اعتراض علي صك حكم بطلان عقد بيع

فضيلة الشيخ/ ………. القاضي بالمحكمة العامة ………. وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

 

الموضــوع: لائحة اعتراضية على صك الحكم رقم ………. وتاريخ ……….

 الإشـــارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة منى أنا  “ ……….

 

نص الحكم

“بناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة وبناء على أن دعوى المدعى تتلخص في طلب فسخ بيع الأرض المباعة من قبل أخيه لصالح المدعى عليه وإزالة الطاحون من البئر لكون البائع غير مأذون له في بيعها وبناء على ما جاء في إجابة المدعى عليه ومصادقته على البيع و دفعه بأن الأرض اشتراها من مالك لها وخاصة به دونما شريك وأنكره المدعى وأقام المدعى عليه البينة وهى ورقة البيع المثبت فيها ما دفع به المدعى عليه لقوله عليه الصلاة والسلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ولما تقدم لذا فقد ثبت أن البيع الحاصل في الأرض محل الدعوى بيع صحيح ناجز وتقرر رد دعوى المدعى تجاه المدعى عليه وبه حكمت الدائرة حضوريا”

أسباب الحكم

1- الدعوى والإجابة.

2- بناء علي مصادقة المُدعى عليه على البيع ودفعه بأن الأرض اشتراها من مالك لها وتقديمه البينة علي ذلك.

 

أسباب الاعتراض على الحكم

أولا: عدم إدخال البائع على المُدعى عليه أو بقية الورثة في تلك الدعوى:-

حيث أنني أرى أنه كان يجب قبل إصدار الحكم محل الاعتراض عليه, أن يتم إدخال البائع على المُدعى عليه أو بقية الورثة في تلك الدعوى, لما في ذلك الأمر من أهمية بالغة لبيان وجه الحقيقة من دون شك, حيث أنني ذكرت في تحرير دعواي, أن هذه الأرض كانت في الأصل ملكا لوالدنا المُتوفى, وأن بقية الورثة قد تنازلوا عن نصيبهم فيها, فأصبحت مشاعا بيني وبين شقيقي “البائع على المُدعى عليه” وهو ما يبرز معه أهمية إدخاله في تلك الدعوى, إذ أن إدخاله, كان سيترتب عليه احتمالين لا ثالث لهما, الأول: وهو أن يثبت تملكه بمفرده لتلك الأرض مما يستوجب معه الحكم برد دعاوي, أما الاحتمال الثاني: وهو أن يثبت – من خلال استجواب البائع وبقية الورثة – أن هذه الأرض مشاعا بيني وبينه, وفي هذه الحالة, فإن تصرفه ببيع الأرض, ينتقل من تصرف المالك في ملكه الذي يملكه بمفرده وله حق التصرف فيه كيفما يشاء, إلى مما عرفه الفقهاء بتصرفات الفضولي, وهي تصرفات باطلة ما لم يتم إجازتها من المالك الحقيقي بإجماع أهل العلم, قال البهوتي في كتابه كشاف القناع عن متن الإقناع (باع مشاعا بينه وبين غيره بغير إذن شريكه كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما فيصح في نصيبه بقسطه وللمشتري الخيار إذا لم يكن عالما وله الأرش إن أمسك فيما ينقصه التفريق(إ.هـ , كما ورد أيضا في كتاب نهاية المحتاج (لو كانت الأرض مشتركة بين شخص وآخر فغرس فيها أو بنى بغير إذن شريكه فإنه يكلف القلع لتعديه بفعله لأن كل جزء مشترك بينهما فكان كالغاصب) إ.هـ, إضافة أيضا إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيــم بــن حــزام (لا تبـع مـا ليـس عنـدك)إ.هـ, وقد صدرت العديد من الاحكام القضائية في دعاوى مُماثلة, والتي قُضي فيها بإبطال البيع استنادا إلى عدم ملكية البائع للمبيع بعدما تم إدخاله في الدعوى رُغم أنه لم يكن خصما فيها من البداية, ومن ذلك, الحكم رقم ………. وتاريخ  ………. الصادر في الدعوى رقم ………. لعام ………. (مُرفق).

ومن جميع ما تقدم أعلاه, فإنه يتضح لنا أن مسألة التأكد من ملكية البائع للأرض المُباعة من عدمه, هي نقطة الخلاف الحقيقي والجوهري, التي كانت تحتاج إلى إجابة كافية ووافية عليها, ولن يتحقق ذلك سوى بإدخال البائع وبقية الورثة في تلك الدعوى, ولا يمكن في هذا الصدد, تبرير عدم إدخال البائع أو الورثة في تلك الدعوى, بعدم مطالبتي بذلك, حيث أن جهل مثلي بهذه الأمور القانونية هو الغالب والأرجح, كما أن المادة رقم  ………. من نظام المرافعات الشرعية قد نصت على أنه (للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم, أن تأمر بإدخال من كان في إدخاله مصلحة للعدالة أو إظهار للحقيقة)إ.هـ, وهو ما يتضح من خلاله إمكانية اتخاذ القاضي لقرار الإدخال دون الحاجة إلى تقديم طلب بذلك من الخصوم.

ثانيا) الخطأ في تطبيق القاعدة الشرعية المُستند إليها في إصدار ذلك الحكم:-

حيث أن الحكم محل الاعتراض عليه, قد صدر مُستندا إلى ما نصت عليه القاعدة الشرعية القائلة أن “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”إ.هـ, حيث اعتبر الحكم, أن الورقة المُقدمة من قبل المُدعى عليه مُثبتة لصحة ما ذكر, إلا إن الحكم قد تجاهل, أن البينة – وإن كانت هي إحدى وسائل الإثبات – إلا أن ذلك مقرونا بكونها – أي البينة – بينة حقيقية وموصلة لصحة الادعاء, وإلا فلا يمكن قبولها أو الأخذ بها, والمتأمل في البينة التي اعتمد عليها ذلك الحكم, يجد أنها قد خلت من تلك الشروط, وهو ما يؤكد عدم جواز الاستناد إليها في إصدار ذلك الحكم, وأود أن أتناول ذلك بمزيد من التفصيل على النحو التالي:-

1- أنه لم يتم التأكد من مدى صحة إصدار البائع لهذه الورقة من عدمه:-

حيث أن الحكم محل الاعتراض عليه, قد صدر مُستندا على ما تضمنته تلك الورقة في مضمونها بالرغم من أنه لم يتم التأكد فعلا, من أن البائع هو من قام فعلا بإصدار تلك الورقة, إذ كان يجب – بداهة – سؤاله شخصيا عن ذلك, وهو ما يقودنا – تلقائيا – إلى وجوب إدخال البائع في تلك الدعوى لما في ذلك من أثر عظيم لبيان وجه الحقيقة فيها, على النحو الموضح في البند (أولا) من تلك اللائحة.

2- أنه على فرض قيام البائع فعلا, بإصدار تلك الورقة, فإنها لا تصلح لاعتبارها دليلا على ملكيته للأرض:-

حيث أن هذه الورقة – وبفرض انه تم التأكد من صحة مضمونها وان البائع هو من قام بإصدارها فعلا – فإن ذلك لا يكفي لإثبات ملكية البائع للأرض محل المنازعة, إذ أن ما ورد في تلك الورقة لا يعدوا كونه إقرار من البائع بملكيته للأرض, في حين أن المستقر عليه فقها وقضاء, هو أن الإقرار حجة قاصرة على المُقر لا يتعداه إلى غيره, الأمر الذي يؤكد عدم كفاية تلك الورقة لإثبات تملك البائع للأرض, وكما أن الاستناد على هذه الورقة لإثبات تملك البائع لهذه الأرض, غير مقبول شرعا ونظاما حسب ما وضحنا أعلاه, فإنه كذلك, غير مقبول عقلا, وإلا لأصبح كتابة أي شخص كان, إقرارا على نفسه بأنه هو المالك الوحيد والفعلي لعقار ما, بمثابة صك ملكية يُسوّغ له القيام ببيع العقار على الآخرين في غفلة من الملاك الحقيقيين لذلك العقار, وهو ما يؤدي إلى أكل مال الناس بالباطل, قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل”.

 

المطلوب:-

تكرم فضيلتكم بالإطلاع والرجوع عن الحكم الصادر والحكم ببطلان عقد البيع المُوقع بين البائع والمُدعى عليه وإلزامه بإزالة الطاحون الذي وضعه في البئر, واحتياطيا: إدخال البائع وبقية الورثة في تلك الدعوى لبيان حقيقة تملكه لتلك الأرض منفردا من عدمه.

ولا شك أن فضيلتكم أهلا للعمل بقول عمر, إلى أبي موسى  رضي الله عنهما “أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ”.

 

وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم

الـمـدعــي أصالة/……….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *