اعتراض علي صك حكم مطالبة الدية

صاحب الفضيلة الشيخ/ ………. قاضي الدائرة ………. بالمحكمة العامة ……….وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

 

الموضوع : لائحة اعتراضية على صك الحكم الصادر برقم (……….) بتاريخ ……….

الإشارة : الدعوى رقم ………. بتاريخ ………. ، المقامة من  ………. (المدعي) ضد ………. (المدعى عليه).  

 

منطوق الحكم

لذلك كله فقد حكمت الدائرة القضائية السادسة بما يلي: ثبت لدي أن في ذمة المدعى عليه للمدعي أصالةً ووكالةً دية مورثهم مبلغ وقدره ………. ريال؛ دية قتل خطأ، وتقدير إصابات البنت لجين مبلغ وقدره ………. ريال، لكون الإجمالي حسب النسبة المقدرة على المدعى عليه ………. ريال، وألزمته بسدادها حالة دفعة واحدة ………. إلى آخره.

أسباب الحكم

1- الدعوى، والإجابة.

2- إقرار المدعى عليه بملكية البهيمة وإقراره بالنسبة عليه.

3- أن عدم قيام أصحاب الإبل والحيوانات بإبعادها عن الطريق يعد مخالفة نظامية.

4- ما جاء في إفادة الشاهد بأن صاحب الإبل كان بعيدًا منها، ولم يقم بحفظها عن الطريق.

5- ما جاء في قرار هيئة كبار العلماء رقم ………. في ……….

6- ما جاء في المادة ستين من نظام المرور بأن الحادث المروري موجب للمسؤولية إذا نتج عن الإهمال.

7- ما جاء في تقريرات محكمة التمييز التقرير رقم ………. رقم القرار ………. بأن صدم البهائم التي تعترض الطرق هدر.

8- ما قرره أهل العلم بأن من أطلق كلبًا عقورًا أو دابة رفوسًا، أو عضوضًا على الناس ضمن لتفريطه.

 

أسباب الاعتراض على الحكم

أولًا: أن التقرير الطبي المُستند عليه غير موضح فيه ما إذا كان تقريرا نهائيا أو أوليا:-

حيث أن التقرير الطبي الذي استندت إليه لجنة مُقدري الشجاج “مرفق” لا يتضح من خلال ما ورد في عنوانه أو مضمونه ما إذا كان تقريرا نهائيا أم تقريرا أوليا لحالة ابنة المُدعي المُصابة ” ………. ” ولا يخفى على مقام علم فضيلتكم أهمية بيان ذلك، لا سيّما وأن التقرير إذا كان أوليا فإنه لا يجوز التعويل عليه لتقدير ما به من شجاج وإصابات، وأن التقرير الذي ينبغي الاستناد عليه في مثل هذه المسائل لابد أن يكون تقرير طبي نهائي ليتفق والحالة الصحية النهائية للمُصاب من وجهة النظر الطبية، كما أن ذلك التقرير – الذي استندت عليه اللجنة – لم يوضح فيه أيضا مصير تلك الإصابات ومدى تحسنها مستقبلا وما إذا كانت المصابة ستبرأ منها براءة تامة أم غير ذلك، فلا شك أن ذلك كله ذو أهمية كبيرة في تقدير مبلغ الأرش والحكومات، فالإصابة التي ستسبب عجزا مؤقتا تختلف – في تقدير التعويض عنها – عن الإصابة التي سيخلف عنها عجزا دائما وتختلف كذلك عن الإصابة التي لن ينتج عنها أي عجز البتة.

 

ثانيا) الخطأ في حساب المبلغ المحكوم به عليّ نظير إصابات ابنة المُدعي:-

حيث أنه وبالإضافة إلى ما ذكرناه أعلاه، من أن فضيلة القاضي مُصدر الحكم قد وقع في خطأ ماديا في معرض حسابه للمبالغ المستحقة للمُدعي نظير التسبب في إصابة ابنته، فإنه حريا بنا أن نوضح أن فضيلته قد وقع أيضا في خطأ مزدوجا فيما يتعلق بتقرير المبلغ المحكوم به عليّ نظير هذه الإصابات التي ألمت بابنة المُدعية، وأود بيان ذلك كما يلي:-

1- أن المبلغ الصحيح المُستحق عن هذه الإصابات – في ضوء مجموع المبالغ الواردة في تقرير لجنة مقدري الشجاج – هو مبلغ وقدره ………. وذلك لكون المبلغ الإجمالي لمجموع المبالغ الواردة في تقرير اللجنة، هو مبلغ وقدره ………. ريال – كما أوضحت في البند ثانيا – وبالنظر إلى أن تقرير المرور قد حملني ما نسبته 75% من الخطأ، فإن ذلك مؤداه أن النسبة المذكورة من إجمالي المبلغ الوارد في التقدير تُعادل مبلغا وقدره ………. ريال، في حين أن فضيلته قد قضى بإلزامي بأداء مبلغ وقدره ………. ريال، وليس معنى ذلك أنني أقر بهذا المبلغ، وإنما أتناوله من باب بيان الخطأ إذ لا زلت على إصراري برفض ذلك التقدير لما سبق وسيلي بيانه أيضا.

2- لما كان الشرع قد نص على أحقية الأنثى المسلمة لنصف دية الرجل عن القتل الخطأ، وكان ذلك هو المعيار الذي قرر فضيلة القاضي استنادا عليه إلزامي بأداء مبلغ وقدره ………. كدية قتل خطأ عن وفاة زوجة المُدعي، فإنه كان حريا بفضيلته – قياسا على أحقية المرأة في نصف دية الرجل – أن يحكم بإلزامي بنصف المبلغ الإجمالي الوارد في تقرير لجنة الشجاج عن إصابات ابنة المُدعي، لا أن يتم الحكم بإجمالي المبلغ الوارد في ذلك التقرير، إذ أن الحكم بإجمالي مبلغ التقرير – دون مراعاة لأحقية المرأة في نصف دية الرجل فقط – قد أدى إلى تجاوز مقدار المبلغ المستحق للمُدعي نظير إصابات ابنته، للمبلغ المُستحق له نظير وفاة زوجته خطأ، وهو أمر غير مُتصور عقلا بالطبع.

 

رابعا) الخطأ في تسبيب الحكم والاستدلال بالآراء الفقهية:

1- عدم مسؤوليتي عن الحادث؛ لأن البهيمة المملوكة لي؛ متسببة، وليست مباشرة:

إن فضيلة مصدر الحكم بنى حكمه المعترض عليه مرتكزًا على ما أورده في أسبابه بما نصه: “وبما أن المدعي أصالةً، ووكالةً طالب المدعى عليه لكونه المالك للبهيمة المتسببة في الجناية في إتلاف النفس، ولحوق الإصابات الواردة في التقرير الطبي طالبه بالدية، وقيمة إصابات ابنته لجين، وبما أن المدعى عليه أقر بملكية البهيمة، وأقر بالنسبة عليه، وهي 75% ………. ولأن عدم قيام أصحاب الإبل بإبعادها عن الطرق يعد مخالفة نظامية ………. ولما جاء في إفادة الشاهد بأن صاحب الإبل كان بعيدًا منها، ولم يقم بحفظها عن الطريق ………. . وهذا التسبيب محل نظر، ولا يمكن البناء عليه، لأن مجرد ملكيتي للبهيمة؛ لا يعد سببًا لتحملي المسؤولية، ما لم يثبت تفريطي، فالقوة القاهرة الخارجة عن إرادة الإنسان؛ لا يمكن أن يتحمل مسؤوليتها، ويؤكد هذا المعنى ما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 71 (8/2) 1 إذ ورد في الفقرة (أ) من البند “ثانيًا” منه ما نصه: “ولا يعفى من هذه المسؤولية إلا في الحالات الآتية: إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان“، كما أن ما ورد بشأن ما تسببه البهائم من حوادث السير في الطرقات في ذات القرار؛ اشترط لمسؤولية أصحابها؛ أن يكونوا مقصرين في ضبطها، فقد ورد في البند ثالثًا أن: “ما تسببه البهائم من حوادث السير في الطرقات يضمن أربابها الأضرار التي تنجم عن فعلها، إن كانوا مقصرين في ضبطها”. ويتفق هذا المعني مع الأصل المستقر في الشريعة الإسلامية التي جعلت المسؤولية على المباشر، وليس على المتسبب، فالمقرر شرعًا أنه: إذا اجتمع متسبب، ومباشر؛ فالضمان على المباشر، فقد ورد في الذخيرة للقرافي أن: “المباشر ضامن، ولو لم يكن متعديًا” (8/259)، فالثابت أن المباشر هو قائد السيارة، والمتسبب هي البهيمة، ولو أن المباشر الذي هو السائق غير مسؤول؛ لما حمله المرور نسبة من الخطأ، والمسؤولية عن الحادث، مما يثبت أن المباشر هو الضامن، ويدل على ذلك أنه: “روي أن رجلًا كان يقود أعمى؛ فوقع في بئر؛ فخر البصير، ووقع الأعمى فوق البصير؛ فقتله؛ فقضى عمر رضي الله عنه بعقل البصير على الأعمى” (أخرجه الدارقطني في سننه) باعتبار أن الأعمى هو المباشر، والبئر هو المتسبب، فلو أن الضمان على المتسبب؛ لقضى عمر رضي الله عنه بالعقل على صاحب البئر، فالمتسبب لا يضمن إلا في حالة تعمده أو تعديه، وهو ما لم أقم به؛  فالحادث خارج عن إرادتي، ولم تكن البهيمة تحت يدي، و ما ورد في تسبيب الحكم من أن الإهمال هو إغفال الفاعل اتخاذ احتياط يوجب الحذر، ولو اتخذه لما وقعت النتيجة الضارة، فهو لا ينطبق عليّ، فالأمر كان خارج عن إرادتي، ولم أقصر في اتخاذ أية احتياطات، كما أن الشريعة الإسلامية؛ فرضت الضمان على المباشر؛ لأنه هو الأولى بأخذ الاحتياط، والحذر من المتسبب. وهو ما تقرره المبادئ القضائية التي جرى العمل بها؛ فقد ورد في المبدأ القضائي رقم (1060) ما نصه: “دعوى الورثة في المطالبة بدية مورثهم تتجه على السائق الذي صدم الجمل، وهو يسير في خط عام يمر بالمدن، والقرى، ومراعي المواشي؛ لأن المتعين عليه أخذ الحيطة، والحذر، وهو الذي باشر صدم الجمل، والمباشر ضامن، وإن لم يتعمد، لا سيما، وصاحب الجمل لم تكن يده عليه، ولم يثبت تفريطه، وتعديه، وإهماله لجمله”. فلم تكن يدي على الجمل، ولم يثبت تفريطي، ولم أتعدى. كما ورد في المبدأ القضائي رقم (1063) ما نصه: “المباشر للصدم ضامن“. مما يؤكد مسؤولية السائق لأنه هو المباشر.

2- الخطأ في إنزال النصوص الشرعية على الواقعة محل الدعوى:

استند فضيلة ناظر الدعوى في أسباب حكمه المعترض عليه إلى أنه: “ولما قرره أهل العلم: ومن أطلق كلبًا عقورًا أو دابة رفوسًا أو عضوضًا على الناس في طرقهم، ومصاطبهم، ورحابهم؛ فأتلفت مالًا أو نفسًا ضمن لتفريطه. انظر كشاف القناع 4/126 وقالوا أيضًا: أما إذا كان هو الذي أرسلها، وكان إرسالها إلى موضع يعد إرسالها إليه تعديًا، كما لو كان أرسلها في البلد، أو إلى ملك الغير، فإنه يضمن ما تفسده ليلًا أو نهارًا، وإن لم تكن يده عليها، لأنه في هذه الحالة يكون متعديًا في الإرسال، أنظر السرخسي، المبسوط 27/26 ………. وهذا التسبيب مخالف للواقعة محل الدعوى، ولا ينطبق عليها بأي حال من الأحوال؛ لأن البهيمة المتسببة في الحادث لم تكن عقورًا، أو رفوسًا، أو عضوضًا، ولم أطلقها على الناس في طرقاتهم، كما لم أرسلها إلى موضع الحادث حتى تنطبق عليها كل تلك الأحكام، وقد سبق ما ذكره فضيلته بشأن إطلاق الكلب العقور والدابة الرفوس في كشاف القناع ما نصه: “وما أتلفته البهيمة، آدميًا كان، أو مالًا، ولو صيد حرم فلا ضمان على صاحبها فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “العجماء جرحها جبار”، متفق عليه، أي هدر، إذا لم تكن يده عليها ………. “. ويؤكد ذلك ما ورد في أسباب الحكم المعترض عليه نصًا: “ولما جاء في تقريرات محكمة التمييز التقرير رقم ………. رقم القرار ………. بأن صدم البهائم التي تعترض الطرق هدر” فعلى النقيض مما استنتجه فضيلته من هذا التقرير، وجعله سببًا للحكم عليّ بالضمان ؛ فإنه يؤكد أنه لا ضمان عليّ، لأن معنى الهدر؛ هو عدم الضمان؛ مما يؤكد عدم صحة الأسباب التي بني عليها الحكم وهو ما يجعله مشوبًا بالبطلان من كافة الأوجه.

 

المطلوب:

نلتمس من فضيلتكم؛ إلغاء الحكم الصادر في الدعوى وردها، وإخلاء سبيلي منها؛ عملًا بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :“أَمَّا بَعْدُ لا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالأَمْسِ رَاجَعْتَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، لا يُبْطِلُ الْحَقَّ شَيْءٌ”.

 

وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المدعى عليه/ ……….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.