اعتراض علي صك حكم عقوقه لوالدته والاعتداء عليها

فضيلة الشيخ/ ………. القاضي بالمحكمة الجزائية ………. وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

 

الموضــوع: لائحة اعتراضية على صك الحكم رقم ………. وتاريخ ……….

الإشـــارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة ضدي أن ” ………. ” من قبل  ……….

 

نص الحكم

“فبناءا علي ما تقدم من الدعوي والإجابة ولما قرره الطرفان وحيث صادق المدعي عليه علي دعوي المدعي العام بشربه للمسكر وحيازته والتستر علي مصدره وأنكر عقوقه لوالدته والاعتداء عليها , ولما ورد في أوراق المعاملة من محضر القبض والتقرير الطبي وبلاغ المجني عليها المشار إليه , وحيث أن كل ما ورد في أوراق المعاملة لا يرقي لإثبات إدانة المدعي عليه بما نسب إليه من عقوقه لوالدته والاعتداء عليها , إلا أن شكوى الوالدة علي ولدها خلافا لأصل الشفقة والرحمة المفطورة عليه عادة يعتبر لوث علي صحة دعواها عليه , وبه تتوجه التهمة إلي المدعي عليه بعقوقه لها والاعتداء عليها سيما وقد بين التقرير الطبي إصابات في والدته تقوي تلك القرينة , وحيث أن هذا الفعل محرم شرعا , فقد قال صلي الله عليه وسلم (كل مسكر خمر, وكل مسكر حرام) وحيث أن الاعتداء علي الوالدة من العقوق المنهي عنه فقد قال تعالي “وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ” واستنادا إلي المادة (161-162) من نظام الإجراءات الجزائية, وحيث أن المدعي عليه لا توجد عليه سوابق مما يجب مراعاته عند تقدير العقوبة سيما مع تنازل والدته عنه, ولذلك كله فقد ثبت لدي إدانة المدعي عليه/ ………. – بشرب المسكر وحيازة قارورة مسكر سعة لتر ونصف اللتر بها النصف من العرق المسكر بقصد الشرب والتستر علي مصدره , وصرفت النظر عن طلب المدعي العام بإثبات إدانته بالاعتداء بالضرب علي والدته والتسبب في إصابتها  لعدم توافر الأدلة الكافية لإثبات ذلك , ووجهت له التهمة بذلك وحكمت عليه بما يلي : 1- إقامة حد المسكر عليه وذلك بجلده ثمانين جلده دفعة واحدة لقاء شربه للمسكر 2- سجنه لمدة ثلاثة أشهر تحتسب منها مدة إيقافه في هذه القضية وجلده مائة وخمسين جلده مفرقة علي ثلاث دفعات مقدار كل دفعة خمسين جلده بين كل جلدة والتي تليها عشرة أيام لقاء حيازته للمسكر والتستر علي مصدره وللتهمة المتوجه إليه بالاعتداء بالضرب علي والدته والتسبب في إصابتها”

 

أسباب الحكم

1- إقرار المُدعى عليه بشرب المسكر وحيازته والتستر علي مصدره.

2- وجود التهمة لدى المُدعى عليه بالتعدي بالضرب علي والدته وعقوقها.

 

أسباب الاعتراض على الحكم

أولا) بشان جريمة التستر على مصدر الشراب المُسكر:-

1- عدم وجود أي بينة أو إقرار بشان ارتكابي لجريمة التستر على مصدر الشراب المُسكر:-

وأود أن أتناول ذلك, بمزيد من التفصيل على النحو التالي:-

2- عدم مُصادقتي على اتهام المُدعى بالحق العام لي, بشأن التستر على مصدر المُسكر, خلافا لما استند عليه الحكم:-

حيث أن فضيلة القاضي – مُصدر الحكم – قد استند في إثبات ارتكابي لجريمة التستر على مصدر الشراب المُسكر, على مُصادقتي المزعومة لما ورد في لائحة المُدعي بالحق العام, ويتضح ذلك من خلال ما ورد في منطوق الحكم والذي نص على ما يلي “وحيث صادق المُدعى عليه على دعوى المُدعي العام بشربه للمسكر وحيازته والتستر على مصدره ………. “إ.هـ, إلا أن اللافت في الأمر, هو أنني لم أصادق على الإطلاق أمام فضيلته, على ما ورد بدعوى المُدعي بالحق العام بشان التستر على مصدر الشراب المُسكر, حيث اقتصرت مُصادقتي على دعوى المُدعي بالحق العام, على ما ورد فيها بشان ارتكابي لجريمة شراب المسكر وحيازته, ويتضح ذلك جليا, من خلال ما ورد في صك الحكم ذاته, حيث ورد فيه “وبعرض دعوى المُدعي بالحق العام على المُدعى عليه أجاب قائلا: ما ذكره المُدعي العام في دعواه من شربي للمسكر وحيازتي له فصحيح, وأما ما ذكره من اعتدائي بالضرب على والدتي فغير صحيح“إ.هـ, وهو ما يتضح معه, خلو الإقرار – تماما وكليا – مما يتعلق بشان التستر على مصدر الشراب المُسكر, حيث لم يرد في إقراري أي شيء يخص ذلك,لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن, كيف استند فضيلته على إقراري بارتكاب جريمة التستر, لتقرير العقوبة عليّ فيما يتعلق بهذا الجُرم, بالرغم من عدم إقراري بذلك, وفقا لما يتضح أعلاه, كما لا يمكن لفضيلته أن يستنتج إقراري بذلك من تلقاء نفسه, إذ أنه – وكما هو معلوم – فإن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين, وفقا لما نصت عليه القاعدة الشرعية, وهو ما يؤكد بطلان توقيع العقوبة عليّ بشان ارتكابي لتلك التُهمة, لعدم وجود أي بينة أو إقرار بما يفيد ثبوتها بحقّي.

3- إدلائي بكل المعلومات المتوفرة لديّ بشان مصدر المُسكر, مما ينتفي معه أي معنى للتستر:-

حيث أنني قد أدليت بكل المعلومات المُتوفرة لديّ, بشأن الشخص الذي قمت بشراء الشراء المُسكر منه, حيث أنه قد ورد في هذا الصدد – وفقا لما هو وارد بلائحة الإدعاء العام المضبوط نصها في صك الحكم – ما يلي “وبسؤاله عن مصدر المسكر أفاد أنه حصل عليه من شخص إثيوبي في حي المثناة“إ.هـ, وهو ما يؤكد عدم قيامي بالتستر عليه على الإطلاق, وفقا لما ورد في إفادتي المُوضحة أعلاه, لذا- وبالنظر إلى معنى كلمة “التستر” حسبما وردت في المُعجم, وهو الإخفاء والحجب – فإن التساؤل الذي يثور في ذهني, هو: ما المعيار الذي اعتمد عليه فضيلة القاضي – مُصدر الحكم – لتقرير قيامي بالتستر على هذا الشخص؟! هل ثبت في نفس فضيلته أنني أخفي بشأن هذا الشخص معلومات أخرى غير تلك التي ذكرتها وأدليت بها طائعا مُختارا؟ إذ أن عبئ إثبات ذلك – طالما أنني لم أقر به – يقع على عاتق جهة الإدعاء, وفقا لما قررته القاعدة الشرعية التي نصت على أن “البينة على من أدعى واليمين على من أنكر”إ.هـ, إلا أن اللافت في الأمر, هو أن المُدعي بالحق العام, قد عجز عن الإتيان بأي بينة على صحة ما ذكره في هذا الصدد, كما لم يتم توجيه اليمين إليّ لنفي علمي بأي معلومات أخرى عن هذا الشخص, وبالرغم من ذلك فقد تم إثبات التهمة في حقي, وهو ما يتأكد معه, عدم شرعية أو نظامية ذلك, مما يستوجب معه براءتي من ارتكاب تلك التهمة.

 

ثانيا) بشأن اتهامي بالتعدي بالضرب على والدتي وعقوقها:-

1- عدم جواز الاستناد على القرينة التي خلص إليها فضيلة القاضي في إثبات تلك التهمة بحقي, نظرا لوجود ما يخالفها:-

حيث أن فضيلة القاضي – مُصدر الحكم – قد ثبت لديه, ارتكابي لتلك التهمة, استنادا على القرينة التي توفرّت لدى فضيلته في هذا الصدد, بعد قيام والدتي بالشكاية ضدي خلافا لما جُبلت عليه الأم من شفقة ورحمة, إلا أن تلك القرينة يوجد ما يخالفها, الأمر الذي يؤكد فقدانها – أي القرينة التي استند إليها فضيلة القاضي – لحجيتها في الإثبات, وذلك استنادا إلى ما نصت عليه المادة رقم (157) من نظام المرافعات الشرعية, والتي نصت على أنه “لكل من الخصوم أن يثبت ما يخالف القرينة التي استنتجها القاضي, وحينئذ تفقد القرينة قيمتها في الإثبات”إ.هـ, وتتمثل تلك القرينة المُتضادة مع ما خلص إليه فضيلته, في تاريخ التقرير الطبي المُستند إليه, والمُقدم من قبل والدتي, حيث أن تاريخ هذا التقرير هو ………., في حين أنه – وفي هذا الوقت – كان يوجد بالفعل دعوى أخرى منظورة لدى المحكمة, وموضوعها “إيذاء وعقوق أحد الوالدين” وهي الدعوى رقم  ………. وتاريخ  ………. مُرفق صك الحكم فيها“والتي ورد في جلستها التي عُقدت بتاريخ ………., على لسان والدتي, تحريرها للدعوى, حيث ذكرت – في مُعرض تحريرها لدعواها بحقي – ما نصه “إن ابني هذا الحاضر لا يستجيب لطلبي في إدخال إخوانه وورثة والده معه في صك المنزل الذي تم بناؤه بعد وفاة والده من مبلغ القرض العقاري وأطلب من المحكمة إلزامه بطاعتي وعدم مخالفتي”إ.هـ ووجه الدلالة من ذلك كله, أنه, وبالرغم من أن حادثة التعدي والضرب المزعومة – التي بُني عليها التقرير الطبي – كانت قبل تاريخ تحريرها لدعواها, وبالرغم من أن موضوع الدعوى بالأساس هو “عقوق أحد الوالدين” إلا أن والدتي لم تأت على ذكر أي شيء يخص التقرير الطبي, كما أنه لم يكن ثمّة صلح قد تم بيننا بعد, وهو ما يُعد قرينة في حد ذاته, على علمها بعدم صحة ما ورد في هذا التقرير الطبي, وأنني لم أتعد عليها بالضرب فعلا, وإلا لما تقاعست عن تقديم التقرير الطبي في الدعوى الأولى إثباتا لدعواها بحقي, لذا, وبالنظر إلى ما نصت عليه المادة رقم (157) الوارد نصها أعلاه, فإنه قد اتضح عدم جواز الاستناد إلى القرينة التي خلص إليها فضيلة القاضي والتي على إثرها ثبت لدى فضيلته اتهامي بارتكاب هذا الجرم, مما يستوجب معه الحكم ببراءتي من تلك التهمة.

2- أن الأحكام الجزائية لا تُبنى على الشك والتخمين, بل تُبنى على الجزم واليقين:-

حيث أن فضيلة القاضي قد أصدر حكمه, استنادا إلى الشك في ارتكابي لتلك الجريمة, بناء على توافر قرينة مُعينة – تناولت أعلاه ما يفيد عكسها ويؤكد عدم جواز الاستناد إليها – إلا أن فضيلته, قد تجاهل ما نصت عليه القاعدة الشرعية, من أن “الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين” إ.هـ, فلا يثبت حكم جزائي على مُتهم إلا ببينة مُوصلة أو إقرار المُتهم ذاته, وقد خلت كافة أوراق الدعوى من وجود الأمرين, فلا بينة مُوصلة قدمها المُدعي بالحق العام, بل على العكس من ذلك, فقد أقر المُدعي بالحق العام ذاته بعجزه عن الإتيان بأي بينة على صحة دعواه, وكذلك الأمر, فإنني لم أقر بصحة ما نُسب إليّ حيال ارتكابي لتلك التهمة, بل نفيتها جملة وتفصيلا حسبما يتضح من خلال صك الحكم محل الاعتراض عليه.

3- أن سبب تقدم والدتي بشكوى ضدي, يعود في الأصل إلى وجود خلافات بيننا على تقسيم الميراث:-

حيث أن فضيلة القاضي قد استند في حكمه – حسبما أشرت أعلاه – إلى وجود التهمة بحقيّ بشأن الاعتداء على والدتي, نظرا لقيامها بشكايتي خلافا لما جُبلت عليه الأم من شفقة, إلا أن فضيلته, لم يلتفت إلى السبب الرئيسي الذي دفع والدتي إلى شكايتي, وفقا لما هو مُوضح على لسانها في صك الحكم الصادر برقم ………. وتاريخ  ………. حيث ذكرت والدتي فيه, أن سبب الخلاف بيننا, يرجع إلى وجود بعض المشكلات المُتعلقة بالإرث, إضافة أيضا إلى وجود مشكلة أخرى تتعلق برفضي لزواجها من شخص آخر لا أعرفه بعد وفاة والدي, وهو ما يُعد قرينة على كيدية دعوى والدتي بحقي, وأنها تتعمد تقديم تلك الشكاوى كيديا ضدي لإثنائي عن رفضي والرضوخ لها في المشكلات العالقة بيننا, وما يؤكد ذلك أيضا, أنها ما تلبث أن تتصالح معي أو تتنازل عن الدعوى, وهو ما يؤكد كيدية دعواها بشان قيامي بالتعدي عليها بالضرب.

 

المطلوب:-

 ألتمس من فضيلتكم رد دعوى المُدعي العام بشان ارتكابي لجريمة التستر على مصدر الشراب المُسكر, وكذلك بشان اتهامي بالاعتداء على والدتي, لعدم ثبوتهما بحقي,

وفضيلتكم أهل للعمل بقول الفاروق عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ ” .    

 

 وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الـمـدعــي علـيـه أصالة/ ……….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.