فضيلة الشيخ الدكتور/ ………. القاضي بالدائرة ………. بالمحكمة الجزائية ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع: لائحة اعتراضية على الصك الصادر برقم ………. وتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. – المقامة من ………. ضد ……….
نص الحكم
(فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة : وحيث أنكر المدعى عليه ما جاء في دعوى المدعى العام ضده فلم تثبت لدى إدانته بما نسب إليه في دعوى المدعى العام إلا أن ما جاء في أوراق المعاملة من محضر تنفيذ المهمة والتقرير الكيميائي والصور الفوتوغرافية قرائن قوية توجب التهمة في حقه بما نسب إليه وكون الاعتداء على رجال الأمن وإطلاق النار في الهواء لمنعهم وتخويفهم من أداء عملهم ومحاولة سلب سلاح رجل الأمن تعد على أمن المجتمع وتهديد له لهذا ولما تقدم فقد حكمت المحكمة بما يلي : أولا: رد دعوى المدعى العام وطلبه إلزام المدعى عليه بإصلاح السيارة الرسمية وكذلك معاقبة المدعى عليه بموجب المادة 141/1 من نظام مكافحة المخدرات وكذلك منعه من السفر وإثبات قيادته للسيارة تحت تأثير المسكر ومعاقبته على ذلك بموجب النظام المشار إليه وذلك لعدم البينة القاطعة . ثانياً : تعزير المدعى عليه ………. بسجنه مدة سنة يحتسب منها مدة إيقافه سابقاً على ذمة هذه القضية وجلده مائة وعشرين جلدة موزعة على ثلاث دفعات كل دفعة أربعون سوطاً بين كل دفعة وأخرى مالا يقل عن أسبوع لقاء التهمة القوية في حقه بما نسب إليه في دعوى المدعى العام من هربه من رجال الأمن والاعتداء على أحدهم بالضرب ومحاولة سلب السلاح الشخصي منهم وصدم الدورية الأمنية وإدعاء صفة موظف عام وإطلاق النار بقصد التهديد، ثالثاً: تعزيره بسجنه مدة شهرين اعتبارا من انتهاء محكومية سجنه الفقرة ثانياً وجلده تسعاً وسبعين جلدة دفعة واحدة لقاء التهمة القوية في حقه بتعاطي الحبوب المحظورة والحشيش .
رابعاً: تعزيره بسجنه مدة خمسة أشهر اعتبارا من انتهاء محكومية سجنه الفقرة ثالثاً وجلده تسعاً وسبعين جلدة دفعة واحدة لقاء التهمة القوية في حقه بقيادة السيارة تحت تأثير المسكر وقد عرضت الحكم على الطرفين واستنادا على المادة 193 من نظام الإجراءات الجزائية واستثمارا لوقت القضية فقد أمرت بإخراج الصك الشرعي الآن وتسليم المدعى العام والمدعى عليه نسخة الحكم الآن وأفهمتهم أن لهم الاعتراض على الحكم ولهم مدة ثلاثين يوماً لتقديم لوائحهم الاعتراضية وفى حال لم يتقدم المعترض باعتراضه خلال المدة المذكورة فإنه يسقط حقه في طلب الاستئناف أو التدقيق ويكتسب الحكم القطعية استنادا للمادة 141 من اللوائح التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية ففهموا وأمرت بإخراج الصك الشرعي وسجله فوراً وتسليم كل واحد من أطراف القضية نسخة منه الآن وأخذ توقيعاتهم على الضبط بعد استلام نسخة الحكم الله الموفق وقد اختتمت الجلسة في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف وصلى الله وسلم على محمد حرر في ……….
أسباب الحكم
1- الدعوى والإجابة.
2- عدم وجود البينة القاطعة من قبل المدعى العام.
3- ما جاء بمحضر تنفيذ المهمة والصور الفوتوغرافية المرفقة.
4- ما جاء بالتقرير الطبي الأولي والنهائي.
5- ما جاء بالتقرير الكيميائي الشرعي.
أسباب الاعتراض على الحكم
أولا) أن تأسيس الحكم محل الاعتراض على الشبهة أو التهمة مع عدم ثبوت الإدانة في الأحكام التعزيرية، مخالف لقواعد الإجراءات الجزائية وبعض أقوال أهل العلم في هذا الشأن:-
حيث أنه بالإطلاع على صك الحكم محل الاعتراض عليه، نجد أن الدائرة قد قررت في حيثياته عدم ثبوت إدانة المدعى عليه كما ذكرت ذلك في البند (أولا) من منطوق الحكم وقررت رد دعوى المدعي العام، إلا أن الدائرة – بالرغم من ذلك – قد قامت بتعزير المدعى عليه بعقوبات بالغة الأثر في الاتهامات المسندة إليه حسب ما جاء في البنود (ثانيا وثالثا ورابعا) من منطوق الحكم، وهذا أمر مخالف لقواعد الإجراءات الجزائية وبعض أقوال أهل العلم في هذا الشأن.
حيث نص أهل العلم ، على أن ما قعد عن كونه بينة في باب التعزير – أي لم يصل إلى درجة اليقين أو غلبت الظن فهي شبهة لا يسوغ القضاء بها.
جاء في المغني لأبن قدامه (93/8) عن حديثه عن القضاء بالنكول في باب العقوبات حيث قال: (ولا يجوز أن يقضي فيه بالنكول الذي هو في نفسه شبهة لا يقضي به في شيء من الحدود ولا العقوبات، ما عدا الأموال) ، وحيث أن الشك لا يفسر إلا لصالح المتهم, فإن ذلك مؤداه عدم ثبوت الجزاء طالما لم تثبت الإدانة ، حيث أن الشبهة وإن كانت قوية لا تقوم محل اليقين، الذي يتمثل هنا في عدم ثبوت الإدانة.
كما قال ابن القيم في الطرق الحكمية: (العقوبة لا تسوغ إلا عند تحقق السبب الموجب ولا تسوغ بالشبهة بل سقوطها بالشبهة أقرب إلى قواعد الشريعة من ثبوتها بالشبهة)أ.هـ
وجاء في المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية على أنه (لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا بعد ثبوت إدانته في أمر محظور شرعا ونظاما)أ.هـ
وفي ضوء ما تقدم فإن (التهمة القوية) التي تقوم في أساسها العام على غلبة الظن يجب أن يكون على غلبة الظن ما يؤيدها، حتى يتم عقابه، حيث أن الأصل في الإنسان البراءة، ولا شك في أن تقرير مبدأ الحكم بالشبهة, فإن ذلك سيؤدي إلى النظر إلى كل إنسان بنظرة الاتهام ما لم يُثبت هو العكس, فيصبح الأصل في الإنسان هو الاتهام, وفي ذلك مخالفة واضحة لمقتضى ما نصت عليه القاعدة الشرعية من أن “الأصل براءة الذمة”إ.هـ وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لتوجيه الاتهامات للناس وتوقيع عقوبات عليها دون ضابط أو معيار محدد لهذه الشبهة
ثانيا: عدم وجود أدلة أو قرائن سائغة تقوي جانب التهمة في حق المدعى عليه، وكذا عدم تناسب العقوبة الواردة بالبند ثالثا ورابعا من منطوق الحكم، فضلا عن عدم الاختصاص بنظر مخالفة السير تحت تأثير المخدر:-
حيث أننا لو فرضنا جدلا – وهو ما لم نسلم به – بصحة الحكم الصادر على المُدعى عليه, لمجرد الشبهة أو التهمه فلا يمكن أن نسلم أن توجه التهمة، يكون جزافا دون دلائل سائغة ومنطقية، تأسيسا على أن التهمة القوية تقوم على غلبة الظن في المقام الأول، ويجب أن يكون على غلبة الظن ما يؤيده، حتى يتم تقرير العقوبة، وبمُطالعة أوراق الدعوى والبينات التي اعتمدت عليها الدائرة في الحكم بالتهمة القوية لم نجد فيها بينات سائغة تقوي جانب التهمة في حق المدعى عليه بل العكس من ذلك تم تقرير عقوبات على إدعاءات مسندة للمدعى عليه دون ثمة أي قرينة أو دليل سائغ مما يتعين معه القضاء بالبراءة القطعية في حق المدعى عليه، ونود أن نُوضح ذلك بمزيد من التفصيل على النحو التالي:
1- بالنسبة للعقوبة الواردة بالبند ثانيا من منطوق الحكم بتعزير المدعى عليه لقاء التهمة القوية في حقه بما نسب إليه في دعوى المدعى العام من (هروبه من رجال الأمن – والاعتداء على أحدهم بالضرب – ومحاولة سلب السلاح الشخصي منهم – وصدم الدورية الأمنية – وإدعاء صفة موظف عام – وإطلاق النار بقصد التهديد)
وبالإطلاع على أوراق الدعوى نجد أن النيابة العامة أسندت هذه الأفعال للمدعى عليه بموجب قرينتين وهما التقرير الطبي، وصور السيارة المصدومة وحكمت الدائرة أيضا بموجب هاتين القرينتين – المطعون فيهما كما سنبين لاحقا – على المُدعى عليه بثبوت معظم الاتهامات المسندة إليه، وبالافتراض جدلا، أن هاتين القرينتين قد يكونا مقبولتين في الاتهام بالضرب وصدم السيارة – وهو ما لا نقر بحدوثه أيضا – إلا أنهما غير مقبولتين على الإطلاق في بعض الأفعال الأخرى، التي تم إسنادها إلى المدعى عليه ونوضح ذلك بشيء من التفصيل التالي:
1-بالنسبة لاتهام المدعى عليه بانتحاله صفة موظف عام وكذا إطلاق النار بقصد التهديد ومعاقبته عليه تعزيرا:-
ما هي البينة التي استخلصتها المحكمة على صحة هذا الإدعاء أو تقوى جانب التهمة في حق المدعى عليه ؟؟؟ حيث أن النيابة العامة لم تقدم أي دليل أو قرينة تقوى جانب التهمة في حق المدعى عليه؟ وهو ما يتضح معه عدم وجود أي بينة أو قرينة – قوية كانت أو ضعيفة – لإثبات هذه التهمة بحق المُدعى عليه، بل على العكس من ذلك فإن ثمة قرينة قوية مُوجودة، تبرئ ساحة المدعى عليه من الاتهام، وتكمن هذه القرينة في عدم وجود مضبوطات للسلاح الذي تم استخدامه أو حتى الذخيرة الفارغة، وإلا لما توانى أفراد الدورية في تحريزه ولما توانى المُدعي بالحق العام في توجيه تهمة “حيازة سلاح بدون ترخيص” إلى المُدعى عليه، وهو ما يقطع تماما بثبوت براءة المدعى عليه مما نُسب إليه, وقد نصت المادة رقم (157) من نظام المرافعات الشرعية على انه (لكل من الخصوم أن يثبت ما يخالف القرينة التي استنتجها القاضي، وحينئذ تفقد القرينة قيمتها في الإثبات) إ.هـ
2-بالنسبة لاتهام المدعى عليه بمحاولة سلب السلاح الشخصي من أفراد الدورية : لم تقدم النيابة العامة أيضاً أي دليل أو قرينة قوية كانت أو ضعيفة تقوى جانب التهمة في حق المدعى عليه – فما هي البينة التي استندت عليها المحكمة في توجيه التهمة القوية – الإجابة لا يوجد – فضلاً على وجود قرينة قوية تقطع بثبوت براءة المدعى عليه وتتمثل في عدم معقولية تصور الواقعة كما جاءت بأوراق الدعوى فكيف لشخص واحد أن يقوم بمحاولة نزع أسلحة أفراد الدورية ورجمهم بالحجارة وهم مدججين بالسلاح والمدعى عليه يعلم أن لهم حق التعرض له في هذه الحالة بإيذاءٍ شديد قد يُؤدى به إلى التهلكة هذا أمر لا يتصوره عقل مما يتعين معه عدم العقاب.
3-بالنسبة لاتهام المدعى عليه بصدم الدورية الأمنية وهروبه من رجال الأمن:–
حيث اعتمدت المحكمة في توجه التهمة القوية على قرينة الصور الفوتوغرافية للسيارة المصدومة وهي قرينة غير سائغة عقلا أو منطق، حيث أن الصور دليل على حدوث حالة تصادم لسيارة الدورية, ولا يمكن لنا أن نتبين منها أن المُدعى عليه هو من تسبب في ذلك التصادم, كما قد عجز المُدعي بالحق العام على الإتيان بالبينة على صحة مزاعمه بان المُدعى عليه هو من سبب ذلك التصادم لسيارة الدورية, أما أن يتم افتراض ذلك من خلال الصور, فإن ذلك – من دون أدنى شك – غير مقبول شرعا, حيث أن القاعدة الشرعية قد نصت على أن “الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال فسد به الاستدلال”إ.هـ, وتجدر الإشارة إلى فضيلتكم أن حقيقة هذا التصادم تكمن في أن المدعى عليه كان سائقاً للسيارة في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل عائداً إلى منزله وسلك طريقاً بالخطأ فتبعه أحد أفراد الدورية بالسيارة حتى منزله واتصل بالدوريات وأثناء دخول فرد الدورية لحوش منزل المدعى عليه لم ير حجراً كبيراً، فرشق الحجر في بطن سيارة فرد الدورية وأحدث بها تلفيات من الأسفل، فطالبه فرد الدورية بإصلاحها فرفض المُدعى عليه في حينها، فكان ذلك نواة لاتهامه بكل هذه الاتهامات, حتى يقوم بتصليح سيارة فرد الأمن – وهو ما قام به لاحقا – رغم أن التلفيات كانت في بطن السيارة من الأسفل (في الشكمان) وهذا دليل على أن المدعى عليه لم يصدم السيارة حتى يقوم بالهروب من الدورية الأمنية, إذ أن تلفيات السيارة لم تكن من الأمام أو الخلف أو من أحد اتجاهات السيارة يميناً ويساراً ولكن التلفيات كانت ببطن السيارة بالشكمان مما يبطل هذا الإدعاء بالكلية ويبرئ ساحة المدعى عليه.
4-بالنسبة لاتهام المدعى عليه بالاعتداء بالضرب على أحد أفرد الدورية: اعتمدت المحكمة في توجه التهمة القوية على قرينة التقرير الطبي وهذه قرينة غير مقبولة وغير سائغة ونود أن نتناول توضيح ذلك من خلال النقطتين التاليتين:-
1-النقطة الأولى: أن التقرير الطبي دليل إصابة فقط، أي أنه مُعبر عن وجود إصابة ما في جسم المُصاب وليس دليل إدانة للمُدعى عليه ما لم يقر المُدعى عليه ذاته بالاعتداء على المُصاب, أو يُقدم المُصاب البينة المُوصلة شرعا لإثبات جُرم الاعتداء على المُدعى عليه، وقد أنكر المُدعى عليه الاعتداء على أعضاء الدورية, كما عجز المُدعي بالحق العام عن تقديم البينة المُوصلة لصحة قوله بالرغم من إمهاله لأكثر من عام ونصف ! ومن ثم تكون قرينة التقرير الطبي غير مؤثرة في الدعوى، لا سيّما وأن الكدمة في الكتف قد تنتج من أي فعل أخر غير الاعتداء فقد تكون عن طريق الاصطدام بأي شيء فيكون التصور مبني على احتمالات عديدة والقاعدة الشرعية قد نصت – كما ذكرنا أعلاه – على أن (الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال فسد به الاستدلال)إ.هـ ومعنى فساده في الاستدلال أن يطرح تماما ولا يعول عليه لا من قريب ولا من بعيد، ومن ثم يكون توجه التهمة القوية بحق المدعى عليه قائم على غير أساس مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهم من هذه الاتهامات الباطلة وفقا للقاعدة الشرعية (الأصل براءة الذمة)إ.هـ
2-النقطة الثانية: وجود ما يطعن في مدى صحة هذا التقرير الطبي, حيث صدر التقرير الطبي الأولي بتاريخ ………. ، متضمنا وجود كدمة في الكتف الأيمن وأن مدة الشفاء منها ثلاثة أيام، إلا أن اللافت في الأمر هو أن التقرير الطبي النهائي, الصادر بتاريخ ………. ، قد صدر أيضا, متضمنا وجود كدمة في الكتف الأيمن وأن مدة الشفاء ثلاثة أيام, بالرغم من مرور سبعة أيام كاملة بين كلا التقريرين, في حين أن مُدة الشفاء المُقدرة من قبل مُعدي التقرير الطبي الأولي هي ثلاثة أيام فقط, وهو ما يتضح معه صورية هذا التقارير الطبية وعدم جواز الاعتداد بها أو الاستناد عليها.
3-بالنسبة للعقوبة الواردة بالبند (ثالثا) من منطوق الحكم بتعزير المدعى عليه بسجنه مدة شهرين اعتبارا من انتهاء محكومية سجنه الفقرة ثانياً وجلده تسعاً وسبعين جلدة دفعة واحدة لقاء التهمة القوية في حقه بتعاطي الحبوب المحظورة والحشيش:
1-عدم تناسب العقوبة بموجب التهمة لتجاوزها العقوبة المقدرة شرعا لحد شرب الخمر في حال ثبوته: حيث أننا لو افترضنا جدلا عدم وجود قادح في قرينة التقرير الكيميائي للحكم بموجب التهمه – وهو ما لا نقر به – فمن غير المسوغ عقلا أن يتجاوز الحكم بالتعزير للعقوبة الحدية في حال ثبوتها لقوله تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها) ولا يخفى على فضيلتكم أن حد شرب الخمر حال ثبوته لأول مرة دائر بين (الجلد أربعين جلدة عند بعض أهل العلم – أو ثمانين جلدة عند البعض الأخر) والأرجح أنه أربعون جلدة حدا وتكملة الثمانون تكون تعزيرا حسب حال المتهم كما قرر بعض أهل العلم ولو ذهبنا إلى حدها الأقصى ثمانون جلدة – فإنه بمطالعة الحكم نجد أن الدائرة قررت عقاب المدعى عليه بموجب التهمه (تسعة وسبعون جلدة وسجن شهرين) ولاشك أن هذه العقوبة مغلظة وتزيد عن العقوبة الحدية فكيف يعاقب من لا تثبت إدانته بعقوبة أكبر ممن تثبت إدانته ولا يمكن التعلل بأن الدائرة قررت الجلد (79) جلده أي ينقص جلدة واحدة عن الحد الأقصى لعقوبة شارب الخمر حال ثبوتها كعقوبة تعزيرية حسب اجتهاد القاضي، وذلك لأن التجاوز هنا يكمن في التقرير بحبس المُدعى عليه لمُدة شهرين, كما تجدر الإشارة إلى أن الحكم بجلد المُدعى عليه (79) جلدة يُعد عقوبة مُغلظة في حقه, لا سيّما وأنه ليس لديه سوابق قضائية من أي نوع, ولا يوجد ما يؤكد اقترافه بجرم كبير حتى يُحكم عليه بهذه العقوبة مما يتعين معه إعادة النظر في هذا الحكم والقضاء ببراءة المدعى عليه أو على أقل تقدير وقف تنفيذها أو تخفيضها لعدم وجود سوابق جنائية لدى المدعى عليه.
بالنسبة للعقوبة الواردة بالبند رابعا من منطوق الحكم بتعزير المدعى عليه بسجنه مدة خمسة أشهر وجلده تسعاً وسبعين جلدة دفعة واحدة لقاء التهمة القوية في حقه بقيادة السيارة تحت تأثير المسكر:-
1- عدم اختصاص المحكمة مصدرة الحكم بنظر تلك المخالفة استناداً إلى ما نصت عليه الفقرة 67/1 من اللائحة التنفيذية لنظام المرور التي نصت على أنه (إلى حين مباشرة المحاكم المختصة مهامها تشكل لكل إدارة مرور هيئة أو أكثر تتولى الفصل في المنازعات والقضايا والمخالفات المرورية)، فضلا عن أن توقيع العقوبة يكون عن طرق الجهة المختصة وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم ………. وتاريخ ………. – وهذا ما استقرت عليه الأحكام المصدقة من الاستئناف بالمملكة ومن ذلك على سبيل المثال وليس الحصر
1- الصك رقم ………. وتاريخ ………. والمُصدق بموجب القرار رقم ………. وتاريخ ………. (مرفق رقم1)
2- الصك رقم ………. وتاريخ ………. والمُصدق بموجب القرار رقم ………. وتاريخ ………. (مُرفق رقم 2)
أننا إذا افترضنا جدلا أن المحكمة مُختصة بنظر تلك الدعوى, فإنه لا يوجد قرينة سائغة تقوي جانب التهمه في حق المدعى عليه:-
حيث أنه بمطالعة الأوراق لم نجد أن النيابة أو المحكمة أفصحت عن وجود بينة لإسناد هذا الاتهام ومن ثم العقاب عليه، ولا يمكن التعلل بأن هناك قرينة مستمدة من الحكم بموجب التهمة في تعاطي المواد المخدرة حيث أن ذلك مردود عليه بأنه لا يمكن، الاستناد إلى قرينة وجهت لها العديد من المطاعن التي تقدح فيها لإثبات جريمة أخرى، ولو فرضنا صحة الاستناد على هذه القرينة – وهو ما لم نسلم به – فالأمر لا يخلو من عدة احتمالات فمن المحتمل أن يكون المدعى عليه, قد تعاطي الحبوب المحظورة قبل قيادة السيارة بفترة زمنية طويلة، أو بعد واقعة الاصطدام المزعومة ومن ثم فإنه لا يكون تحت تأثير المخدر أثناء القيادة، وذلك لأن التقرير الكيميائي على فرض صحته لم يوضح نسبة إيجابية العينة – كما لم يوضح هل تم تناولها قريبا أم منذ فترة طويلة، لا سيّما وأنه من المعلوم أن مُدة بقاء أثر المواد المُخدرة في الجسم لا تقل عن أربعون يوما, حيث يذهب التأثير على العقل ويبقى الأثر في الجسم خلال هذه الفترة، لذا فإنه، وبافتراض صحة هذا التقرير الطبي – وهو ما لا نقر به – فإنه لا يجوز التعويل عليه أو الاستناد إليه لإثبات قيادة المُدعى عليه للسيارة تحت تأثير المُخدر، بناء على ما تم توضحيه أعلاه.
عدم تناسب العقوبة المقررة بالحكم لتجاوزها مقدار العقوبة النظامية في حال ثبوت الإدانة مع مراعاة عدم الإخلال بما جاء في الفقرات (أ- ب) من البند السابق وتمسكنا بما جاء به
حيث أنه بالإطلاع على نظام المرور وتعديلاته نجد أن عقوبة قيادة المركبة تحت تأثير المخدر هي الغرامة المالية التي يكون حدها الأدنى ………. ريال وحدها الأقصى ………. ريال، حيث نصت المادة (68) من نظام المرور والمعدلة بإضافة (ثلاث) فقرات جديدة تحمل الرقم (٥) و(٦) و(٧) بموجب المرسوم الملكي رقم: ………. وتاريخ: ………. ، وذلك على النحو الآتي (مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في نظام أخر يعاقب كل من يرتكب إحدى المخالفات الواردة بالجداول الملحقة بهذا النظام بما يأتي1- ………. 2- ………. 3- ………. 4- ………. 5- ………. 6- ………. 7- غرامة مالية لا تقل عن (………. ريال) ولا تزيد على (……….) ريال، مع حجز المركبة حتى إزالة المخالفة، وفقاً لجدول المخالفات رقم (٧) الملحق بهذا النظام “.- وبالإطلاع على الفقرة رقم (2) من جدول المخالفات رقم (7) المضاف بموجب المرسوم الملكي رقم : ………. وتاريخ : ………. نجدها كالتالي (قيادة المركبة تحت تأثير مسكر أو مخدر أو عقاقير طبية محذر عن القيادة تحت تأثيرها)، ومن خلال ما تقدم يتضح عدم تناسب العقوبة، حيث تم القضاء بتعزير المدعى عليه بسجنه مدة خمسة أشهر وجلده تسعاً وسبعين جلدة دفعة واحدة لقاء التهمة القوية في حقه بقيادة السيارة تحت تأثير المسكر، على الرغم من أن العقوبة المقررة نظاما حال ثبوت الإدانة بها هي الغرامة المالية، ولا يمكن التعلل بأن القضاء هنا بالتعزير وأن هذا الأمر فيه اجتهاد، بأنه لاجتهاد مع النص، بالإضافة إلى أن قبول هذا الحكم المغلظ يجعل المتهم الذي ثبتت إدانته في موقف أفضل من الذي لم تثبت إدانته وهذا ليس من قواعد العدالة، وعليه يتعين نقض الحكم وإعادة النظر فيه وفق لما تقتضيه قواعد العدالة التي هي أهم قواعد الشريعة الإسلامية الغراء، هذا بافتراض اختصاص المحكمة بنظر الدعوى من الأساس.
الطلبات:-
ومن جميع ما تقدم وحيث أن المدعى عليه ظل مسجونا منذ توقيفه لمدة عشرة أشهر وعليه نلتمس من فضيلتكم :
أصليا: صرف النظر والقضاء مجددا ببراءة المدعى عليه من الاتهامات المنسوبة إليه .
احتياطيا: أ- وقف تنفيذ عقوبة تعاطي الحبوب المحظورة لعدم وجود أي سابقة، فضلا عن عدم الحيازة، وعدم وجود قرينة سائغة, ب- تخفيض كافة العقوبات الواردة بالحكم محل الاعتراض وفقا لأسباب الاعتراض التي تم توضيحها تفصيليا بعالية .
وفضيلتكم أهلا للعمل بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ“.
وفقكم الله ورعاكم وعلى دروب الحق والرشاد سدد خطاك
المُدعى عليه/……….