيلة الشيخ/ ………. قاضي الدائرة ………. بالمحكمة العامة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على صك الحكم رقم ………. بتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم ………. بتاريخ ………. ، المقامة من ………. (المدعية) ضد وقف ………. (المدعى عليهم).
منطوق الحكم:
فقد صرفت النظر عن دعوى المدعي، وأخليت سبيل المدعى عليه منها، وجرى النطق بالحكم، وإعلانه حالًا ………. إلى آخره.
أسباب الحكم:
1- أن الأصل عدم دخول هذه الفتحة محل النزاع.
2- أن المدعي لم يحضر البينة على دخول هذه الفتحة في العقد، وتعذر عليه ذلك.
3- أن النزاع كان قائمًا مع مورث المدعى عليهم في حياته.
4- أن المدعي قد استمر في الانتفاع من العقار، ودفع أجرته دون انتفاعه من هذه الفتحة من تاريخ العقد حتى الآن.
5- أنه قد مضى على العقد أكثر من ثمان سنوات، وقد صدر في ذلك حكم من الدائرة الخامسة بإلزامه بذلك.
أسباب الاعتراض على الحكم:
أولًا: الخطأ في التسبيب والاستدلال:
1- ثبوت أن المحل المتنازع عليه ضمن عقد الإيجار، لأن الأصل هو اعتماد العقد المبرم بين الطرفين:
إن فضيلة مصدر الحكم بنى حكمه المعترض عليه مرتكزًا على ما أورده في أسبابه بما نصه: “ونظرًا أن الأصل عدم دخول هذه الفتحة محل النزاع“. وهذا الاستدلال في غير محله، ولا أساس له؛ لأن فضيلته اعتبر أن عدم دخول الفتحة (المحل) هو الأصل على الرغم من مخالفة ذلك للواقع، فعلى النقيض مما قرره فضيلته، فالأصل أن هذه الفتحة داخلة ضمن عقد الإيجار، وعلى من يدعي خلاف ذلك الإثبات، ويؤكد ذلك أن العقد المبرم بين الطرفين قد تضمن ما نصه: “استأجر الطرف الثاني (جميع السوق) رقم (2) بالمبنى رقم (2)” والدور العلوي ………. “حرف يو” ما عدا درعة والنهدي”. فالعقد لم يستثن سوى محلين تحديدًا، وهما المذكورين فيه “درعة، والنهدي” ولو أن الاتفاق على أن هذا المحل القائم النزاع بشأنه مستثنى من العقد؛ لاتفق الطرفان على ذلك في العقد، أسوة بالمحلين المذكورين، لكن فضيلته اعتبر أن الأصل عدم دخول الفتحة محل النزاع على الرغم من أن الأصل دخولها لشمولية العقد، ولوضوح عبارته باستئجار جميع السوق، وما استثنى منه، ورد النص عليه تحديدًا؛ بل إن ما يؤكد أن الأصل أن هذا المحل ضمن العقد؛ ما ورد في تقرير الخبراء، فقد جاء فيه نصًا أنه: “جرى وقوفنا على موقع النزاع، يرافقنا وكلاً أطراف الدعوى، وتمت المشاهدة والمعاينة من واقع الطبيعة، وجرى مطابقة العقد على الطبيعة، وقد وجدنا البوفيه محل النزاع؛ تقع بين العقار المأجور والعقارات المستثناه في العقد ………. ” فقد أكد تقرير الخبراء بذلك أن المحل القائم النزاع بشأنه؛ يقع ضمن العقارات المستأجرة، فإن كان المحل يقع بين المستأجر والمستثنى، وليس ضمن المستثنى، والعقد يشمل المحلات كاملةً باستثناء المحلين المشار إليهما أعلاه، فإن النتيجة الحتمية لذلك؛ هو وقوعه ضمن المستأجر، ولا يغير من ذلك استناد المدعى عليهم إلى أن الاتفاق كان على استئجار عدد (28) فتحة، لأنه لو قمنا بتقسيم وإغلاق ما بين الأعمدة؛ فإن عدد الفتحات والمحلات المطلة على الساحة حرف (U) المشار إليه في العقد ستكون (22) فتحة فقط؛ مما يؤكد عدم جواز التعويل على عدد الفتحات، أو اعتبارها معيارًا لعقد الإيجار، لأن العقد واضح بشموليته المحلات، ما عدا ما استثنى منها صراحةً؛ كما يؤكد ذلك أن الأصل هو أن المحل القائم النزاع بشأنه ضمن عقد الإيجار، والعقد هو الأصل، ولا يجوز مخالفته ولا أثر لقول المدعى عليهم مع وجود العقد، فقد جاء في المبدأ القضائي رقم (31) ما نصه: “الأصل اعتماد العقد المعترف به من قبل الطرفين، وهو الفصل بينهما، ولا حاجة معه إلى قول أحد، وإلزام أحد الطرفين بشيء خلاف العقد؛ عدوان عليه”. مما يؤكد بأن الأصل هو ما ورد في العقد، وأن الأصل هو أن المحل القائم النزاع بشأنه داخل ضمن عقد الإيجار، ولأن الإثبات مقدم على النفي، وهو الأصل، وعلى من يدعي خلاف الأصل إثبات ذلك.
2- ثبوت أن المحل داخل ضمن المحلات المستأجرة بموجب عقد الإيجار، ومن واقع تقرير هيئة الخبراء:
استند فضيلة ناظر الدعوى في أسباب حكمه المعترض عليه إلى أنه: “ونظرًا أن المدعي لم يحضر البينة على دخول هذه الفتحة في العقد، وتعذر عليه ذلك، وأن النزاع كان قائمًا مع مورث المدعى عليهم في حياته“. وهذا الاستدلال غير صحيح، ولا يمكن الاستناد إليه، لأن موكلي قدم البينة الصحيحة القاطعة بأحقيته في المحل القائم النزاع بشأنه، وأنه داخل ضمن العقد، المتمثلة في عقد الإيجار، المبين فيه صراحةً شمولية الإيجار لكافة المحلات، إلا ما استثنى منها، وأي بينة أقوى من العقد حتى يقرر فضيلته عدم وجود بينة، بل إن ثمة بينة تجزم بأحقية موكلي في المحل، فالتقرير سالف البيان، الصادر عن الخبراء يعد بينة على صحة العقد، فقد جاء متوافقًا مع العقد، ومتضمنًا أن المحل يقع بين المحلات المستأجرة والمستثناه؛ أي أن العقد يشمله، وإلا لكتب بالعقد أنه ضمن المستثناه. أما وأن ذلك لم يحدث؛ فإنه يبقى على الأصل، وهو الشمولية الواردة في العقد. أما استدلال فضيلته بأن النزاع كان قائمًا مع مورث المدعى عليهم في حياته، فهو على النقيض مما قرره فضيلته من اعتباره سببًا لصرف النظر عن الدعوى؛ فإنه يثبت صحة دعوى موكلي؛ لأن المورث كان على علم بعدم أحقيته في استقطاع المحل القائم النزاع بشأنه، إذ عرض الصلح على موكلي لإنهاء هذا الأمر، ولكن هذا الصلح لم يتم، بسبب مرضه في ذلك الوقت، وأنه لم يكن مستقرًا في المنطقة حتى تٌوفيّ رحمه الله، فمحاولة الصلح هذه من قبل المورث تدل على أنه كان على قناعة بأحقية موكلي في المحل، وأنه ضمن العين المؤجرة؛ والقول باعتبار أن النزاع كان قائمًا مع المورث يعد سببًا لصرف النظر عن الدعوى، هو قول في غير محله، ولا يصلح سببًا لذلك، لأن وجود النزاع في حياة المورث لا يعني عدم أحقية موكلي في المحل بأي حال من الأحوال.
3- أن الانتفاع بالعقار لا يدل على عدم أحقية موكلي في المحل المتنازع عليه:
استدل فضيلة مصدر الحكم لتسبيب حكمه المعترض عليه بما نصه: “ونظرًا أن المدعي قد استمر في الانتفاع من العقار، ودفع أجرته بدون انتفاعه من هذه الفتحة من تاريخ العقد حتى الآن، وقد مضى على العقد أكثر من ثمان سنوات، وقد صدر في ذلك حكم من الدائرة ………. بإلزامه بذلك“. وهذا التسبيب محل نظر، ولا يمكن الاستدلال به؛ لأن استمرار موكلي في الانتفاع بالعقار مضطرًا، لا يدل على قبوله عدم أحقيته في هذه الفتحة، ويؤكد ذلك أن محاولات الصلح فيما بين موكلي والمورث كانت بعد العقد مباشرةً، وبعد وفاته اضطر موكلي إلى إقامة هذه الدعوى، وكان ذلك بتاريخ ………. ، وقد تأخر الحكم طوال هذه المدة بسبب المدعى عليهم، ومماطلتهم، وعدم حضورهم للعديد من جلسات الدعوى، وكان من الجدير بفضيلته إصدار الحكم في الدعوى استنادًا إلى ما توجبه أحكام نظام المرافعات الشرعية، المتعقلة بالنكول عن الحضور، لكن فضيلته بدلًا من ذلك قرر أن موكلي انتفع بالعقار لمدة طويلة دون أن يأخذ بعين الاعتبار تاريخ إقامة الدعوى، وما سبقها من محاولات للصلح، بل إن أسباب الحكم تضمنت تناقضًا جليًا، إذ قرر فضيلته أن موكلي دفع أجرة العقار في إشارةٍ إلى قبوله للأمر الواقع، ثم في ذات الأسباب استند فضيلته إلى الحكم الصادر بإلزام موكلي بذلك، وهو ما يستنتج منه – خلافًا لما هو وارد في الأسباب- أن موكلي كان ممتنعًا عن دفع الأجرة بسبب اعتراضه على عدم تسلمه للمحل القائم النزاع بشأنه، فلو أنه قبل ذلك حسب ما ورد في الأسباب؛ لما امتنع عن دفع الأجرة، ولما صدر الحكم بإلزامه الأجرة، علاوةً على أن الحكم الصادر بإلزام موكلي الأجرة لا علاقة له بأحقية موكلي في المحل من عدمه، فهو قرر دفع الأجرة فحسب، بغض النظر عما يشمله العقد، وأفهم فضيلة مصدر الحكم موكلي بأن له تقديم دعوى مستقلة بدخول المحل في العقد، فلا يمكن الاستناد إليه باعتباره دليلًا على عدم أحقية موكلي في المحل، فلم يتطرق إلى هذا الأمر، وموضوعه يختلف عن موضوع الدعوى الماثلة، ولا علاقة لها به من قريب أو بعيد.
ثانيًا: الخطأ في تطبيق الأحكام النظامية:
1- أن فضيلته عدل عن تحليف المدعى عليهم دون إبداء أسباب على الإطلاق:
إن فضيلة ناظر الدعوى بعد أن قرر أن لموكلي يمين من يمثل الورثة، فطلب موكلي يمينهم، ولكنه بعد حضور ممثل المدعى عليهم لأداء اليمين؛ عدل عن ذلك، وقرر الرجوع عما رآه في الجلسة السابقة على تلك الجلسة من تحليف الورثة، مستندًا إلى المادة (103) من نظام المرافعات الشرعية، دون أن يبين فضيلته سبب الرجوع عن تحليف المدعى عليهم، ودون مسوغ شرعي، أو نظامي، وبالمخالفة لما استدل به فضيلته من المادة (103) المشار إليها، إذ تنص على أنه: “للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات، بشرط أن تبين أسباب العدول في الضبط..” لكن فضيلته عدل دون بيان أسباب العدول، وعلى الرغم من أحقية موكلي في تحليف المدعى عليهم، بل إن فضيلته قرر في أسباب حكمه المعترض عليه، عدم وجود بينة لدى موكلي على أحقيته في المحل، وإن افترضنا صحة ذلك، على الرغم من ثبوت عدم صحته، فلماذا لم يمنح موكلي حقه في الإثبات بيمين المدعى عليهم؟! في حين أنه قرر ذلك، قبل أن يعدل عنه دون بيان أسباب العدول، ودون أن ينكل المدعى عليهم عن اليمين، وكان يتعين على فضيلته استكمال الإجراءات المتعلقة بالإثبات، وتحليف المدعى عليهم، لا سيما وأن الدعوى طال أمدها بسبب امتناعهم عن الحضور، فضلًا عن تضرر موكلي من طول فترة التقاضي.
المطلوب :-
تكرم فضيلتكم بالاطلاع وإلغاء الحكم الصادر في الدعوى، والحكم بفسخ العقد، ورد الأجرة التي دفعها موكلي، وتعويضه عما تكبده من خسائر، بسبب إخلال المدعى عليهم بعقد الإيجار.
وفضيلتكم الأهل للعمل بقول الفاروق عمر بن الخطاب إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ………. “.
وفقكم الله ورعاكم وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكيل المدعي ……….