صاحب الفضيلة الشيخ/ ………. رئيس دائرة ………. بالمحكمة العامة ………. وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
الموضوع : لائحة اعتراضية على صك الحكم الصادر برقم ………. وتاريخ ……….
الإشارة: الدعوى رقم ………. وتاريخ ………. المقامة مني أنا المدعية/ ………. ضد المدعي عليه/ ……….
نص الحكم
فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة ولكون خروج المرأة في الأصل للضرورة وما ذكره الفقهاء من أن السفر يسقط الحضانة ودعوى إذن السفر لا تكون مطلقة وإنما محددة في بلدة معينة ولسبب معين فقد رددت دعوى المدعية وبه حكمت)
أسباب الحكم
1- الدعوى والإجابة.
2- كون خروج المرأة في الأصل للضرورة.
3- ما ذكره الفقهاء من أن السفر يسقط الحضانة.
4- دعوى إذن السفر لا تكون مطلقة وإنما محددة في بلدة معينة ولسبب معين.
أسباب الاعتراض على الحكم
حيث أنني مطلقة من المدعى عليه منذ تاريخ ………. وقد تصالحنا – بموجب ما نص عليه صك الطلاق – على أن تبقي معي حضانة ولدي منه، حيث أن الولد كان في حضانتي بالفعل كما انني كنت القائمة على إعالته منذ خروجي من منزل المُدعى عليه إلى منزل والدي قبل الطلاق بسنتين أي منذ سبع سنوات تقريبا، كل هذه الفترة الطويلة وأنا قائمة على حضانة ولدي وإعالته وحدي دون أبيه وبشكل كامل، وقد سبق أن تقدمت إلى المحكمة العامة بالقنفذة بطلب إثبات إعالتي لولدي زياد، وأن والده – المُدعى عليه – لا يتولى إعالته وقد صدر عن ذلك صك الإعالة رقم ………. وتاريخ ………. (مرفق رقم 1)، لذا وحيث أن المُدعى عليه قد تنصل من مسئوليته عن إعالة الابن مُلقيا بها على عاتقي، فقد دفعني ذلك إلى العمل في مشغل تجميل من أجل توفير نفقاتي ونفقات ولدي لأن العمل بالنسبة لي ضرورة قائمة حيث لا يوجد العائل الذي يكفيني نفقاتي ونفقات ابني المذكور، كوني مطلقة وأبو ابني في حالة يرسى لها، فهو شخص غير منضبط السلوك وقد قيدت ضده قضايا عقوق وقضايا تعاطي مخدرات وقد سجن على اثر بعضها بالفعل أكثر من مرة ، لذا فهو- أي المدعى عليه – غير مؤتمن على ولدي منه وأخشى على الابن من سلوكيات أبيه ، وحيث أن عملي يجبرني على السفر كثيرا لتحصيل الدورات الخاصة بالتأهيل والتطوير على المستوى العلمي والفني والتقني فيما يتعلق بطبيعة عملي، لذا فإنني في حاجة ماسة و ضرورية لاصطحاب ولدى كلما سافرت لاسيما مع صغر سنه وسلوكيات والده السابق بيانها، علاوة على أنني لا يمكن لي ترك عملي المشار إليه لأنني إن تركت العمل فلن أجد من يعولني أنا وولدي في ظل الظروف سابقة البيان، وبما أنني قد طلبت في دعواي الماثلة الإذن من فضيلتكم في سفر ولدي معي كلما اضطررت إلى السفر استنادا إلى ما سبق توضيحه من ضرورة العمل بالنسبة لي واضطراري للسفر وذلك لصغر سن ابني وسلوكيات والده الغير منضبطة ، إلا أنه قد صدر الصك الراهن برد دعواي مستندا للأسباب المشار إليها أعلاه والتي أرفضها جملة وتفصيلا ، لذا فإنني سأوجز مناقشة أسباب اعتراضي على الحكم وفقا للنقاط التالية:-
أولا) تسبيب الحكم:
حيث أن الأسباب الذي استند عليها هذا الحكم ليصدر بمثل ما ورد في منطوقه، قد شابها بعض القصور وهو ما سأعمل على توضيحه وفقا لما يلي من نقاط:-
1- السبب الأول: أن خروج المرأة في الأصل للضرورة:-
المناقشة:
بداية، فإنني أود لفت نظر فضيلتكم إلى أن خروج المرأة – دون السفر المشار إليه في الأحاديث النبوية الشريفة – أمر جائز ومباح شرعا وغير متعلق بحالة الضرورة أو وجود محرم حيث لا يوجد دليل واحد يوجب وجود محرم مع المرأة عند خروجها من المنزل إلا إذا كانت مسافرة، إذ أنه لا حرج على المرأة في الخروج لحوائجها وحدها إن أمنت الطريق، بشرط ألاَّ يكون خروجها هذا سفراً، فقد كان نساء الصحابة يمشين إلى المسجد ويأتين النبي صلى الله عليه وسلم يستفتينه، ولم يكن معهن محارم، كما في حديث خولة لما جاءت تسأل عن الظهار، كما ورد في صحيح مسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه – أنه قال (طُلِّقَتْ خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: “بَلَى، فَجُدِّى نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِى مَعْرُوفًا”) إ.هـ، هذا بالنسبة للنساء اللاتي هن غير مضطرين, فما بال فضيلتكم بحالتي وأنا في أشد الحاجة الضرورية لهذا العمل حيث أنني أقوم بالإنفاق علي طفلي منذ ما يقارب ثمانية أعوام ووالده لا ينفق عليه، أما إن كان خروجها للسفر فإنه يلزم أن يكون معها أحد محارمها لحديث الصحيحين:(لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)إ.هـ ، وما ورد من الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر، فقد قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث السابق: (واستدلوا به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهذا إجماع في غير الحج والعمرة، والخروج من دار الشرك) إ.هـ وعليه وحيث أنني أسافر وقت الاضطرار مع أحد محارمي وهو أخي : علي شامي علي محرقي الشاعري (مرفق رقم 2 صورة هويته)، لذا فإن استناد الحكم الصادر على كون المرأة لا تخرج إلا للضرورة، هو استناد غير مقبول لكون حاجتي للخروج ينطبق عليها بالفعل صفة الضرورة والمتمثلة في العمل لتأمين المعيشة لكوني أنا العائلة الوحيدة للطفل ولا ينفق عليه والده شيئا البتة، أما وإن كان يٌقصد بخروج المرأة سفرها، فهو أمر لا ينطبق على حالتي أيضا حيث أنني أخاف الله ولا أعصاه ولا أسافر إلا لضرورة ومعي أخي المذكور محرما لي
2- السبب الثاني: ما ذكره الفقهاء من أن السفر يسقط الحضانة:-
المناقشة:
إن اتفاق جمهور الفقهاء على أن سفر المرأة يُعد أحد مسقطات حضانتها لابنها، قد تقرر بناء على مصلحة الطفل، وليس بتوقيف من الشارع الحكيم على ذلك، واعتبار أن وجود الطفل مع أبيه – حال سفر الأم – هو الأمر الأصلح له، هذا بافتراض صلاحية الأب للحضانة أصلا، حيث قال ابن حزم رحمه الله في كتاب المحلى (10/146): (………. وأما قولنا سواء رحل الأب عن ذلك البلد أو لم يرحل فلأنه لم يأت نص قرآن، ولا سنة بسقوط حضانة الأم من أجل رحيل الأب فهو شرع باطل ممن قال به، وتخصيص للقرآن والسنن التي أوردنا، ومخالف لهما بالرأي الفاسد وسوء نظر للصغيرين وإضرار بهما، في تكليف الحل والترحال والإزالة عن الأم والجدة وهذا ظلم لا خفاء به، وجور لا شك فيه ……….) إ.هـ ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية (2/93): ( …وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها – البنت – في ذلك ضرر فلو قدر أن الأب عاجز عن حفظها وصيانتها أو يهمل حفظها لانشغاله عنها أو لقلة دينه والأم قائمة بحفظها وصيانتها فإنه تقدم الأم في هذه الحال فكل من قدمناه من الأبوين إنما تقدمه إذا حصل به مصلحتها واندفعت به مفسدتها فأما مع وجود فساد أمرها مع أحدهما فالآخر أولى به بلا ريب ……….) إ.هـ، كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه الشرح الممتع (13/542) ما يلي (الصحيح في هذه المسألة: أننا إذا علمنا أن الولد بحاجة إلى الأم، أو أن الوالد سيضر بالولد، فإنه بلا ريب الأم أحق بالحضانة من الأب انتهى)
وبناء على ذلك، فإنه إذا ثبت لدينا أن مصلحة الطفل الشرعية تتحقق حال وجوده مع أمه حتى وإن سافرت – كتلك الحالة التي نحن بصددها – فإن ذلك يُعد مُسوغا مقبولا شرعا للقضاء ببقاء المحضون في حضانة أمه، لا سيّما إذا كان أبيه غير منضبط السلوك ولا يأمن على الولد معه، مثل المُدعى عليه الذي يشتهر بسوء الخلق حتى مع والديه وتعاطي المسكرات وقد سبق سجنه لذلك عدة مرات، وقد نصت القاعدة الشرعية على أن (عماد الحضانة هو الأصلح للمحضون) إ.هـ كما اتفق الفقهاء على وجوب توافر شروط مُعينة في الحاضن وهي كما ورد في كتاب شرح الزركشي (6/31) والذي جاء فيه ما يلي (يشترط فيمن تثبت له الحضانة، الحرية والبلوغ والعقل والعدالة الظاهرة (الأمانة والخلق)) إ.هـ .
وحيث أن تلك الشروط لا تتوافر بحق الطرف الآخر – المُدعى عليه – فإن ذلك يستلزم عدم إعمال الرأي القائل بإسقاط الحضانة عن الأم حال سفرها، حيث أن هذا الرأي مبنيا بالأساس على أمرين هامين على النحو التالي:
1- الأمر الأول: صلاحية الأب للحضانة:
وهذا مردود عليه بان هذا الامر لا يتوافر فيما نحن بصدده، فالمُدعى عليه لا تتوافر فيه شروط الحضانة المُتفق عليه شرعا، لكونه سيء الخلق وقد تم سجنه عدة مرات بسبب قضايا عقوق وتعاطي مُسكر، وهو ما يؤكد عدم صلاحيته للحضانة البتة.
2- الأمر الثاني: المشقة التي سيتكبدها الحاضن في السفر والتي سيتكبدها المحضون بدوره:
وهذا الأمر مردود عليه بان فقدان الحاضن للحضانة إذا سافر بالمحضون مسافة قصر هو أمر محمول زمن الفقهاء القدامى، الذي لم يكن يتوفر فيه وسائل النقل والاتصالات الحديثة، وقد صدرت عدة أحكام قضائية متبنية لهذا الرأي، مُثبتة الحضانة للحاضن رغم سفره، ومن بين تلك الأحكام، الحكم رقم (……….) وتاريخ ………. (مُرفق رقم 3) والحكم رقم (……….) وتاريخ ………. (مُرفق رقم 4)
حيث أن علة الحكم هي مصلحة الطفل الشرعية وليست مجرد السفر، لاسيما وأن الرأي الشرعي المشار إليه مبني على إعمال نظر علمائنا الأجلاء وليس مبنيا على نصوص شرعية محكمة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة.
3- السبب الثالث: أن دعوى إذن السفر لا تكون مطلقة وإنما محددة في بلدة معينة ولسبب معين:-
المناقشة:
لا شك أن العبرة في الإذن بالسفر هي أن يراعى فيه مصلحة المحضون أولا، ثم مصلحة الحاضن بعد ذلك، وبناء على ما تقدم بيانه من أن مصلحة ابني الشرعية متحققة في سفره معي ، كونه في إعالتي وتحت رعايتي وأن أباه غير منضبط السلوك على النحو سابق البيان كما أنه – المُدعى عليه – لم يهتم يوما ما بتربية ابنه أو رعايته أو حتى مجرد النفقة عليه، علاوة على أن استمراري في عملي يعتبر بالنسبة لي ضرورة ملحة لانعدام العائل لي أنا وابني المذكور، وأن هذا العمل يتطلب سفري بشكل دوري إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للتدريب والتطوير العلمي والفني والتقني المتعلق بمجال عملي بمشاغل التجميل، الأمر الذي يصبح معه سفري معلوم الوجهة ومحدد السبب حيث أنني أطلب الإذن بسفر ولدي معي إلى دولة الإمارات بسبب أن عملي يتطلب مني ذلك وبشكل شبه دوري ولأنني محتاجة للعمل ولا يمكن لي التفريط فيه، فهو مصدر الدخل الوحيد المتاح لي حتى الآن لتغطية مصاريفي ونفقات ولدي على النحو سابق البيان، كما أنني حال سفري أكون في صحبة أحد محارمي وهو أخي علي المرفق هويته سابقا.
ثانيا) أن الأصل هو أحقية الأم في الحضانة ما لم تتزوج:-
حيث أنه قد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قوله (أنت أحق به ما لم تنكحي) إ.هـ، وهو ما يتضح معه أن القاعدة العامة التي يُصار إليها، هي أحقية الأم في حضانة المحضون، ولا يوجد على تلك القاعدة سوى استثناء واحد فقط، وهو أن تتزوج الأم من زوج آخر بعد طلاقها من والد المحضون، وهو ما يسلبها أحقيتها في حضانة المحضون، ويتضح من ذلك الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل من السفر بالمحضون سببا لفقدان الحق في حضانته، وإنما ذلك كان بناء على بعض الآراء الفقهية – والتي أوضحنا أسبابها ورددنا عليها تفصيلا أعلاه – فلا يخفى على فضيلتكم عدم توافر تلك الأسباب التي اتخذها الفقهاء معيارا للقول بفقدان الأم للحضانة حال سفرها، فالمشقة لم تعد موجودة من ناحية، ومن ناحية أخرى فغن الأب لا يصلح مطلقا لحضانة الابن، وهو ما يقودنا إلى وجوب الرجوع إلى القاعدة العامة التي نص عليها الحديث الشريف، وهي أحقية الأم في الحضانة طالما لم تتزوج.
المطلوب:-
آمل من فضيلتكم التكرم بالاطلاع وإعادة نظر الدعوى والقضاء فيها مجددا بما يلي :-
1- الإذن بسفر ابني (……….) معي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كلما دعت حاجة عملي السفر إليها .
وفضيلتكم الأهل للعمل بقول عمر رضي الله عنه إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: “ ………. ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء ………. “
وفقكم الله وسدد على دروب الخير خطاكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المدعية/ ……….